أحكام الصلاة

سهو في صلاة المغرب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فمن قام إلى ركعة رابعة في صلاة المغرب مع يقينه بكونها رابعة فإن صلاته تبطل؛ لأنه متعمد للزيادة في الصلاة، وقد ذكر أهل العلم في مبطلات الصلاة أن يتعمد زيادة ركن فعلي كسجود أو ركوع؛ فكيف بمن زاد ـ متعمداً ـ ركعة كاملة مع اشتمالها على أركان كثيرة. وقد كان الواجب على من استيقن تمام صلاته أن يجلس حتى إذا فرغ الإمام من ركعته الزائدة وسلَّم سلَّم معه؛ قال المواق المالكي رحمه الله تعالى في التاج والإكليل: قال ابن القاسم: إن صلى إمام خامسة فسها قوم كسهوه، وجلس قوم واتبعه قوم عامدون فصلاة الإمام ومن سها معه أو جلس تامةٌ، ويسجدون معه لسهوه، وتفسد صلاة العامدين.ا.هـــــ[1]

وفي الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله تعالى: وسئل -فسح الله في مدته- عما إذا قام إمامه لخامسة هل الأولى انتظاره أو فراقه، وفيما إذا كان مسبوقاً هل هو كغيره أو لا حتى تجوز مفارقته؟ فأجاب بقوله: الأولى انتظاره وسواء المسبوق وغيره، وعبارة شرحي للعباب: لو قام الإمام لزيادة كخامسة سهواً لم يجز له متابعته، وإن كان شاكاً في فعل ركعة أو مسبوقاً علم ذلك أو ظنه، فإن تابعه بطلت صلاته إن علم وتعمد .ا.هـــــ[2]

وفي مجموع الفتاوى لأبي العباس بن تيمية رحمه الله تعالى: وسئل رحمه الله عن إمام قام إلى خامسة فسبح به فلم يلتفت لقولهم، وظن أنه لم يسه فهل يقومون معه أم لا؟

فأجاب: إن قاموا معه جاهلين لم تبطل صلاتهم، لكن مع العلم لا ينبغي لهم أن يتابعوه، بل ينتظرونه حتى يسلم بهم أو يسلموا قبله والانتظار أحسن.ا.هـــ

وأما عند الحنفية فإنه إذا قام الإمام إلى الخامسة ولم يقعد للتشهد في الرابعة، فسدت فريضته وتصير نفلاً ويستحب له أن يشفع الركعة الخامسة بركعة سادسة. ويلزمه إعادة الفريضة بعد ذلك، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد صاحب أبي حنيفة تبطل مطلقاً. وأما إذا كان قعد للتشهد ثم قام الخامسة سهواً لم تفسد صلاته ويشفع الخامسة بسادسة وإن لم يفعل فلا شيء عليه. والله أعلم.

وعلى كل حال فإن من تابع هذا الإمام جهلاً منه بالحكم الشرعي؛ أو جهلاً بأنها زائدة فصلاته صحيحة، والعلم عند الله تعالى.

[1] التاج والإكليل لمختصر خليل 2/69

[2] الفتاوى الفقهية الكبرى 1/214

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى