الدعاء الجماعي بعد الصلوات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فلم يكن من سنة النبي صلى الله عليه وسـلم فعل ذلك، بل إنه أمر مُعاذاً رضي الله عنه بأن يدعو لنفسه دبر كل صلاة بأن يقول “اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك” ولو كان دعاء الإمام جهرة بعد الصلاة مستحباً لكان أولى الناس به رسول الله صلى الله عليه وسـلم، ثم إن هذا الفعل يتضمن جملة مفاسد:
أولها: مخالفة قول الله عز وجل {ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين}
ثانيها: التشويش على المسبوقين الذين قاموا بعد سلامه لإتمام صلاتهم
ثالثها: التشويش على من يختمون صلاتهم ولم يكملوا ـ بعدُ ـ الباقيات الصالحات
رابعها: أن بعض الناس قد يظن أن الصلاة لا تصح أو لا تكون تامة إلا إذا دعا الإمام
خامسها: أن أهل العلم قد أنكروا هذا الفعل ومنعوه؛ فقالوا: يكره دعاء الإمام جهراً للحاضرين بعد الفراغ من الصلاة؛ قال القرافي رحمه الله: كره مالك وجماعة لأئمة المساجد الدعاء عقب الصلوات المكتوبة جهراً للآخرين؛ فيجتمع للإمام التقديم وشرف كونه ينصب نفسه واسطة بين الله تعالى وبين عباده، فيوشك أن يعظم نفسه ويفسد قلبه ويعصي ربه أكثر مما يطيعه، وروى أن بعض الأئمة استأذن عمر بن الخطاب في ذلك فقال له: لا، لأني أخشى عليك أن تنتفخ حتى تصل إلى الثريا، قال القرافي: ويجري هذا المجرى كل من نصب نفسه للدعاء لغيره. وقال الشيخ زروق: ألف أبو إسحاق الشاطبي في إنكار الدعاء المعهود بعد الصلاة، ورام ابن عرفة وأصحابه الرد عليه؛ وحجتهم في ذلك ضعيفة. انظر: مدونة الفقه المالكي 1/434
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد 1/257 قال: وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة أو المأمومين، فلم يكن ذلك من هديه صلى الله عليه وسـلم أصلاً، ولا روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن، وأما تخصيص ذلك بصلاتي الفجر والعصر، فلم يفعل ذلك هو ولا أحد من خلفائه، ولا أرشد إليه أمته، وإنما هو استحسان رآه من رآه عوضاً من السنة، والله أعلم.
وعليه فالواجب على الإمام ألا يتخذ ذلك سنة دبر كل صلاة، والأولى له أن يعلم الناس الأدعية المأثورة ليدعو كل منهم بما تيسر، والعلم عند الله تعالى.