خطب الجمعة

إدارة الأزمات من خلال قصة يوسف

خطبة يوم الجمعة 6/3/1442 الموافق 23/10/20 20

خطبة يوم الجمعة 6/3/1442 الموافق 23/10/20 20إ

1/ الغرض من القصص القرآني معاني ثلاثة وهي التفكر والاعتبار وتثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه

2/ قصة يوسف عليه السلام جاءت في سورة واحدة مكتملة الأركان مذ كان طفلاً صغيراً يتآمر عليه حُسّاده لى أن صار مسئولاً كبيراً في حكم مصر

3/ مرت به أزمة عظيمة حيث سجن ظلماً وعدواناً، وقد كانت سبباً في علو كعبه وظهور فضله وبروز علمه واحتياج الناس إليه

في قوله تعالى {تزرعون سبع سنين دأبا} من أصول الاقتصاد وحفظ المال ما فيها. لماذا؟ لأن الاقتصاد يقوم على أصلين عظيمين هما:

معرفة الأوجه التي من خلالها يُكتسب المال

معرفة الأوجه التي يُصرف فيها ذلك المال

4/ هذه القصة تدل على أن مقصود الشرائع إرشاد الناس إلى مصالحهم الدنيوية والأخروية، وهذا فضل من الله ورحمته.

قال القرطبي رحمه الله تعالى: هذه الآية أصل في القول بالمصالح الشرعية التي هي حفظ الأديان والنفوس والعقول والأنساب والأموال؟ فكل ما تضمن تحصيل شيء من هذه الأمور؟ فهو مصلحة، وكل ما يفوت شيئاً منها فهو مفسدة، ودفعه مصلحة ولا خلاف أن مقصود الشرائع إرشاد الناس إلى مصالحهم الدنيوية؛ ليحصل لهم التمكُّن من معرفة الله تعالى وعبادته الموصلتين إلى السعادة الأخروية، ومراعاة ذلك فضل من الله عز وجل ورحمة رحم بها عباده، من غير وجوب عليه، ولا استحقاق؟ هذا مذهب كافة المحققين من أهل السنة أجمعين؟ وبسطه في أصول الفقه.ا.هـــــ وتدل القصة كذلك على أن الوظيفة تكليف وليست تشريفا

5/ سياسة يوسف عليه السلام في مواجهة هذه الأزمة تقوم على أصول خلاصتها:

أولاً: مواجهة الناس بالحقائق؛ فإن الرائد لا يكذب قومه

ثانياً: الاستعداد للبلاء قبل وقوعه

ثالثاً: العمل بالمستطاع لدرء آثار الأزمة؛ فهل كانت إجراءات يوسف قاضية على الأزمة تماماً؛ بحيث لم يلحقهم في هذه السنين جوع ابدأ، أو كان تدبيره عليه السلام مصلحاً ومخففاً فقط من شدة وطأة الجوع؟ لا بد كان الشق الثاني، بدليل حديث البخاري (اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف)

رابعاً: الأزمات تحتاج إلى أخلاق خاصة من العلم والدأب والعفو والمشاركة والإيثار والإنفاق والصبر

خامساً: استشراف المستقبل {تزرعون سبع سنين دأبا}

سادساً: الاستعانة بالعلم واستعماله في مواجهة الأزمة؛ {فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ} هذه الآية الكريمة تتفق مع ما وصل إليه العلم الحديث، من أن ترك الحب في سنابله عند تخزينه، وقاية له من التلف بالعوامل الجوية والآفات، وفوق ذلك يبقيه محافظاً على محتوياته الغذائية كاملة. فسبحان الله علم الإنسان ما لم يعلم

سابعاً: الاحتياط والأخذ من أيام الرخاء لأيام الشدة فالآن تأكلون قليلاً منه والباقي يُخزَّن (ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ) هذه أصول الاقتصاد، انظر كيف أن النبوة فيها تخطيط للمستقبل ومواجهة الحالات الطارئة فيها السبع سنوات العجاف تأخذ مثلاً من السبع السنوات التي قبلها كيف قضية التخزين وكيف قضية تقسيم الأشياء على كل سنة. فكل سنة لها نصيب بحيث أن ترحيل الأشياء من سنة إلى سنة لكي يحصل سد الحاجة

