انتقض وضوءه في الطواف
ما حكم من انتقض وضوؤه في الطواف من شدة الزحام؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فإن الطواف شرط لصحة الطواف عند جمهور العلماء؛ لما رواه الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسـلم قال (الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ، فَمَنْ نَطَقَ، فَلَا يَنْطِقُ إِلَّا بِخَيْرٍ) وهذا الحديث صححه الألباني.
وعليه فمن انتقضت طهارته أثناء الطواف قطع الطواف وتوضأ، وقد اختلف أهل العلم هل يبني على طوافه من حيث توقف -أي الموضع الذي وصل إليه- أم يبتدئ الطواف من جديد؟
فالشافعية ذهبوا إلى أنه يبني ولا يبتدئ، قال الشيرازي رحمه الله تعالى في المهذب: وإن أحدث وهو في الطواف توضأ ويبني؛ لأنه يجوز إفراد بعضه عن بعض، فإذا بطل ما صادفه الحدث منه لم يبطل الباقي فجاز له البناء عليه.ا.هـــــــــ
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: فرع: حيث قطع الطواف في أثنائه بحدث أو غيره وقلنا يبني على الماضي، فظاهر عبارة جمهور الأصحاب أنه يبني من الموضع الذي كان وصل إليه.ا.هـــــــــــ وقد وافقهم الإمام مالك رحمه الله تعالى على ذلك في رواية عنه، وكذلك الحنابلة
وعليه؛ فالراجح فيمن وقع منه الحدث أثناء طوافه أن يبني ويبتدئ من حيث وصل؛ لأن الموالاة في الطواف تسقط بالعذر، ومن وقع منه الحدث في طوافه معذور يجوز له البناء.
وذهب بعض أهل العلم- كأبي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى ومن وافقه- إلى أن من أحدث أثناء الطواف، لا يلزمه الذهاب للوضوء، بل يصح له أن يكمل طوافه وهو محدث؛ مستدلًا بعدم وجود دليل صريح صحيح على أن الطهارة شرط لصحة الطواف، وهو ما يراه ابن عثيمين -رحمه الله- حيث قال في مجموع فتاواه بعد نقاش هذا الموضوع: ولهذا نرى أن الإنسان إذا أحدث في طوافه، لا سيما في هذه الأوقات الضنكة، أنه يستمر في طوافه، وطوافه صحيح، وليس عند الإنسان دليل يلاقي به ربه إذا شق على عباده. اهـ.