اضطراب الدورة الشهرية بسبب اللحمية
السؤال: مصابة باللحمية، والدورة كانت ستة أيام، ولكن بعد اللحمية صارت تأتي أياماً أكثر من ذلك، حتى تصل إلى ثلاثة عشر يوماً، وأحياناً عشرة أيام، ومرة كانت ستة عشر يوماً، يعني غير منتظمة، مع العلم أن كميتها تكون قليلة أحياناً وكثيرة في أحيان أخرى؛ أفيدوني هل أعتبرها استحاضة وأصلي وأصوم أم ماذا؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالمرأة قد تضطرب حيضتها لمرض يصيبها أو دواء تتناوله أو تقدم في عمرها أو غير ذلك من الأسباب التي تجعل دورتها غير منتظمة، ومهما يكن من أمر، فإن العلامة التي علق الشرع الأحكام عليها هي رؤية الدم؛ فمتى ما رأت المرأة الدم بعد انقضاء خمسة عشر يوماً على حيضتها السابقة فهي حائض تمتنع من الصلاة والصيام ويمتنع زوجها عن جماعها، وتبقى هذه الأحكام سارية حتى يحصل الطهر بانقطاع الدم ثم التطهر بالغسل؛ فإذا استمر الدم بعد انتهاء المدة المعتادة لها فهو حيض ما لم يجاوز أكثر مدة الحيض والتي هي خمسة عشر يوماً عند جمهور العلماء؛ فمتى ما زاد على ذلك فإنه استحاضة لا يترتب عليه شيء من أحكام الحيض سوى أنها تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلي بهذا الوضوء الفريضة وما شاءت من نوافل. لقول النبي صلى الله عليه وسـلم لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها حين قالت: إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي” رواه البخاري وفي رواية للجماعة إلا ابن ماجه: “فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي” زاد الترمذي في رواية وقال: “توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت”
قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: والأحاديث الصحيحة منها ما يقضي بأن الواجب عليها الرجوع إلى العمل بصفة الدم؛ كما في حديث فاطمة بنت أبي حبيش الآتي في الباب الذي بعد هذا- يعني قوله صلى الله عليه وسـلم لفاطمة “إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق” رواه أبو داود والنسائي – ومنها ما يقضي باعتبار العادة كما في أحاديث الباب ويمكن الجمع بأن المراد بقوله “أقبلت حيضتك” الحيضة التي تتميز بصفة الدم أو يكون المراد بقوله “إذا أقبلت الحيضة” في حق المعتادة والتمييز بصفة الدم في حق غيرها وينبغي أن يعلم أن معرفة إقبال الحيضة قد يكون بمعرفة العادة وقد يكون بمعرفة دم الحيض وقد يكون بمجموع الأمرين.ا.هــــ
وعليه فإذا كان للسائلة أيام معلومة تأتيها الحيضة خلالها في كل شهر فإنها تعول على تلك العادة وتعتبر ما زاد على ذلك استحاضة، فإذا لم يكن لها أيام معلومة فإنها تعول على التمييز باللون والرائحة إن أمكنها ذلك؛ وإلا عولت على انقطاع حال حدوثه ما لم يزد مجموع الأيام على خمسة عشر يوماً، والعلم عند الله تعالى.