مصحف صدقة جارية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فهبة المصحف للمسجد صدقة جارية لمن حصلت الهبة باسمه؛ يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ: “إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا نَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ” قال الشيخ الألباني رحمه الله: إسناده حسن. قال السيوطي رحمه الله في الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج: ولابن عساكر في تاريخه من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا “من علَّم آية من كتاب الله أو باباً من علم أنمى الله أجره إلى يوم القيامة” وقد تحصل من هذه الأحاديث أحد عشر أمرا وقد نظمتها وقلت:
إذا مات بن آدم ليس يجري عليه من فعال غير عشر
علوم بثها ودعاء نجل وغرس النخل والصدقات تجري
وراثة مصحف ورباط ثغر وحـــــــــــــــــــــفر البئر أو إجراء نهر
وبيت للغريب بناه يأوي إليه أو بناء محل ذكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
وتعليم لقرآن كريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم فخذها من أحاديث بحصر
وقوله صلى الله عليه وسلم “أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته” لا يفهم منه أن ما أخرج عنه بعد موته لا يلحقه؛ قال السندي رحمه الله تعالى في حاشيته على ابن ماجه: أي أَخْرَجَهَا فِي زَمَان كَمَالِ حَاله وَوُفُور اِفْتِقَاره إِلَى مَاله وَتَمَكُّنه مِنْ الِانْتِفَاع بِهِ، وَفِيهِ تَرْغِيب إِلَى ذَلِكَ لِيَكُونَ أَفْضَل صَدَقَة كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ جَوَابه صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ قَالَ: أَيُّ الصَّدَقَة أَعْظَم أَجْرًا؟ فَقَالَ: “أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيح شَحِيح..” الْحَدِيث، وَإِلَّا فَكَوْن الصَّدَقَة جَارِيَة لَا يَتَوَقَّف عَلَى ذَلِكَ.ا.هـــــــــــــــــــــــ والله تعالى أعلم.