القدر الواجب للمبيت بمنى
ما حكم من يأتي إلى منى بعد الغروب ثم يخرج منها بعد منتصف الليل؟ وما قدر الواجب في المبيت بمنى؟ علماً بأنني أعمل في خدمة الحاج كتجهيز الطعام، والمحاسب الذي عليه أن يقضي أكثر الوقت بمكة لحراسة المال
فالذي عليه جمهور العلماء – من المالكية والشافعية والحنابلة – أن الواجب في المبيت بمنى لا يتحقق إلا إذا قضى الحاج في داخلها معظم الليل. قال خليل بن إسحاق رحمه الله في المختصر: وإن ترك جُلَّ ليلة فدم.ا.هــــــــــــ
وقال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: وفي قدر الواجب قولان: حكاهما صاحب التقريب والشيخ أبو محمد الجويني وإمام الحرمين ومتابعوه، أصحهما: معظم الليل.ا.هــــــــــــــــ
وقال البهوتي الحنبلي في شرح منتهى الإرادات: ولعل المراد: لا يجب استيعاب الليلة بالمبيت، بل كمزدلفة على ما سبق.ا.هـــــــــــــــــــ وهذا بناء على أن الدفع من مزدلفة لا يجوز عند الحنابلة قبل منتصف الليل.
وقد اختلف العلماء فيما يجب على من ترك المبيت بمنى معظم الليل، في أحد ليالي أيام التشريق الثلاثة:
فذهب المالكية إلى أنه يجب عليه دم، كما سبق في نص خليل المذكور آنفا، وكذا يجب عليه دم إن ترك ليلة فأكثر.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يجب عليه في كل ليلة لم يبت فيها معظم الليل مُدٌّ من طعام، فإن فعل ذلك في كل أيام التشريق كان عليه دم.
وهذا الحكم يجري على غير المعذور، أما المعذور، فلا شيء عليه، كمن قصد منى للمبيت بها، وتعطل به السير، فلم يصل إليها إلا في وقت متأخر، لأنه لم يتعمد التأخر، وفعل ما في وسعه، والله تعالى يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَاْ}
وعليه، فإذا كانت ساعات الليل التي مكثتها في منى أكثر من نصف الليل في تلك الفترة، فقد حصل لك المبيت، ولا شيء عليك، وإذا لم تكن أكثر من النصف؛ فلا شيء عليك كذلك لكونك عاملاً في خدمة الحجيج وقد أذن النبي صلى الله عليه وسـلم لرعاة الإبل فيما لم يأذن فيه لغيرهم، وكذلك المحاسب الذي لا يستطيع حفظ المال بمنى لا حرج عليه في البقاء بمكة، والعلم عند الله تعالى.