زوج يسب الدين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فسبُّ دين الإسلام كفر بإجماع المسلمين؛ سواء أكان السابُّ جاداً أم هازلاً؛ لقوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وسواء في ذلك أن يكون السب سباً لله عز وجل أو لرسوله صلى الله عليه وسلم أو لواحد من الأنبياء المجمع على نبوتهم؛ أو لواحد من الملائكة المجمع على ملائكيتهم أو استهزاء بشعيرة من شعائر الدين؛ فهذا كله ردة – والعياذ بالله – وإن كان بعضها أفحش من بعض. وقد سئل الشيخ عليش المالكي رحمه الله تعالى: ما قولكم في رجل جرى على لسانه سب الدين من غير قصد، هل يكفر أو لا بد من القصد؟ فأجاب: نعم ارتد؛ لأن السب أشد من الاستخفاف، وقد نصوا على أنه ردة؛ فالسب ردة بالأولى. وفي المجموع: ولا يعذر بجهل وزلل لسان. انتهى من (فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك)
وقد ورد في السؤال أن هذا الشخص قد تكررت منه الردة حال سكره وحال وعيه؛ ثم إنه لا يقيم الصلاة المفروضة، وعليه فلا يجوز لهذه المرأة البقاء معه ولا استدامة النكاح على تلك الحال؛ ولا يجوز لها تمكينه من نفسها؛ وذلك لعموم قوله تعالى {لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} بل هذا النكاح ينفسخ على قول جمهور العلماء بتلك الردة؛ فإن تاب إلى الله توبة صحيحة في أثناء العدة فإنها تُردُّ إليه بالنكاح الأول؛ استدلالاً بقصة صفوان بن أمية رضي الله عنه؛ حيث نقل ابن القيم رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين عن الشافعي قوله: ثم رجع صفوان إلى مكة وهي دار الإسلام، وشهد حنيناً وهو كافر، ثم أسلم فاستقرت عنده امرأته بالنكاح الأول، وذلك أنه لم تنقض عدتها، وقد حفظ أهل العلم بالمغازي أن امرأة من الأنصار كانت عند رجل بمكة فأسلمت وهاجرت إلى المدينة؛ فقدم زوجها وهي في العدة، فاستقرا على النكاح الأول.ا.هــــــــــ أما إذا انقضت العدة دون أن يحدث توبة فإنها لا تحل له من بعد توبته إلا بعقد جديد.
وجمهور العلماء على أن من تكررت ردته فإنه تقبل توبته؛ لعموم قوله تعالى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} وقول النبي صلى الله عليه وسلم «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله؛ فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» رواه الشيخان.
لكن بعضهم صرح بأن من تكررت ردته فإنه يعزر بالضرب والحبس ولا يقتل. وذهب الحنابلة لعدم قبول توبة المرتد – قضاء – أما ديانة فالأمر إليه سبحانه؛ وذلك لعموم قوله جل جلاله {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} والله تعالى أعلم.