خطب الجمعة

الاستقامة

خطبة يوم الجمعة 7/10/1425 الموافق 19/11/2004

1ـ الاستقامة: هي سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها كذلك. وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: الاستقامة كناية عن التمسك بأمر الله تعالى فعلاً وتركاً.

2ـ قال ابن رجب رحمه الله تعالى: أصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد؛ فمتى ما استقام القلب على معرفة الله، وعلى خشيته وإجلاله ومهابته ومحبته وإرادته ورجائه ودعائه والتوكل عليه والإعراض عما سواه، استقامت الجوارح كلها على طاعته؛ فإن القلب هو ملك الأعضاء، وهي جنوده، فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه.

3ـ حديث القرآن عن الاستقامة يهدي إلى جملة أمور:

  • وجوب الدعاء بالاستقامة في كل صلاة {اهدنا الصراط المستقيم}
  • الاستقامة جزاء الله لمن استجابوا لأمره {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً # وإذاً لآتيناهم من لدنا أجراً عظيماً # ولهديناهم صراطاً مستقيماً} {فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً}
  • الاستقامة واجب شرعي {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا} {فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم}
  • الدعوة إلى الاستقامة هي المهمة الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم {وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم # وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون} {إنك لمن المرسلين # على صراط مستقيم} {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم # صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض}
  • الاستقامة سبب لنفي الخوف والحزن عن أهلها {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون}

4ـ حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستقامة يهدي إلى جملة أمور:

  • الأمر بالاستقامة على كل حال عن ثوبان {استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن} أخرجه ابن ماجه وابن حبان والدارمي، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن معاذ بن جبل رضي الله عنه أراد سفراً فقال: يا رسول الله أوصني؟ قال: {اعبد الله لا تشرك به شيئاً} قال: يا رسول الله زدني؟ قال: {إذا أسأت فأحسن} قال: يا رسول الله زد؟ قال: استقم ولْتُحْسِنْ خلقك. رواه الحاكم، وعن سفيان بن عبد الله الثقفي أنه قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك؟ قال: {قل آمنت بالله ثم استقم} رواه مسلم
  • الدعاء بالثبات عليها، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته: {اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم} رواه مسلم
  • بيان وسيلة الاستقامة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه) رواه أحمد

شروط الاستقامة

1ـ أن تكون على أمر الله عز وجل {كما أمرت} عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: «لمّا توفّي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل النّاس وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلّا اللّه، فمن قال: لا إله إلّا اللّه عصم منّي ماله ونفسه إلّا بحقّه وحسابه على اللّه؟ فقال: واللّه لأقاتلنّ من فرّق بين الصّلاة والزّكاة، فإنّ الزّكاة حقّ المال، واللّه لو منعوني عقالاً كانوا يؤدّونه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لقاتلتهم على منعه. فقال عمر بن الخطّاب: فو اللّه ما هو إلّا أن رأيت اللّه- عزّ وجلّ- قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنّه الحقّ». وعن عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه-: أنّه جاء إلى الحجر الأسود فقبّله فقال: «إنّي أعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أنّي رأيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقبّلك ما قبّلتك» عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: «قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحرّ بن قيس بن حصن- وكان من النّفر الذين يدنيهم عمر، وكان القرّاء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبّانا- فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي! هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عبّاس: فاستأذن لعيينة. فلمّا دخل قال: يابن الخطّاب، واللّه ما تعطينا الجزل، وما تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتّى همّ بأن يقع به، فقال الحرّ: يا أمير المؤمنين، إنّ اللّه تعالى قال لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ. وإنّ هذا من الجاهلين. فواللّه ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقّافا عند كتاب اللّه» وعن عليّ بن أبي طالب- رضي اللّه عنه-: «لو كان الدّين بالرّأي لكان أسفل الخفّ أولى بالمسح من أعلاه». وزاد أبو داود «وقد رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يمسح على ظاهر خفّيه». وعنه- رضي اللّه عنه- أنّه أتي بدابّة ليركبها فلمّا وضع رجله في الرّكاب، قال: «بسم اللّه، فلمّا استوى على ظهرها قال: الحمد للّه، ثمّ قال: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ثمّ قال: الحمد للّه ثلاث مرّات، ثمّ قال: اللّه أكبر ثلاث مرّات، ثمّ قال: سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت، ثمّ ضحك، فقيل: يا أمير المؤمنين، من أيّ شيء ضحكت؟ قال: رأيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فعل كما فعلت ثمّ ضحك، فقلت: يا رسول اللّه؛ من أيّ شيء ضحكت؟ قال: «إنّ ربّك يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي يعلم أنّه لا يغفر الذّنوب غيري». عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: «سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنّكم إليها. فقال بلال بن عبد اللّه: واللّه لنمنعهنّ. قال: فأقبل عليه عبد اللّه فسبّه سبّا سيّئا. ما سمعته سبّه مثله قطّ. وقال: أخبرك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وتقول واللّه لنمنعهنّ!». وعن ابن عباس: قال لي معاوية: أنت على ملة علي؟ قلت: ولا على ملة عثمان! أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسـلم. عن الشافعي وقد قال له رجل: تأخذ بهذا الحديث يا أبا عبد الله؟ فقال: متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسـلم حديثاً صحيحاً ولم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب. قال عروة بن الزبير: بلغنا أن الناس قد بكوا على رسول الله صلى الله عليه وسـلم وقالوا: ليتنا متنا قبله؛ نخشى أن نفتتن بعده! فقال معن: لكني والله ما أحب أني مت قبله؛ حتى أصدقه ميتاً كما صدقته حيا. وقال مالك رحمه الله تعالى: سَنَّ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُلاَةُ الأَمْرِ بَعْدَهُ سُنَناً، الأَخْذُ بِهَا اتِّبَاعٌ لِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتِكمَالٌ بِطَاعَةِ اللهِ، وَقُوَّةٌ عَلَى دِيْنِ اللهِ، لَيْسَ لأَحَدٍ تَغِييرُهَا وَلاَ تَبْدِيلُهَا، وَلاَ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ خَالَفَهَا، مَنِ اهْتَدَى بِهَا، فَهُوَ مُهتَدٍ، وَمَنِ اسْتَنصَرَ بِهَا، فَهُوَ مَنْصُوْرٌ، وَمَنْ تَرَكَهَا، اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيْلِ المُؤْمِنِيْنَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى، وَأَصْلاَهُ جَهَنَّمَ، وَسَاءتْ مَصِيْراً.

2ـ أن تصحبها توبة لله متجددة {ومن تاب معك}

3ـ عدم الطغيان {ولا تطغوا} وقال القرطبيّ: الطّغيان: تجاوز الحدّ في الظّلم والغلوّ فيه، وذلك أنّ الظّلم منه صغيرة ومنه كبيرة، فمن تجاوز منزلة الصّغيرة فقد طغى.

  • في قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى} قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو أبو جهل بقوله: لئن رأيت محمّدا يصلّي عند الكعبة لأطأنّ عنقه.
  • وقال وهب بن منبه رحمه الله تعالى في قوله تعالى: {اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى} وقل له: أجب ربّك فإنّه واسع المغفرة وقد أمهلك أربعمائة سنة في كلّها أنت مبارز بالمحاربة تسبّه، وتتمثّل به، وتصدّ عباده عن سبيله، وهو يمطر عليك السّماء وينبت لك الأرض.
  • عن قتادة في قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى} قال: لم يكن قبيل من النّاس هم أظلم وأطغى من قوم نوح، دعاهم نوح ألف سنة إلّا خمسين عاما، كلّما هلك قرن ونشأ قرن دعاهم، حتّى لقد ذكر أنّ الرّجل كان يأخذ بيد أخيه أو ابنه فيمشي إليه فيقول: يا بنيّ إنّ أبي قد مشى بي إلى هذا وأنا مثلك يومئذ، تتابعاً في الضّلالة وتكذيب أمر اللّه- عزّ وجلّ

4- دوام المراقبة {إنه بما تعملون بصير}

  • قيل للأحنف بن قيس: إنك كبير وإن الصوم يضعفك! قال: إني أعده لسفر طويل. وقيل: كانت عامة صلاة الأحنف بالليل، وكان يضع أصبعه على المصباح ثم يقول: حس. ويقول: ما حملك يا أحنف على أن صنعت كذا يوم كذا؟!
  • شرب سعيد بن جبير شربة من عسل في قدح؛ ثم قال: والله لأسألن عنه. قيل: لم؟ قال: شربته وأنا أستلذه.
  • وقال حاتم الأصم: تعاهد نفسك في ثلاث: إذا عملت فاذكر نظر الله إليك، وإذا تكلمت فاذكر سمع الله منك، وإذا سكت فانظر علم الله فيك.
  • وعن عبد الله بن دينار قال: خرجت مع ابن عمر إلى مكة؛ فعرسنا؛ فانحدر علينا راع من جبل؛ فقال له ابن عمر: أراع؟ قال: نعم. قال: بعني شاة من الغنم. قال: إني مملوك. قال: قل لسيدك: أكلها الذئب. قال: فأين الله عز وجل؟ قال ابن عمر: فأين الله‼ ثم بكى، ثم اشتراه بعد فأعتقه.

5- عدم الركون إلى الظالمين {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا}

  • قيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك ولا يحركك ولا يؤذيك؟ قال: والله ما أدري، إلا أنه دخل ذات يوم مع أبيه المسجد، فصلى صلاة لا يتم ركوعها ولا سجودها؛ فأخذت كفاً من حصى فحصبته بها. زعم أن الحجاج قال: ما زلت بعدها أحسن الصلاة.
  • حج سليمان بن عبد الملك فوافى طاووس بمكة. فقيل لطاووس: “حدِّث أمير المؤمنين”. فقال طاووس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة من أشركه الله في سلطانه فجار في حكمه) قال الفضل بن سليمان: فرأيت سليمان بن عبد الملك قد تغير وجهه.
  • عمل أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الناصر الأموي في بعض سطوح الزهراء قبة بالذهب والفضة وجلس فيها، ودخل الأعيان فجاء منذر بن سعيد البلوطي، فقال له الخليفة كما قال لمن قبله: هل رأيت أو سمعت أن أحداً من الخلفاء قبلي فعل مثل هذا؟ فأقبلت دموع القاضي تتحدر. ثم قال: والله يا أمير المؤمنين ما ظننت أن الشيطان يبلغ منك هذا المبلغ أن أنزلك منازل الكفار. قال لم؟ فقال: قال الله عز وجل: (ولولا أن يكون الناس أمةً واحدةً لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون * ولبيوتهم أبواباً وسروراً عليها يتكئون وزخرفاً وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين). فنكس الناصر رأسه طويلا، ثم قال: جزاك الله عنا خيراً وعن المسلمين، الذي قلت هو الحق، وأمر بنقض سقف القبة. دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك بن مروان فقال له: يا أبا محمد: حاجتك؟ قال: يا أمير المؤمنين. اتق الله في حرم الله، وحرم رسوله، فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين، فإنك وحدك المسؤول عنهم، واتق الله فيمن على بابك، فلا تغفل عنهم، ولا تغلق دونهم بابك، فقال له: أفعل، ثم نهض وقام.
  • الإمام ابن أبي ذئب قال له أبو جعفر المنصور: نشدتك الله، ألست أعمل بالحق؟ أليس تراني أعدل؟ فقال ابن أبي ذئب: أما إذ نشدتني بالله فأقول: اللهم لا، ما أراك تعدل، وإنك لجائر، وإنك لتستعمل الظلمة وتدع أهل الخير، فجزع أبو جعفر وقال له: قم فاخرج. وفي رواية أنه قال له: ما تقول في؟ وأعاد عليه، فقال: ورب هذه البنية إنك لجائر. ولما حج المهدي بن المنصور ودخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبق أحد إلا قام له إلا ابن أبي ذئب، فقيل له: قم. قال: إنما يقوم الناس لرب العالمين. فقال المهدي: دعوه فقد قامت كل شعرة في رأسي.
  • ناظر أبو جعفر المنصور مالكاً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فرفع المنصور صوته، فقال له الإمام مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله تعالى أدب قوماً فقال (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي..)[1] ومدح قوماً فقال: (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) وذم قوماً فقال: (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون).

6- المحافظة على الصلوات {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل}

  • عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: «من سرّه أن يلقى اللّه غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصّلوات حيث ينادى بهنّ. فإنّ اللّه شرع لنبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم سنن الهدى، وإنّهنّ من سنن الهدى، ولو أنّكم صلّيتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلّف في بيته لتركتم سنّة نبيّكم، ولو تركتم سنّة نبيّكم لضللتم. وما من رجل يتطهّر فيحسن الطّهور ثمّ يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلّا كتب اللّه له بكلّ خطوة يخطوها حسنة. ويرفعه بها درجة. ويحطّ عنه بها سيّئة. ولقد رأيتنا وما يتخلّف عنها إلّا منافق معلوم النّفاق. ولقد كان الرّجل يؤتى به يهادى بين الرّجلين حتّى يقام في الصّفّ….
  • عن نافع: كان ابن عمر إذا فاتته العشاء في جماعة أحيا ليلته.
  • وقال سعيد بن المسيب: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.
  • عن أبي حيان عن أبيه: كان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج؛ فقيل له: قد رخص لك. فقال: إني أسمع حي على الصلاة؛ فإن استطعتم أن تأتوها ولو حبوا. وقال: ما يسرني أن هذا الذي بي بأعتى الديلم على الله.
  • وكان المزني إذا فاتته الجماعة صلى تلك الليلة خمساً وعشرين مرة.
  • وقال بعضهم: إذا سمعتم حي على الصلاة ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقبرة.

7- الصبر على طاعة الله عز وجل {واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}

نماذج للاستقامة

  • عن قيس بن أبي حازم قال: دخل أبو بكر- رضي اللّه عنه- على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تكلّم، فقال: «ما لها لا تكلّم؟ قالوا: حجّت مصمته، قال لها: تكلّمي؛ فإنّ هذا لا يحلّ، هذا من عمل الجاهليّة فتكلّمت فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين، قالت: أيّ المهاجرين؟ قال: من قريش. قالت: من أيّ قريش أنت؟ قال: إنّك لسئول، أنا أبو بكر. قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصّالح الّذي جاء اللّه به بعد الجاهليّة؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمّتكم. قالت: وما الأئمّة؟ قال: أما كان لقومك رءوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى. قال: فهم أولئك على النّاس» رواه البخاري
  • رَوَى: هِشَامٌ، عَنِ الحَسَنِ: أَنَّ زِيَادَ بنَ أَبِيْهِ بَعَثَ الحَكَمَ بنَ عَمْرٍو عَلَى خُرَاسَانَ، فَغَنِمُوا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أَصْطَفِيَ لَهُ الصَّفْرَاءَ وَالبَيْضَاءَ، لاَ تَقْسِمْ بَيْنَ النَّاسِ ذَهَباً وَلاَ فِضَّةً. فَكَتَب إِلَيْهِ الحَكَمُ: أُقْسِمُ بِاللهِ، لَوْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ رَتْقاً عَلَى عَبْدٍ، فَاتَّقَى اللهَ، يَجْعَلُ لَهُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَخْرَجاً، وَالسَّلاَمُ. ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: اغْدُوا عَلَى فَيْئِكُمْ، فَاقْسِمُوْهُ
  • قَالَ عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ: أَلاَ تَرَوْنِي لاَ أَقُوْمُ إِلاَّ رِفْداً، وَلاَ آكُلُ إِلاَّ مَا لُوِّقَ -يَعْنِي: لُيِّنَ وَسُخِّنَ- وَقَدْ مَاتَ صَاحِبِي مُنْذُ زَمَانٍ -يَعْنِي: ذَكَرَهُ- وَمَا يَسُرُّنِي أَنِّي خَلَوْتُ بِامْرَأَةٍ لاَ تَحِلُّ لِي، وَإِنَّ لِي مَا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، مَخَافَةَ أَنْ يَأْتِيَ الشَّيْطَانُ فَيُحَرِّكَهُ، عَلَى أَنَّه لاَ سَمْعَ لَهُ وَلاَ بَصَرَ.
  • عن ابن المنكدر قال: كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت

[1] – سورة الحجرات:2.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى