خطبة الجمعة 20/4/2012 – أحداث هجليج
خطبة يوم الجمعة 28/5/1433 الموافق 20/4/2012
- المسلم يشعر بالعزة ما دام وثيق الصلة بالله عز وجل، لا يشعر بذل ولا مسكنة ولا ضعف ولا خور؛ لأن الله تعالى خاطب المسلمين جميعاً بقوله {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} وقال {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم} المسلم عزيز وإن أصابه ما أصابه؛ فليست هزيمته في معركة أو انكساره في موقعة نهاية الدنيا؛ بل عليه أن يستفيد من أخطائه ويتعلم من عثراته، ويفيق من سكراته، ويجدد صلته بربه جل جلاله؛ وهو يعلم يقيناً أن الكون قائم على سنة التدافع والتداول {وتلك الأيام نداولها بين الناس} وقال {ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم}
- في ترجمة عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه، وهو أَحَدُ السَّابِقِيْنَ، هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ، وَنَفَّذَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَسُوْلاً إِلَى كِسْرَى. خَرَجَ إِلَى الشَّامِ مُجَاهِداً، فَأُسِرَ عَلَى قَيْسَارِيَّةَ، وَحَمَلُوْهُ إِلَى طَاغِيَتِهِم، فَرَاوَدَهُ عَنْ دِيْنِهِ، فَلَمْ يُفْتَتَنْ
- إن الله تعالى قد أمرنا بأن ننصر دينه وأن نعلي كلمته، وأمرنا بأن نكون أعزة به وبرسوله صلى الله عليه وسلم {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} ومن ذلك أن نعد العدة {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} أي وَأَعِدُّوا لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم. {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة ونحو ذلك مما يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي: والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتَعَلُّم الرَّمْيِ، والشجاعة والتدبير. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا إن القوة الرَّمْيُ» ومن ذلك: الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال، ولهذا قال تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته. فإذا كان شيء موجود أكثر إرهابا منها، كالسيارات البرية والهوائية، المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد، كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها، حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلُّم الصناعة، وجب ذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب وقوله: تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ممن تعلمون أنهم أعداؤكم. {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ} ممن سيقاتلونكم بعد هذا الوقت الذي يخاطبهم الله به {اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} فلذلك أمرهم بالاستعداد لهم، ومن أعظم ما يعين على قتالهم بذلك النفقات المالية في جهاد الكفار. ولهذا قال تعالى مرغبا في ذلك: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قليلا كان أو كثيرا {يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} أجره يوم القيامة مضاعفا أضعافا كثيرة، حتى إن النفقة في سبيل اللّه، تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. {وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} أي: لا تنقصون من أجرها وثوابها شيئا.
- ومن أعظم أسباب القوة التي يجب الأخذ بها والسعي في إعدادها القوة المعنوية، وذلك بتربية الناس على معاني العزة وغرسها في نفوسهم، بتربية النشء على معاني حب الجهاد وبذل النفس والنفيس في سبيل الله عز وجل، بإعلاء قيم الرجولة والفداء والتضحية، بشغل الناس بمعالي الأمور وأمهات القضايا؛ لا بسفسافها وسواقطها؛ لا أن يكون المجاهدون في الثغور مرابطين وللأعداء مراقبين وقد تركوا ديارهم وأولادهم وأموالهم؛ وناس آخرون مشغولون بالفت في عضد الأمة بجلب مغنية راقصة يتدافع لحضور حفلتها من لا خلاق لهم، ومن قنعوا بالدون، ولهؤلاء سلف من أهل الباطل؛ كان بعضهم مشغولاً بمحبوبته فلما حدث بالجهاد قال:
يقولون جاهد يا جميل بغزوة وأي جهاد غيرهن أريد
لكل حديث بينهن بشاشة وكل قتيل دونهن شـــــــهيد
إن المرابطين في الثغور يشكون إلى الله تعالى من التفريط والتهاون، والسعي في المعاصي والدأب في تحصيلها؛ ومخالفة القول للفعل؛ {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} فها هو والي الخرطوم يعلن بالأمس أن التعبئة مستمرة، وتحرير هجليج لا يعني أن الأمر قد انتهى، وهذا كلام حسن جميل جد جميل؛ لكن السؤال: أين كان الوالي حين أعد لتلك الحفلة العدة وألصقت الإعلانات وهيئ المكان وبيعت التذاكر؟ أين كان حين سعى أهل الغيرة من العلماء الفضلاء الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لإبطال ذلك الباطل؟ أين كان حين صار المسئولون كل يتبرأ ويقول: هذا ليس اختصاصي وما أنا بالذي صدق لذلك الحفل؟ أين كان حين تدافع الناس لشراء تلك التذاكر حتى بلغت مبيعاتها 4 مليارات من الجنيهات؟ لمَ لم يغضب لله تعالى ويوقف هذا الهراء؟ ألم يك معلوماً للكافة أن حشوداً من دولة الجنوب على الحدود تتهيأ للانقضاض؟ ألم تتواتر الأنباء بأن أمراً يدبر بليل للمكر الكبار الذي يديره عصابات صهيون وأحلاس الصليب؟ بل أين الوالي من صرخات محلية أم القرى بجنوب بحري من أن نشاطاً تنصيرياً محموماً يجري تنفيذه في تلك المنطقة على يد من؟ على يد رعية من دولة الجنوب!!! يالله من عجب ماذا تنتظر أيها الرجل؟ إن الله تعالى سائلك عما استرعاك، ومحاسبك عما ولاك
5. إن المطلوب أخذ الحذر؛ قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم} {وخذوا حذركم} قد تتحرر هجليج على أيدي السادة الأماجد والأبطال الأشاوس من رجالات القوات المسلحة ومجاهدي الدفاع الشعبي، لكن هل نرجع بعدها إلى ما كنا فيه، أم نجعل منها انطلاقة لإحقاق الحق وإبطال الباطل؟