خطبة يوم الجمعة 3/7/1430 الموافق 26/6/2009
- ثبتت النصوص الآمرة بالمؤاخاة في الله عز وجل وقد امتن الله بها على عباده فقال {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا}
- وذكر النبي صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه)
- وذكر من الخصال الثلاث الموجبة لوجود حلاوة الإيمان (أن يحب المرء لا يحبه إلا لله)
- وبيَّن عليه الصلاة والسلام أن من زار أخاً له في الله أرسل الله على مدرجته ملكاً يخبره أن الله يحبه كما أحب أخاه
- وأخبر أن دعاء المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجاب
- وأخبر أن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة
- وأن من ردَّ عن عرض أخيه المسلم ردَّ الله عن وجهه النار يوم القيامة
- وجعل من حقوق الأخوة أن يسلِّم عليه إذا لقيه، وأن ينصح له إذا استنصحه، وأن يعوده إذا مرض وأن يشمته إذا عطس، وأن يتبعه إذا مات، وأن يلقاه بوجه طليق، وأن يلين له القول
- ندرة الأخوة في زماننا مردُّها إلى أن علاقة الناس ـ غالباً ـ متعلِّقة بالدنيا لا بالآخرة، وصارت الأخوة قاصرة على المعرفة السطحية المقتصرة على الابتسامة، والتلطف في أسلوب الكلام؛ حتى جاء في الحديث الذي رواه أبو نعيم (قلّما يوجد في آخر الزمان درهم حلال، أو أخ يوثق به) قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: جمهور الناس اليوم معارف، ويندر فيهم صديق في الظاهر، أما الأخوة والمصافاة فذاك شيء نسخ فلا يُطمَع فيه.ا.هـــ ثم بيّن سبب نسخ وجود الأخوة والصفا لكون السلف كانت همتهم الآخرة وحدها فصفت نياتهم في الأخوّة والمخالطة فكانت ديناً لا دنيا
أمثلة من الأخوة في الله كما كانت بين السلف رضي الله عنهم
- صلاته صلى الله عليه وسلم على النجاشي رضي الله عنه حين مات، وقوله لعمر بن الخطاب {لا تنسني من صالح دعائك يا أخيَّ} وما كان منه مع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وأسماء بنت عميس وأولاد جعفر رضي الله عنهم
- قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إذا رزقكم الله عز وجل مودة امرئ مسلم فتشبثوا بها)
- وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر الرجل من إخوانه في بعض الليل، فيقول: يا طولها من ليلة، فإذا صلى المكتوبة غدا إليه، فإذا التقيا عانقه
- وكان ابن مسعود رضي الله عنه إذا خرج إلى أصحابه قال: أنتم جلاء حزني
- ولمّا أتى عمر الشام استقبله أبو عبيدة بن الجراح، وفاض إليه ألماً، فالتزمه عمر، وقبّل يده، وجعلا يبكيان
- وقال ابن عباس رضي الله عنهما {أَحبّ إخواني إليّ إذا رأيته قَبِلَني، وإذا غبت عنه عذرني}
- وكان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُقبّل رأس أبي بكر
- ورئي على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثوب كأنه يُكثر لبسه، فقيل له فيه، فقال: هذا كسانيه خليلي وصفيّي عمر بن الخطاب، إنّ عمر ناصح الله فنصحه الله
- ولقي الصحابي حكيم بن حزام عبدَ الله بن الزبير رضي الله عنهم بعدما قُتل الزبير فقال: كم ترك أخي من الدّيْن؟ قال: ألفي ألف. قال: عليّ منها ألف ألف
- ودخل رجل من أصحاب الحسن البصري عليه، فوجده نائماً على سريره، ووجد عند رأسه سلة فيها فاكهة، ففتحها، فجعل يأكل منها، فانتبه، فرأى الرجل يأكل، فقال: رحمك الله، هذا والله فعل الأخيار
- وقال أبو خلدة: دخلنا على ابن سيرين أنا وعبد الله بن عون، فرحب بنا، وقال: ما أدري كيف أتحفكم؟ كل رجل منكم في بيته خبز ولحم، ولكن سأطعمكم شيئاً لا أراه في بيوتكم!! فجاء بشهدة، وكان يقطع بالسكين ويطعمنا
- وقال محمد بن واسع: لا خير في صحبة الأصحاب ومحادثة الإخوان إذا كانوا عبيد بطونهم؛ لأنهم إذا كانوا كذلك ثبّط بعضهم بعضاً عن الآخرة
- وقال عثمان بن حكيم الأودي: اصحب من فوقك، ودونك في الدنيا
- وكان بلال بن سعد الأشعري يقول: أخ لك كلما لقيك ذكّرك بحظك من الله خير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك ديناراً
- وكان المحدث القارئ طلحة بن مصرف إذا لقي مالك بن مغول يقول له: لَلُقياك أحبّ إليّ من العسل
- وقال ابن عيينة: سمعت مساور الورّاق يحلف بالله عز وجل: ما كنت أقول لرجل إني أحبك في الله عز وجل فأمنعه شيئاً من الدنيا
- وكان أبو جعفر محمد بن علي يقول لأصحابه: يُدخِل أحدكم يده في كُمِّ صاحبه ويأخذ ما يريد؟ قلنا: لا. قال: فلستم بإخوان كما تزعمون
أمور تنافي الأخوة
- الشحناء والتباغض {تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً؛ إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء؛ فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا} رواه مسلم
- احتقار المسلم وانتهاك حرمته {بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه} رواه الشيخان
- أن يبيع المسلم على بيع أخيه أو يخطب على خطبة أخيه {لا يبع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يزيدن على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه}
- السخرية والهمز واللمز والتنابز بالألقاب السيئة وكل ما يؤذي كالتجسس والغيبة والنميمة