وقَف منزله
شخص يملك منزلاً، ويريد أن يكون هذا المنزل وقفاً لله تعالى، وليس لديه أبناء، وقد توفي والداه، وليس له زوجة، ولديه إخوان وأخوات؛ فهل يجوز له أن يوقف هذا المنزل لله تعالى في حياته قبل مماته؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالوقف في اصطلاح أهل العلم: هو حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود. انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية 44/108 والأصل في مشروعيته حديث ابن عمر في الصحيحين أن عمر رضي الله عنه أصاب أرضاً بخيبر؛ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال {إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها} قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متمول، وفي لفظ: غير متأثل مالا.
وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له} وقال جابر رضي الله عنه {ما أعلم أحداً كان له مال من المهاجرين والأنصار إلا حبس مالاً من صدقة مؤبدة لا تشترى أبداً ولا توهب ولا تورث} قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغنى 5/599: وهذا إجماع من الصحابة رضوان الله عليهم فإن الذي قدر منهم على الوقف وقف واشتهر ذلك فلم ينكره أحد فكان إجماعا.
وعليه فلا حرج على هذا الشخص في فعله الذي نواه ما دام قد قصد بذلك القربة والطاعة ورجا ما عند الله من أجر وثواب، ولم تكن متجهة إلى حرمان الورثة من ذلك المنزل، والله تعالى أعلم.