إذا مرت أمامي امرأة هل تبطل الصلاة؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود، قال عبد الله بن الصامت: يا أبا ذر: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال: الكلب الأسود شيطان} وروى أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس مرفوعا {يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض} فعلم من مجموع الروايتين أن هذا الحكم مقيد بحالة الحيض عند المرأة، والظاهر من سؤال الأخت أن ذلك كان في المسجد، ولا يتصور دخول الحائض إليه.
ثم إن جمهور العلماء من السلف والخلف ـ كما حكى ذلك النووي عنهم ـ ومنهم مالك والشافعي على أنه لا يبطل الصلاة مرور شيء، قال النووي: وتأول هؤلاء الحديث بأن المراد بالقطع نقص الأجر لشغل القلب بهذه الأشياء، وليس المراد إبطالها، ومنهم من ادعى النسخ بالحديث الآخر {لا يقطع الصلاة شيء وادرؤا ما استطعتم} قال: وهذا غير مرضي؛ لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع بين الأحاديث وتأويلها وعلمنا التاريخ وليس هاهنا تاريخ، ولا تعذر الجمع والتأويل، بل يتأول على ما ذكرناه، مع أن حديث {لا يقطع صلاة المرء شيء} ضعيف.
وبهذا يتبين أن الصلاة صحيحة إن شاء الله، وليس عليك إعادة والعلم عند الله تعالى.