قضاء المرضع
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالواجب على المرأة المسلمة الإتيان بفرض الله في صيام شهرها؛ لعموم قوله تعالى )فمن شهد منكم الشهر فليصمه( وهذا يشمل المرضعة وغيرها، اللهم إلا إذا تحققت أو غلب على ظنها حصول الضرر عليها أو على طفلها أو عليهما معاً، وليس صحيحاً أن كل حامل أو مرضع لزاماً عليها أن تفطر، والذي عليه جمهور العلماء أن الحامل والمرضع عليهما القضاء؛ لأنهما عذران طارئان يزولان بزوال سببهما، ولأن الله تعالى قال في المريض والمسافر ـ وهما من أصحاب الأعذار الطارئة ـ )فعدة من أيام أخر( وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المرضع وكذلك الحامل ليس عليهما سوى الإطعام ولا قضاء؛ استدلالاً بما رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس بن مالك ـ أحد بني قشير ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {إن الله وضع الصيام عن الحبلى والمرضع} وما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى )وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين( قال {كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً، والمرضع والحبلى إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا} وهو مروي كذلك عن ابن عمر رضي الله عنهم.
وقد أجاب جمهور العلماء عن هذه الأدلة بأن حديث {إن الله وضع الصيام عن الحبلى والمرضع} مراد به وجوب الأداء، ويبقى في ذمتهما القضاء، وأما سكوت ابن عباس عن القضاء فلأنه معلوم مشهور، وعليه فإن الواجب على المرأة التي أفطرت بسبب الحمل أو الرضاع أن تقضي الأيام التي أفطرتها مهما بلغت كثرة، والعلم عند الله تعالى.