الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فلا حرج في هذا العمل إن شاء الله؛ لأن فيه جملة من المصالح الشرعية التي ينبغي مراعاتها، ومن ذلك:
- التعاون على البر والتقوى، إذ المرء بطبعه يندفع في فعل الخير إذا وجد من يشجعه ويعينه عليه، ومن هنا كانت العبادات في شريعتنا جماعية غالبا
- إحياء السنة؛ لأن قليلاً من الناس في زماننا من يحافظ على سنة قيام الليل؛ لا أقول عامة الناس بل خاصتهم من طلبة العلم وغيرهم
- تعليم الناس هذه السنة العظيمة؛ فإن قليلاً من الناس من يعرف الكيفية المشروعة في قيام الليل، فلو اتخذ ذلك سبيلاً للتعليم لكان خيرا
وأما اختيارهم لليلة ما فليس لاعتقاد في فضلها بل من أجل موافقة الناس فيما ارتأوه من مصلحة تخصيصها لكون اليوم الذي يليها عطلة رسمية.
وهذا الأمر قد نص عليه أهل العلم المعروفون باتباع السنة، ومن ذلك ما نقله صاحب المدونة عن مالك رحمه الله تعالى قال (لا بأس أن يصلي القوم جماعة النافلة في ليل أو نهار، قال: وكذلك الرجل يجمع الصلاة النافلة بأهل بيته وغيرهم لا بأس بذلك) وقال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: قد سبق أن النوافل لا تُشرع الجماعة فيها إلا في العيدين والكسوفين والاستسقاء وكذا التراويح والوتر بعدها إذا قلنا بالأصح: إن الجماعة فيها أفضل، وأما باقي النوافل كالسنن الراتبة مع الفرائض والضحى والنوافل المطلقة فلا تُشرع فيها الجماعة, أي لا تُستحب, لكن لو صلاها جماعة جاز, ولا يقال: إنه مكروه، وقد نص الشافعي رحمه الله في مختصري البويطي والربيع على أنه لا بأس بالجماعة في النافلة ودليل جوازها جماعة أحاديث كثيرة في الصحيح منها حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه “أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه في بيته بعدما اشتد النهار ومعه أبو بكر رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فأشرت إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه فقام وصفَّنا خلفه ثم سلَّم وسلَّمنا حين سلَّم” رواه البخاري ومسلم. وثبتت الجماعة في النافلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس وأنس بن مالك وابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهم، وأحاديثهم كلها في الصحيحين إلا حديث حذيفة ففي مسلم فقط، والله أعلم. وقال ابن قدامة في المغني: (يجوز التطوع جماعة وفرادى، لأن النبي صلى الله عليه وسـلم فعل الأمرين كليهما، وكان أكثر تطوعه منفرداً، وصلى بحذيفة مرة، وبابن عباس مرة، وبأنس وأمه واليتيم مرة، وأمَّ أصحابه في بيت عتبان مرة، وأمهم في ليالي رمضان ثلاثاً، وكلها ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم).ا.هــــ وعليه فلا حرج فيما فعله هؤلاء الإخوة بالنظر إلى المصالح المذكورة آنفاً، وهم مأجورون إن شاء الله، والله تعالى أعلم.
مرتبط