حكم من قال : أنا لست مسلما
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فإخبار المسلم عن نفسه بأنه كافر ـ والعياذ بالله ـ مما يخرج به عن الملة ما لم يكن مكرهاً على ذلك إكراهاً معتبراً شرعاً؛ فإن كان القائل (أنا ما مسلم) مكلفاً مختاراً غير مختل العقل ولا مكرهاً وكان عالماً بمعنى قوله، فهو كافر مرتد. فالردة كما يعرفُّها أهل العلم هي: قطع الإسلام بنية أو قول أو فعل، سواء قاله استهزاءً أو عناداً أو اعتقاداً. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرحه لقول صاحب زاد المستقنع «وإن أتى بقول يخرجه عن الإسلام، مثل أن يقول: هو يهودي، أو نصراني، أو مجوسي، أو بريءٌ من الإسلام، أو القرآن، أو النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ، أو يعبد الصليب، ونحو ذلك على ما ذكروه في الأيمان» قال: فهو كافرٌ مرتدٌ نأخذه بقولِه هذا، فإن قال: ما أردت، فإن وجدت قرينة تدل على صدقه تركناه، وإن لم يوجد فإننا نقتله، إلا أن يتوب.ا.هــــــ الشرح الممتع 14/431
وأما نكاحه: فإنه إذا تاب ولم تكن العدة قد انقضت فإن عصمة النكاح باقية ولا حاجة إلى عقد جديد، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وأما إن كانت العدة قد انقضت في زمن ردته قبل أن يتوب، ورضيت زوجته أن تبقى معه جاز ذلك أيضاً من غير تجديد عقد على ما رجحه شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، وقال الجمهور بوجوب عقد جديد، وعلى القول بوجوب تجديد العقد فإن وليها يقول له: زوجتك بنتي أو أختي، ويقول هو قبلت في حضور شاهدي عدل، وأما عباداته التي أداها زمن الردة من صلاة وصوم وغيرها: ففي وجوب قضائها خلاف بين العلماء، جاء في الموسوعة الفقهية: واختلف الفقهاء في وجوب الصلاة على المرتد، فذهب جمهور الفقهاء ـ الحنفية والمالكية والحنابلة ـ إلى أن الصلاة لا تجب على المرتد فلا يقضي ما فاته إذا رجع إلى الإسلام، لأنه بالردة يصير كالكافر الأصلي، وذهب الشافعية إلى وجوب الصلاة على المرتد على معنى أنه يجب عليه قضاء ما فاته زمن الردة بعد رجوعه إلى الإسلام تغليظا عليه، ولأنه التزمها بالإسلام فلا تسقط عنه بالجحود كحق الآدمي. ا.هــــــــ والعلم عند الله تعالى.