ثامناً: تفعيل الطاقة البشرية وإشراكها في الحل بتعبئتها وتجنيدها

تاسعاً: بيان عناصر التخطيط الدقيق الذي يقوم على عناصر هي:

  • طول الأمد لمدة خمسة عشر عاما
  • تنفيذه على مراحل: تزرعون سبع سنين دأبا، ثم يأتي بعد ذلك سبع شداد، ثم يأتي من بعد ذلك عام يغاث فيه الناس.
  • زيادة الإنتاجية في المرحلة الأولى للوصول إلى أعلى مستويات الأداء وباستخدام أقل ما يمكن من الموارد. واستخدام كل طاقات الموجودة بزيادة نسبة التشغيل والفعالية.
  • تحديد الأهداف واستشراف المستقبل.

عاشراً: الترتيب المحكم، ودعائمه:

  • الإنتاج والادخار وترشيد الاستهلاك.
  • حفظ المقادير الزائدة بطرق علمية لكيلا يفسدها السوس والرطوبة.
  • إعادة استثمار المدخرات.
  • التوازن بين الإنتاج والاستهلاك والادخار

حادي عشر/ الاستدلال بظواهر الطبيعة وقوانينها؛ قال الشيخ السعدي: قوله: {ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} أي يحصل للناس فيه غيث مغيث، تعيد الأراضي خصبها، ويزول عنها جدبها، وذلك مأخوذ من تقييد السنين المجدبات بالسبع؛ فدل هذا القيد على أنه يلي هذه السبع ما يزيل شدتها، ويرفع جدبها، ومعلوم أن توالي سبع سنين مجدبات لا يبقي في الأرض من آثار الخضر والنوابت والزروع ونحوها لا قليلاً ولا كثيرا، ولا يرفع هذا الجدب العظيم إلا غيث عظيم، وهذا ظاهر جدا، أخذه من رؤيا الملك ومن العجب أن جميع التفاسير التي وقفت عليها لم يذكروا هذا المعنى، مع وضوحه، بل قالوا: لعل يوسف صلى الله عليه وسلم جاءه وحي خاص في هذا العام الذي فيه يغاث الناس وفيه يعصرون. والأمر لا يحتاج إلى ما ذكروه، بل هو ولله الحمد ظاهر من مفهوم العدد، وأيضا ظاهر من السياق. فإنه جعل هذا التعبير والتفسير توضيحا لرؤيا الملك

ثاني عشر/ اقتران الثروة الزراعية بالثروة الحيوانية، وذلك من وجه المناسبة في تفسير البقرات والسنابل بالسنين ظاهر في البقر من وجهين:

أحدهما أنها هي التي في الغالب يحرث عليها الأرض، والحروث والزروع وتوابعها تبع للسنين في خصبها وجدبها.

والوجه الثاني: البقر من المواشي التي سمنها وعجفها تبع للسنين أيضا، فإذا أخصبت سمنت وإذا جدبت عجفت وهزلت، وكذلك السنابل تزهو الزروع وتكمل وتنمو مع كثرة الماء والسنين المخصبات، وتضعف وتيبس مع السنين المجدبات، فكانت رؤياه في البقر والسنابل من أوصاف السنين وآثارها ومن ذكر الوسائل والغايات. فالحرث للأراضي وسيلة، ونمو الزرع وحصول السمن في المواشي هو الغاية من ذلك والمقصود.

ثالث عشر/ استخدام علم الحساب؛ كيف عرف يوسف أنه سيأتي عام رقم خمسة عشر رخاء؟ قيل: إن هذا مما فهمه الله ليوسف وعلَّمه إياه لأنه لو كان عام رقم خمسة عشر عام جدب وقحط ما صارت سبع بقرات هزيلة وسبع سنبلات يابسات كانت صارت ثمان سنبلات وثمان بقرات هزيلة فلما رأى سبعة ثم سبعة معناه أن الذي بعدها ليس جدباً وإلا صارت ثمانية فهذا من دقائق الفهم على أية حال ومما علمه الله ليوسف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى