العقيدة

عدد أسماء الله الحسنى

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسـلم “لله تسعة وتسعون اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر” وقد ذكر أهل العلم في شرح هذا الحديث فوائد:

أولها: أنه لا يراد بهذا العدد الحصر عند جمهور العلماء، بل المراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها، لا الإخبار بحصر الأسماء، قال الخطابي رحمه الله تعالى: هو بمنزلة قولك: إن لزيد ألف درهم أعدها للصدقة، وقولك: إن لعمرو مائة ثوب من زاره خلعها عليه، وهذا لا يدل على أنه ليس عنده من الدراهم أكثر من ألف درهم ولا من الثياب أكثر من مائة ثوب.ا.هـــ ويدل على صحة هذا التأويل الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسـلم كان يدعو فيقول “…أسألك بكل اسم هو لك سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك” وفي حديث عائشة “لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك”

ثانيها: في معنى قوله صلى الله عليه وسـلم “من أحصاها”:

  • قيل: أن يعدها حفظاً ويدعو ربه بها؛ كما في قوله سبحانه {وأحصى كل شيء عددا} واستدل لهذا المعنى الخطابي بقوله ـ في الرواية الأخرى ـ “من حفظها دخل الجنة”
  • وقيل: المراد بالإحصاء الإطاقة؛ كما في قوله سبحانه {علم أن لن تحصوه} أي لن تطيقوه، وكقول النبي صلى الله عليه وسـلم “استقيموا ولن تحصوا” أي لن تبلغوا كل الاستقامة؛ فيكون المعنى: أن يطيق الأسماء الحسنى ويحسن المراعاة لها، وأن يعمل بمقتضاها، وأن يعتبرها فيلزم نفسه بموجبها.
  • وقيل: الإحصاء بمعنى العقل والمعرفة فيكون معناه أن من عرفها وعقل معانيها وآمن بها دخل الجنة، وهو مأخوذ من الحصاة وهي العقل، تقول العرب: فلان ذو حصاة، أي ذو عقل ومعرفة بالأمور.

ثالثها: قوله صلى الله عليه وسـلم “وهو وتر يحب الوتر” الوتر هو الفرد، ومعناه في صفة الله تعالى الواحد الذي لا شريك له ولا نظير ولا شبيه، وجميع خلقه شفع خلقوا أزواجاً، قال سبحانه {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون}

وأما الحديث الذي رواه الإمام الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه في سرد أسماء الله الحسنى فقد ضعفه هو نفسه رحمه الله تعالى حيث قال: حديث غريب، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسـلم، ولا نعلم في كبير شيء من الروايات له إسناد صحيح ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث،  وقد روى آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد غير هذا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسـلم وذكر فيه الأسماء، وليس له إسناد صحيح.ا.هـــ

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصنعاني عن زهير أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك، أي أنهم جمعوها من القرآن، كما روي عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد العلوي، والله أعلم.ا.هـــ

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: الصحيح أنه _ أي العد – ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسـلم.ا.هــــ

وقال الصنعاني رحمه الله تعالى: اتفق الحفاظ من أئمة الحديث أن سردها إدراج من بعض الرواة.ا.هــــ

الخلاصة

أن أسماء الله الحسنى لا تنحصر في التسعة وتسعين اسماً، وأنه لم يرد في تعيينها وجمعها نص صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسـلم، بل الأمر محل اجتهاد حيث بذل العلماء رحمهم الله جهدهم في إحصائها من نصوص القرآن والسنة، ومن وفق إلى إحصاء تسعة  وتسعين اسماً منها نال من الأجر ما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسـلم، والله المستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى