أحكام الطهارة

استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فإن الله تعالى قد أوجب علينا التطهر قبل الوقوف بين يديه مصلين فقال سبحانه { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وهذا التطهر يكون بالماء الطهور الباقي على أصل خلقته، ولم يتغير أحد أوصافه لا لونه ولا طعمه ولا ريحه، سواء نزل من السماء أو نبع من الأرض؛ كماء المطر وماء البحر وماء العيون وماء الآبار ونحوها. فإذا خالط الماء نجس فغير لونه أو ريحه أو طعمه فإنه ينجس ولا يجوز استعماله في عبادة ولا عادة، أما إذا تغير بشيء طاهر كلبن وعصير ونحوهما فإنه يكون طاهراً يستعمل في العادات كالأكل والشرب، لكنه غير طهور فلا يستعمل في العبادات كالوضوء والغسل وتطهير البدن والثوب. قال ابن أبي زيد رحمه الله تعالى في الرسالة: وما غير لونه بشيء طاهر حل فيه فذلك الماء طاهر غير مطهر في وضوء أو طهر أو زوال نجاسة، وما غيرته النجاسة فليس بطاهر ولا مطهر لغيره.ا.هــــ

وقد قرر فقهاؤنا رحمهم الله أن الماء النجس إذا عولج حتى طهر فإنه يجوز استعماله في العادات والعبادات، وتكون معالجته بمكاثرته بالماء الطهور حتى يغلب عليه؛ فإن كوثر بالماء الطهور حتى زال التغير، أو زال تغيره بطول مكثه فقد طهر، وهذا عند الشافعية والحنابلة رحمهم الله تعالى، أما المالكية رحمهم الله فإنهم يتفقون في تطهير الماء المتنجس بالمكاثرة بالماء الطهور، أما زوال النجاسة بطول المكث ففيه قولان عندهم بالطهارة وعدمها، والراجح عندهم عدم التطهر

وعليه فإنه إذا أمكن تطهير مياه الصرف الصحي وتنقيتها من آثار النجاسة طعماً ولوناً ورائحة فلا حرج في استعمالها في العادات والعبادات؛ لأن وصف الماء الطهور ينطبق عليه والحالة هذه؛ كما أن العلة المانعة من استخدامه وهي النجاسة قد زالت، ومعلوم أن الحكم يزول بزوال علته، والعلم عند الله تعالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى