انحراف المسجد عن القبلة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فاستقبال القبلة شرط في صحة الصلاة بإجماع أهل العلم، لقول ربنا سبحانه )فول وجهك شطر المسجد الحرام( ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس بقباء إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلمقد أنزل عليه الليلة قرآن؛ وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها؛ وكانت وجوههم إلى الشام؛ فاستداروها إلى الكعبة} رواه مالك والشيخان، وفي حديث المسيء صلاته {فإذا قمت إلى الصلاة فاسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة}ومن كان داخل المسجد الحرام ففرضه استقبال عين الكعبة، ومن كان في مكة ـ شرَّفها الله ـ ففرضه استقبال الحرم، وأما من كان خارج مكة ففرضه استقبال جهة الكعبة؛ للحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ما بين المشرق والمغرب قبلة}يعني بذلك أهل المدينة والشام، وأما من كان في جهة المشرق ـ كحالنا في السودان ـ ففرضنا استقبال ما بين الشمال والجنوب، وأما الإجماع فقد حكى ابن حزم رحمه الله تعالى الاتفاق على أن من تحول عن القبلة عمداً لغير قتال ونحوه من الأعذار فإن صلاته فاسدة.ا.هـــــ[1]
وقد قال أهل العلم: إن الانحراف اليسير عن القبلة لا يضر ما دام المصلي مستقبلاً جهتها، وأما إذا كان الانحراف فاحشاً بحيث يستدبر القلة أو صار شمال الكعبة أو جنوبها مثلاً؛ أو انحرف انحرافاً يبلغ خمساً وأربعين درجة فأكثر فالصلاة لا تصح على تلك الحال، في المدونة: قال مالك: فيمن استدبر القبلة أو شرق أو غرب، فصلى وهو يظن أن تلك القبلة، ثم تبين له أنه على غير القبلة، فقال: يقطع ما هو فيه ويبتدئ الصلاة.ا.هــــــ[2]
هذا وإنا لنوصي القائمين على تشييد المساجد بأن بتحروا القبلة قبل الشروع في البناء؛ وذلك بالاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص من هيئة المساحة ووزارات التخطيط العمراني؛ وذلك حتى تسلم صلاة الناس من البطلان أو الشك، والعلم عند الله تعالى.
[1]مراتب الإجماع 28
[2]المدونة 1/92 والتشريق والتغريب المذكور في المدونة إنما هما بالنسبة لمن في المدينة؛ ومن في سمتها؛ أو من كان جنوب مكة، كأهل اليمن والحبشة، أما من كانوا غرب مكة – كما هو الحال في السودان – فإن الشمال والجنوب بالنسبة لهم بمنزلة الشرق والغرب لأهل المدينة