أحكام الصيام

متى ندفع فدية الصيام؟

فدية الصيام هل تدفع يومياً أم أسبوعياً أم جملة؟ وهل تعطى لشخص واحد أم مجموعة من الأشخاص؟ وهل تجوز رقية الحائض دون أن تمس المصحف؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فالأصل وجوب الصيام على المسلم البالغ العاقل الصحيح المقيم؛ فإن كان مريضاً مرضاً يرجى برؤه {فعدة من أيام أخر} أما إن كان مرضه مزمناً وعرف بإخبار الطبيب الحاذق أنه لا يرجى برؤه، أو كان عاجزاً عن الصيام لشيخوخته فإنه ينتقل إلى الإطعام؛ لقوله تعالى {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} وقوله {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} وقوله {وما جعل عليكم في الدين من حرج}

والواجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم في قول جمهور العلماء ومنهم علي وابن عباس وأبو هريرة وأنس وسعيد بن جبير وطاوس وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد رحمهم الله، وهو الأصح عند الشافعية؛ لقوله تعالى {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} لكل مسكين نصف صاع من غالب قوت أهل البلد، وهو يعادل كيلو وربع تقريباً. استدلالاً بتفسير ابن عباس رضي الله عنهما للآية حيث روى عطاء أنه سمع ابن عباس يقرأ {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} فقال: “ليست بمنسوخة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا” رواه البخاري. وعنه رضي الله عنه قال “رُخِّصَ للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليه” رواه الدارقطني والحاكم وصححاه. أما المالكية رحمهم الله فيرون الفدية في  حق الشيخ الكبير مندوبة لا واجبة، وهو قول مكحول وأبي ثور وربيعة وابن المنذر؛ قياساً له على الصبي والمجنون.

هذا ولا يجزئ إخراج القيمة ـ عند جماهير العلماء ـ بل الواجب إخراج الفدية طعاماً كما هو نص الآية الكريمة {فدية طعام مسكين} ومن كان عاجزاً عن إخراج الفدية فلا شيء عليه؛ لعموم قوله تعالى {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}

ويجزئ إخراجها لمسكين واحد، في يوم واحد أو ايام متفرقة؛ قال الإمام النووي رحمه الله: فيجوز صرف أمداد كثيرة عن الشخص الواحد والشهر الواحد إلى مسكين واحد أو فقير واحد.ا.هــــ قال في الإنصاف: يجوز صرف الإطعام إلى مسكين واحد جملة واحدة.ا.هــــ. والأحوط أن تدفع بها إلى ثلاثين مسكيناً؛ اقتداء بفعل السلف رحمهم الله فقد أخرج الدارقطني أن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه ضعف عاماً عن الصوم؛ فصنع جفنة من ثريد فدعا ثلاثين مسكيناً فأشبعهم.

وأما الحائض فلا حرج عليها – عند المالكية رحمهم الله تعالى – في أن تقرأ القرآن إن تعبداً أو تحصناً او استشفاء؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي لها عن قراءة القرآن؛ كما هو الحال في الجنب مثلاً، ولأن الحائض تفارق الجنب في كونها محكومة بأيام لا تملك رفع الحدث عن نفسها قبل انقضائها، وإذا جاز لها أن تقرأ جاز من باب أولى أن يقرأ عليها غيرها، والعلم عند الله تعالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى