1ـ ما كان في الأيام التي مضت من الخير الكثير المتمثل في الأعمال الصالحة التي تقرب بها المسلمون إلى ربهم، من حج بيته الحرام ونحر الأضاحي تقرباً إلى الله تعالى، وإنفاق المال في ذلك، وما كان في عشر ذي الحجة من نوافل الصيام والصلاة والصدقة
2ـ تعلَّمنا من السنة النبوية المطهرة أن الاستغفار مندوب إليه عقب كل عمل صالح؛ فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول بعد الصلاة {استغفر الله} ثلاثاً، وكذلك بعد الصيام: ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله، وبعد الحج يأمرنا ربنا سبحانه وتعالى بقوله {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} وهكذا بعد كل عمل صالح؛ فالمؤمن الموفق لا يستغني عن الاستغفار أبدا
3ـ ربنا جل جلاله وصف نفسه في القرآن بأنه غفور رحيم، وأنه عفو غفور، وأنه رحيم ودود، وأنه غفور حليم، وأنه عزيز غفور، وأنه الغفور ذو الرحمة، وأنه العزيز الغفار، وأنه واسع المغفرة، وأمرنا أن نستعمل تلك الصفة الحسنى في دعائه وطلب مغفرته عز وجل
4ـ أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستغفار {واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيما} {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} وكذلك الأنبياء عليهم السلام؛ فهذا داود عليه السلام يقول الله عنه {وظن داود أنما فتناه فاستغفر به وخر راكعاً وأناب} وكذلك سليمان عليه السلام يقول الله عنه {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب} وهكذا موسى عليه السلام يقول {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له}
5ـ كل نبي دعا قومه إلى الاستغفار؛ فهذا نبي الله هود عليه السلام يقول لقومه {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين} ونبي الله صالح عليه السلام يقول لقومه {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} ونبي الله شعيب عليه السلام يقول لقومه {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد ! واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود}
6ـ الصالحون من عباد الله دأبهم الاستغفار؛ فهم يقولون {ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار} ويقولون {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} ويقولون {أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين} ويقولون {إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين}
7ـ وعد ربنا جل جلاله بقبول الاستغفار إذا استوفى شروطه، ولو كان من أعظم الذنوب وهي الشرك بالله عز وجل فقال سبحانه )قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف( وقال سبحانه )كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين ! أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ! خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ! إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم( وقال عن المنافقين {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا. إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيما}
8ـ الاستغفار سبب لكل خير في الدنيا والآخرة؛ فهو مانع من نزول العذاب )وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون( )وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا( وهو سبب لاستجلاب الرحمة والإمداد بالأموال والبنين )فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ! يرسل السماء عليكم مدرارا ! ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا( وفي الحديث القدسي {يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم {من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب}
9ـ علَّمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن يختم أحدنا يومه بالاستغفار وذلك إذا أوى إلى فراشه، وعند حدوث الذنب كما في حديث علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً إذا سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعني الله بما شاء أن ينفعني؛ وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فيتطهر؛ ثم يصلي، ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قرأ )والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم( وأمرنا بالاستغفار إذا كسفت الشمس، وأمرنا بالاستغفار إذا أمسكت السماء مطرها، وكان يستغفر عليه الصلاة والسلام لمن مات من أصحابه {استغفروا لصاحبكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل} {اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين} {من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ـ ثلاثاً ـ غفر له وإن كان فرَّ من الزحف}