أحكام الصلاة

استخدام مكبرات الصوت في أذان الجمعة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فالأذان الأول يوم الجمعة من السنن المشروعة التي تتابع عليها عمل المسلمين سلفاً وخلفاً، ولا يمكن وصفه بالبدعية أبداً، وذلك لأمرين: أولهما: أنه من عمل عثمان بن عفان رضي الله عنه  وهو أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم، ففي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور» رواه الترمذي. ثانيهما: أن الصحابة رضي الله عنهم قد أجمعوا على العمل بذلك في عهد عثمان من غير نكير، ثم أجمعت الأمة من بعدهم في سائر الأعصار والأمصار.

وصنيع عثمان رضي الله عنه جار على الهدي الراشدي المبارك الذي حصل به خير عظيم للأمة، من جنس ما فعله أبو بكر رضي الله عنه من جمع القرآن في مصحف واحد، ولم يكن ذلك على عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وما فعله عمر رضي الله عنه حين جمع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح بعدما كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلون أوزاعاً متفرقين، ويحصل بالأذان الأول يوم الجمعة مصلحة الناس من انتباههم لدخول وقت الجمعة وانتهائهم عن أعمالهم الدنيوية من بيع وشراء؛ عملاً بقول ربنا جل جلاله {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}

والذي أنصح به إخواني المسلمين ألا يجعلوا المساجد ساحات للخلاف والعراك، وأن يتقوا الله في إخوانهم ويسعوا لسؤال أهل العلم عملاً بقول ربنا سبحانه وتعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} ومن اقتنع منهم بشيء مخالف لما عليه جمهور المسلمين فما ينبغي له أن يفرضه على سائر الناس، بل عليه أن يحسن الظن بإخوانه ويعلم أن للخلاف مساغاً، وأسأل الله أن يهدينا جميعاً سواء السبيل.

وأما استعمال مكبر الصوت في الصلاة الجهرية فإنه جائز ولا حرج فيه، لما في ذلك من المصالح العظيمة كتذكير الناس بالصلاة وإسماعهم تلاوة القرآن في زمن كثر فيه التشويش واللغو وقلَّ فيه من يذكِّر بالله عز وجل؛ كما أن فيه إظهاراً لشعائر الإسلام؛ شريطة ألا يؤدي ذلك إلى أذية أهل المساجد الأخرى واختلاط أصوات الأئمة على المأمومين بما يذهب معه الخشوع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة) رواه أحمد.

هذا وإن بعض الناس يستصحب واقع بلاد معينة؛ تغلق فيها الأسواق وأماكن اللهو ساعة الصلاة، كما أن المساجد كثيرة ومتقاربة، وهذا كله قد لا يكون مطابقاً لما عليه الواقع في السودان مثلاً، وعليه فليس الاختلاف اختلاف حجة وبرهان، بل اختلاف زمان ومكان، والعلم عند الله تعالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى