خطب الجمعة

خطبة الجمعة 16/9/2011 – أحكام السوق

خطبة يوم الجمعة 18/10/1432 الموافق 16/9/2011

فإن أحكام الإسلام جاءت لتحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد، وشملت بخيرها كل ما يحتاج إليه الناس؛ وفصلت في ذلك أحسن التفصيل كما قال سبحانه ((كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير)) وكما قال ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) ومن ذلك أحكام البيع والشراء؛ حيث لم يدع الإسلام ذلك لأهواء الناس ولا لرغباتهم وأمزجتهم؛ بل كان الإسلام حاكماً على تصرفات الجميع ((ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين)) وإن واجباً على كل مسلم الالتزام بتلك الأحكام، قال سبحانه ((إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون))

إن الإسلام قد عُنِي بالسوق عناية ظاهرة؛ ففي أول قدوم الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة كان فيهم من يبخس في الكيل، ويبدو أنهم قد تعلموا هذه الأفعال من اليهود، فأنزل الله سبحانه وتعالى ((وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ)) فأحسنوا الكيل بعد ذلك، وعندما استقر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المدينة وفرغ من بناء المسجد، التفت إلى مكان البيع والشراء السوق فوجدها في بني قينقاع حي من أحياء اليهود وكانوا على سجيتهم من أكل السحت والسعي وراء الكسب من أي باب، فكانوا يضربون على الناس فيها الخراج، ويؤجرون لهم الأماكن، فمضى الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى مكان فسيح وضرب فيه برجله، وقال: (هذا سوقكم؛ فلا ينتقص، ولا يضرب عليه خراج) رواه ابن ماجه، وهو ضعيف. وأقام السوق؛ وخُصِّصَ لكل سلعة مكان: للتمر مكان، وللقمح مكان، وللإبل مكان، وللغنم مكان، وكأني بسعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما وأحدهما يعرض على الآخر نصف ماله ونصف داره فيتعفف عبد الرحمن من ذلك، ويشكر لأخيه هذا الفعل، ويدعو له بالخير والبركة، ويقول له: (دلني على السوق؛ فإني أعرف التجارة). وارتاد المسلمون الأسواق بعدها في جو من الطمأنينة؛ حيث لا غش ولا استغلال ولا احتكار، وتميز من يومها صنف جديد من الناس، وفُتحت لهم أبواب الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء: إنهم التجار الصادقون.

السوق يأتي إذاً في المرتبة الثانية بعد المسجد في حياة المسلم؛ فالمسجد موضع للتعامل مع الله وحده كما ورد في كتابه العزيز: ((وأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً)) وأما السوق فهي موضع للتعامل مع الناس ومع الله سبحانه وتعالى، إذا اتّبعت أوامره واجتُنبت نواهيه وخلصت النوايا، وهنا تحضرني مقالة عطاء رحمه الله: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيع، وتصلي وتصوم، وتنكح وتطلق.. إلخ، وإذا كان صح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قوله: (.. وأبغض البقاع إلى الله تعالى الأسواق) فلِما يقع فيها من ظلم وغش وأيمان كاذبة، لكنا قد نستطيع أن نحوِّل أسواقنا إلى محاريب للعبادة بإقامة العدل فيها الرحمة والتسامح!! وفي السعي لإقامة مجتمع إسلامي نظيف تقوم دعائمه على العدل والرحمة، ينبغي أن نتعامل مع آداب السوق وأحكامه كما نتعامل مع آداب المسجد وأحكامه، وإلا فسيظل بيننا وبين تحقيق هدفنا مسافات طويلة بل وستزداد هذه المسافات مع مرور الأيام.

وقد اهتم علماء السلف بالسوق وأحكامه وأفردوا له الدراسات والمؤلفات، ولعل من أبرزهم في هذا الميدان يحيى بن عمر (ت 89هـ) في كتابه: (أحكام السوق) ومن بعده القاضي أبو يوسف (ت 182هـ) صاحب الإمام أبي حنيفة في (كتاب الخراج) ويمكن أن نجعل أهم آداب السوق وأحكامه في النقاط التالية:

1- دعاء دخول السوق: يسن لمن يدخل السوق بغرض البيع أو الشراء أو المشاهدة أن يدعو بالدعاء المأثور عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ذلك فيقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير) رواه الترمذي والحاكم.

2- فقه أحكام البيع والشراء: فإنه ينبغي على كل من تصدى للعمل بالسوق وممارسة العمل التجاري أن يكون فقيهاً بأحكام البيع والشراء، عالماً بالحلال والحرام، حتى تكون معاملته صحيحة بعيدة عن الفساد؛ ففي الصحيح من سنن الترمذي يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا يَبِعْ في سوقنا إلا من تفقه في الدين) وقد روي عنه أنه كان يطوف بالسوق ويضرب بعض التجار بالدرة ويقول: (لا يبيع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل الربا شاء أم أبى). وأحسب أن كل من عمل بالسوق وخاض غمار التجارة ومارس البيع والشراء حتى يُعرف بأنه امتهن العمل في هذا المجال، ثم لا يعرف أحكام المعاملات: الحلال منها والحرام، وما يفسدها وما يصلحها، أحسبه والله أعلم آثم بحسب تقصيره في هذا الجانب، وقد امتلأت أسواقنا بكثير من المسلمين الذين أغفلوا هذا الفقه بقصد أو بدون قصد وأصبحوا لا يبالون بالفرق بين الحلال والحرام، وخلت من الصالحين والمتفقهين، الذين آثروا السلامة، فنأوا بأنفسهم تزهداً وتورعاً، أقول لهم: افعلوا ما فعل أجدادكم، اطرقوا أبواب الأسواق، وأخلصوا النية لله تفتح لكم الشركات والمؤسسات، وتسلموا من غل الوظيفة وقيدها، وتفتح لكم قلوب العباد، كما فتحت لأسلافكم حينما ذهبوا بتجارتهم إلى الصين وإلى الهند وإلى الجنوب من إفريقيا.

3- النهي عن التطفيف في الكيل والميزان: نهى الحق سبحانه وتعالى البائعين والمشترين عن خلق ذميم، كان قد تأصل في المعاملات التجارية بين الناس في المدينة قبل مقدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- لها، ألا وهو التطفيف في الكيل والميزان في سورة قرآنية سميت باسم: (المطففين) وأنذرهم فيها وحذرهم من ذلك وذكّرهم بالآخرة: ((أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ))، ولم يكتف الإسلام بترهيب الناس من عقاب الله في الآخرة ولكنه وضع من الضوابط والآليات ما يردع ضعاف النفوس ممن تسول لهم أنفسهم التلاعب بحقوق الناس، من ذلك ما ذكره يحيى بن عمر في كتابه: (أحكام السوق) من قوله: ينبغي للوالي الذي يتحرى العدل أن ينظر إلى أسواق رعيته ويأمر أوثق من يعرف ببلده، أن يتعاهد السوق ويعيِّر على أهله صنجاتهم وموازينهم ومكاييلهم كلها، فمن وجده قد غيّر من ذلك شيئاً عاقبه على قدر ما يرى من بدعته.. ثم أخرجه من السوق حتى تظهر منه التوبة والإنابة إلى الخير، فإذا فعل هذا رجوت له أن يخلص من الإثم، وتصلح أمور رعيته إن شاء الله، ولما سئل الإمام مالك رضي الله عنه عن رجل جعل في مكياله زفتاً ليرفع به الكيل، قال: (أرى أن يعاقَب بإخراجه من السوق) فهو يرى أن إخراجه من السوق أشد عليه من الضرب، وقد أفتى بعض تلامذته في قضية مثل هذه القضية بقولهم: (الصواب عندنا أن يعاقبه الإمام بالضرب والسجن، أو الإخراج من السوق، إن كان قد عرف الغش والفجور من عمله ) وفي أيامنا هذه يمكن عقابه بسحب التراخيص الممنوحة له أو عدم تجديد سجلاته التجارية.

4- النهي عن الغش والنجش والاحتكار: الاحتكار هو الإمساك عن البيع وانتظار الغلاء مع الاستغناء عن السلعة وحاجة الناس إليها، وقد اختلف فيما يجري فيه الاحتكار، فقال البعض: يجري في كل شيء من طعام أو غيره، وقال بعضهم: يجري في أقوات الآدميين فقط، لقول النبي: (من احتكر طعاماً فهو خاطئ) وفي رواية: (لا يحتكر إلا خاطئ)، كما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الغش فقال: (من غشنا فليس منا) وقد روى الإمام البخاري قوله: (لا تصرّوا الغنم) والتصرية تكون بأن يعمد صاحب الغنم إلى ترك لبنها في ضرعها حتى تبدو غزيرة اللبن. ومما يدخل تحت النهي عن الغش: ألا يُثْني البائع على السلعة بما ليس فيها من محاسن، وألا يكتم من عيوبها وخفايا صفاتها ووزنها ومقدارها وسعرها ما لو عرفه المشتري لامتنع عن الشراء. وأما النجش: فهو الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، ومما يؤسف له أن كل أو بعض هذه المفاسد كثيراً ما تحدث في أسواقنا. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

5- النهي عن بيع العِينة: وبيع العِينة هو أن يبيع الرجل سلعة لآخر بثمن مؤجل ثم يشتريها منه بثمن حالٍّ نقداً يقل عن الثمن المؤجل، وقد أفردته بالحديث لأهميته وخطورته وكثرة المتعاملين به، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وهو حرام باتفاق العلماء؛ لأن اشتراط المشتري على البائع أن يشتريها منه بثمن معلوم ما هو إلا حيلة لتحليل الربا، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة نذكر منها قول عبد الله بن عمر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله: أنزل الله بهم بلاءً، فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم) وفي رواية: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم). وفي مسند الإمام أحمد بلفظ: (لئن تركتم الجهاد، وأخذتم أذناب البقر، وتبايعتم بالعينة، ليلزمنكم الله مذلة في رقابكم، لا تنفك عنكم حتى تتوبوا إلى الله وترجعوا عما كنتم عليه). وفي هذه الأحاديث تحذير وبشرى: تحذير من مغبة مخالفة منهج الله، وأن مصيرنا في ذلك إلى الذل والبوار، وبشرى بأن أمامنا فرصة للمراجعة والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى ينبغي أن   نسرع إليها قبل فوات الأوان.

وهناك قاعدة ذهبية في المعاملات أصّل لها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مفادها: أن عامة ما نهى عنه الكتاب والسنة من المعاملات، يعود إلى تحقيق العدل، والنهي عن الظلم: دقه وجله، أي قليل الظلم وكثيره، والضابط الكلي في المعاملة العادلة الخالية من الظلم، هو كما قال الغزالي في الإحياء: (ألا يحب لأخيه إلا ما يحب لنفسه؛ فكل ما لو عومل به شق عليه وثقل على قلبه، فينبغي ألا يعامل غيره به، بل ينبغي أن يستوي عنده درهمه ودرهم غيره) قال بعضهم: من باع لأخيه شيئاً بدرهم وليس يصلح له لو اشتراه إلا بخمس دوانق، فإنه قد ترك النصح المأمور به في المعاملة، ولم يحب لأخيه ما يحب لنفسه. والدانق هو سدس الدرهم.

6- الامتناع عن التعامل مع اليهود: تثور بين الحين والآخر تساؤلات عن حكم التعامل الاقتصادي مع اليهود وارتيادهم أسواقنا وارتيادنا أسواقهم، بين مؤيد ومعارض، لكن الثابت بالتجربة التاريخية والمعاصرة، أن التعامل مع اليهود تحفّه المخاطر على الفرد والمجتمع من نواحي عديدة؛ فهم يتعاملون بالربا وهو محرم شرعاً، ولا يتورعون عن التجارة بيعاً وشراءً في السلع الخبيثة، كالخمر والمخدرات والمقامرة، ولم يعملوا في مجال إلا أفسدوه، ولم ينزلوا بسوق إلا خربوه؛ وفضلاً عن ذلك فإنهم يربحون من وراء تجارتهم معنا ونزولهم أسواقنا أموالاً طائلة يوقفونها للصد عن سبيل الله: ((إنَّ الَذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)) وقد يحتج البعض في جواز التعامل مع اليهود بحادثة وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي، والقصة معروفة في كتب السيرة، وقد رواها البخاري ومسلم رحمهما الله، ولقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتعامل مع هؤلاء من منطلق قوة وكانت للرسول -صلى الله عليه وسلم- الصولة والغلبة، وفي هذا الأسلوب من التعامل النبوي ما يظهر عظمة هذا الدين ونظرته الإنسانية السامية، وإلا فماذا كان يمنع الرسول -صلى الله عليه وسلم- من البطش باليهودي الذي كان يلقي القاذورات كل يوم أمام بيته عليه الصلاة والسلام ؟ لقد عاده النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما مرض في يوم لم يلق القاذورات كعادته، فشهد له اليهودي بالنبوة وأعلن إسلامه، لقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتحمل الأذى الشخصي؛ لأن ذلك من خصائص النبوة، وقد رهن الرسول -صلى الله عليه وسلم- درعه عند يهودي في وقت كانت جزيرة العرب كلها قد دانت له، ولكنه فعل ذلك لحكمة أرادها؛ أما الآن فالوضع مختلف، والحال غيره بالأمس؛ فاليهود اليوم يحتلون أرضنا، ويستحلون حرماتنا، ويسفكون دماءنا، ويسخرون من مقدساتنا، ويصادرون دورنا، فهل نقوم بعد كل هذا بإعطاء أموالنا لهم لنقوِّيهم بها علينا؟ إن ذلك لعجب!! وقد تبين لنا كيف أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أسّس سوقاً مستقلة للمسلمين وفصله نهائياً عن سوق اليهود في بني قينقاع، حتى يتميز المسلمون بأسواقهم ومعاملاتهم.

7- ضابط التسعير: عن أنس رضي الله عنه أن الناس قالوا: يا رسول الله: غلا السعر؛ فسعِّر لنا! فقال: (إن الله تعالى هو الخالق، القابض، الباسط، الرازق، المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال) رواه أحمد وأبو داود بسند صحيح. ومعلوم أن شريعة الإسلام بينت الحلال والحرام، والحق والباطل، ورسمت الطريق واضحاً أمام المسلمين في كل زمان ومكان. واليقينُ: في أن الناس إذا ما تحروا الحلال وتنزهوا عن الحرام، فلن تكون هناك مشكلات تعترضهم، أو أزمات تخنقهم، ولا ريب أن امتناع الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن التسعير للناس في الحديث راجع إلى أن الغلاء لم يكن بسبب امتناع البائعين عن بيع ما لديهم بالسعر المعتاد؛ إذ لم يحدث ذلك في حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يَشْكُ منه الناس، لكن الناس شَكَوْا؛ لأن (السعر غلا) غلا وفقط؛ فقد يكون الغلاء بسبب قلة العرض عن الطلب، أو قد يكون بسبب زيادة الطلب عن المعروض من السلع، وهي أمور خارجة عن إرادة الجميع، وفي هذه الحالة فلا يسعنا إلا أن نقول: إن ما فعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو عين الصواب؛ فالتسعير كما يقول ابن القيم: (منه ما هو ظلم محرم، ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباح الله لهم، فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، فهو جائز بل واجب) فشتان بين أيام الاشتراكية التي كانت تعدّ على الناس أنفاسهم، وسعّرت لهم حتى (سندوتش) الفول؛ فجاعوا وافتقروا، وبين شريعة الإسلام في مبادئه الرائعة في الحرية الاقتصادية: (دَعِ الناس يرزقْ بعضُهم بعضاً) رواه مسلم.  وهكذا يتبين لنا أن السوق المثلى في الإسلام لم تأت نتيجة للتدخل المباشر في النشاط الاقتصادي حول كل صغيرة وكبيرة مثل ما هو معروف في النظم الاشتراكية، ولا نتيجة لعدم التدخل مثل ما هو معروف في النظم الرأسمالية وإنما عن طريق التوجيه المستمر الجدير بأن يقيم العدل بين البائعين والمشترين وإزالة كافة ممارسات الضرر بالآخرين؛ سواء كانوا أفراداً أو جماعات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى