خطبة يوم الجمعة 15/3/1432 الموافق 18/2/2011
1ـ فالحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على زوال الفراعنة والجبابرة والطواغيت ممن طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد؛ الحمد لله على ذهاب دولتهم وانحسار شرهم، ونسأل الله أن يلحق بهم من كان على شاكلتهم ممن ساموا الناس سوء العذاب؛ فسرقوا الأقوات، وأذلوا العباد، ودمروا مقادير الأمة، وجعلوها رهناً بيد عدوها، غيبوا أحكام الله عن الأرض، وحكموا أهواءهم، وعطَّلوا رسالة الإسلام أن تبلغ الآفاق، وميعوا الحلال والحرام
إن صيحة لا بد منها في هذه الأيام أن أفيقوا يا حكام المسلمين، اصطلحوا مع الله عز وجل ليدوم لكم ملككم، اصطلحوا مع شعوبكم ليبقى لكم عزكم؛ اعلموا أن المقادير بيد الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد؛ لا معقب لحكمه، )قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير( لن تغني عنكم العساكر ولا الدساكر ولا الأسلحة ولا الجيوش، لن يغني عنكم الخداع والأباطيل
2ـ إن واجباً على الحكام أن يدركوا يقيناً أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وأنه لا عاصم من بطش الله إذا نزل )ومن يهن الله فما له من مكرم(، وأن الدولة اليهودية والدول الصليبية والتي أفنوا أعمارهم في خدمتها، وعادَوْا شعوبهم من أجل تنفيذ أمرها لا تملك لهم نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا؛ متى ما غضبت الشعوب وعزمت على التغيير؛ فسرعان ما يتنكر لهم سادتهم ويتخلى عنهم أولياؤهم
2ـ الكبر سبب لكل سوءات أولئك الحكام؛ حين يظن أحدهم أنه من طينة غير الناس، وأنه يملك من الفكر والوعي بمفرده ما لا تملكه الأمة بمجموعها، وأن الله تعالى خلقه ليحكم ويتحكم؛ حين يتأله الحاكم ويحسب أن الأمر أمره والملك ملكه، وأن الناس عبيد له، وأن له من الحقوق ما ليس لهم، إن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حين كان يقول {إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد} ويقول {إنما أنا عبد} وحين يقبل بمشورة أصحابه في السلم والحرب، يتواضع لهم ويجلس مختلطاً بهم حيث انتهى به المجلس
3ـ أتي هؤلاء من قبل الثناء المفرط والمدح الزائف من قبل جيوش من المنافقين وحارقي البخور والناطقين بالباطل من كل أفاك أثيم كذاك الذي قال للأول:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
فكأنما أنت النبي محمد وكأنما أنصارك الأنصار
أنت الذي كانت تبشرنا به في كتبها الأحبار والأخبار
هؤلاء المنافقون الدجالون لن يغنوا عن الحاكم شيئاً حين يزول ملكه وتذهب دولته، فحري بكل حاكم يتقي الله أن ينحيهم وأن يهملهم لأنهم لا يزيدونه من الله إلا بعدا؛ أما إن رضي بهم وركن إليهم فهو معهم حري بقول القائل:
أمتي كم صنم مجدته لم يكن يحمل طهر الصنم
لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الذئب راعي الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما كان في الحكم عبيد الدرهم
4ـ إن واجباً على الحكام أن يتحببوا إلى الرعية بإقامة العدل وبسط الشورى والسعي بالصلاح والإصلاح، إن واجباً عليهم أن يحكموا بما أنزل الله، وأن ينزلوا العباد منازلهم بحسب آداب الشريعة وأن يجهدوا أنفسهم في السعي لهم وتنمية عيشهم وإرغاد حياتهم والتماس رغباتهم