إمام راتب ادّعى أحقيته بالإمامة وإن كان مسبوقا
أفتى إمام مسجد بأن الإمام الراتب إن كان مسبوقاً ودخل المسجد فمن حقه أن يتقدم ويصلي بالناس، حتى ولو كان مسبوقاً بثلاث ركعات في صلاة الظهر، وقال في ملخص فتواه بأن المصلين ينتظرونه حتى يكمل صلاته وبعد ذلك يسلمون معه؛ أفتونا مأجورين،،،
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فينبغي للإمام أن يكون حريصاً على تأليف القلوب وجمع الناس من حوله، لا أن يسعى في تفريق جماعتهم وتنفير قلوبهم وضرب بعضهم ببعض، ولذلك أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقدم للإمامة أكثرنا علماً وأحسننا قرآناً؛ فقال عليه الصلاة والسلام {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله} رواه مسلم. وفي المدونة: أولى الناس بالإمامة أفقههم إذا كان أفضلهم في أنفسهم لأنه قد يقرأ القرآن من لا خير فيه. المدونة1/85
وعلى الإمام أن يلتزم بالوقت المحدد لإقامة الصلاة؛ فلا يتأخر عنه ولا يتقدم عليه؛ لئلا يفضي ذلك إلى اختلاف الناس واشتجارهم، وعليه أن يصلي بالناس صلاة معتدلة لا بالطويلة المملة ولا بالقصيرة المخلة، ولْيتذكرْ قول النبي صلى الله عليه وسلم {إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف؛ فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء}
وليس من حق الإمام إذا جاء مسبوقاً أن يتقدم ليصلي بالناس؛ فإن للاستخلاف أسباباً تبيحه دون سواها، ومن هذا الأسباب:
- إذا خاف الإمام من الاستمرار في الصلاة هلاك نفس محترمة، ولو حيواناً أو خاف تلف مال له بال، ولو كان لغيره
- إذا طرأ على الإمام في الصلاة ما يمنعه من مواصلتها؛ كأن يعجز عن القيام أو الركوع أو السجود
- إذا انتقض وضوء الإمام في الصلاة دون تعمد، أو تذكر أنه دخل الصلاة بغير وضوء، أو دخلها جنبا
- إذا تذكر الإمام أثناء الصلاة أن في ثوبه نجاسة
- إذا مات الإمام في الصلاة؛ فيقدم المأمومون من يتم بهم
- إذا حصل الضحك – بصوت – من الإمام غلبة أو نسيانا
- إذا انكشفت عورة الإمام أثناء الصلاة، مثل أن تسقط ثيابه
- إذا حدث رعاف يمنع الإمام من مواصلة الصلاة
- إذا نوى الإمام المسافر الإقامة أثناء الصلاة
وقد ذكروا في شروط صحة الاستخلاف أن يكون المستخلف الذي تقدم ليحل محل الإمام قد دخل الصلاة قبل حصول العذر للإمام؛ لأن من دخل بعد العذر فهو أجنبي عن صلاة الإمام لا يصح استخلافه، وأن يكون الخليفة ممن تصح إمامته.
وعليه فإنه لا يصح للإمام الراتب إذا جاء متأخراً أن يتقدم ليؤم الناس؛ لما في ذلك من تعريض صلاة الناس للبطلان؛ ولما في صنيعه من إثارة الفتنة والعداوة بينه وبين المصلين، والله الهادي إلى سواء السبيل.