خطبة يوم الجمعة 11/11/1435 الموافق 5/9/2014
1- الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون. وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له (أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وعظيمنا محمداً رسول الله الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، والبشير النذير، أرسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه {الذين عزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} أما بعد.
2- فمعتقد المسلمين في صحابة النبي الكريم رضي الله عنهم أنهم خير خلق الله بعد الأنبياء وأنهم صادقون بارون راشدون هادون مهديون، قد رضي الله عنهم ورضوا عنه، وهم قوم قد اختارهم الله لصحبة نبيه ونصرة دينه؛ فكانوا أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها هدياً وأقلها تكلفا، وهم محبون لجميعهم لا يفرقون بين أحد منهم، يبثون بين الناس مناقبهم وينشرون فضائلهم وينوهون بمحاسنهم، ويصبحون ويمسون وهم بالخير يذكرونهم ويتبرؤون ممن آذاهم أو سبهم، يحبونهم ولا يفرطون في حب أحد منهم، ولا يتبرؤون من أحد منهم، ويبغضون من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا يذكرونهم إلا بخير، ويوقنون أن حبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان؛ مستجيبين في ذلك لأمر الله تعالى حين قال {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} وقد قيل:
إني أُحب أبا حفص وشيعته كما أحب عتيقاً صاحب الغار
وقد رضيت علياً قدوة علماً وما رضيت بقتل الشيخ في الدار
كل الصحابة ساداتي ومعتقدي فهل عليَّ بهذا القول من عار
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
ولا يستطيع الفاعلون كفعلهم وإن حاولوا في النازلات وأجملوا
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه” وقال ابن عباس رضي الله عنهما: “لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم فلمقام أحدهم ساعة - يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم – خير من عمل أحدكم أربعين سنة”
3- وكذلك يحبون آل البيت عليهم السلام ويحفظون وصية رسول الله صلى الله عليه وسـلم فيهم؛ قال تعالى {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن أم سلمة رضي الله عنها أن هذه الآية لما نزلت أدار النبي صلى الله عليه وسلم كساءه على علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم فقال: “اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا” ولا يصلي مسلم صلاة إلا قرن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسـلم بالصلاة على آله فقال “اللهم صل على محمد وعلى آل محمد” أو قال “اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد”
4- لماذا يكره الرافضة الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم؟ فالجواب أنهم يريدون بذلك هدم الدين؛ لأن القرآن حق والسنة حق، وقد نقلهما إلينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسـلم؛ فمتى ما حصل الطعن في المخبر حصل الطعن في الخبر، وبذا يهدمون الدين كله؛ كما قال أبو زرعة الرازي رحمه الله: ((إذا رأيت الرجلَ ينتقصُ أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسـلم فاعلم أنَّه زنديقٌ؛ وذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسـلم عندنا حقٌّ والقرآن حقٌّ، وإنَّما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسننَ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسـلم، وإنَّما يريدون أن يجرحوا شهودَنا ليُبطلوا الكتاب والسنَّة، والجرحُ بهم أولى، وهم زنادقةٌ))، ثم إنهم ضالون تائهون حين يعرضون عن نصوص القرآن القطعية التي زكت الصحابة رضي الله عنهم وبينت عدالتهم وشرفهم وصدق ديانتهم، ويتعلقون بروايات تاريخية مكذوبة يسردها الكذابون من أمثال أبي مخنف لوط بن يحيى ومن كان على مشربه من الإخباريين، وقد بذل لهم النصح أحد أئمة الزيدية وهو الإمام العلامة الفذ محمد بن علي الشوكاني رحمه الله تعالى في رسالته القيمة (إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي) بعدما نقل إجماع أهل البيت من اثني عشر طريقاً على تحريم سبِّ الصحابة رضي الله عنهم، وتحريم التكفير والتفسيق لأحد منهم، قال رحمه الله تعالى: ((فيا من أفسد دينه بذمِّ خير القرون، وفعل بنفسه ما لا يفعله المجنون! إن قلت: اقتديت في سبهم بالكتاب العزيز. كذبت في هذه الدعوى؛ من كان له في معرفة القرآن أدنى تبريز، إنه مصرح لأن الله ـ جل جلاله ـ قد رضي عنهم، ومشحون بمناقبهم، ومحاسن أفعالهم ومرشد إلى الدعاء لهم، وإن قلت: اقتديت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المطهرة قام في وجه دعواك الباطلة ما في كتب السنة الصحيحة من مؤلفات أهل البيت وغيرهم من النصوص المصرحة بالنهي عن سبهم وعن أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وأنهم خير القرون، وأنهم من أهل الجنة، وأن رسول الله ـصلى الله عليه وسلم مات وهو راض عنهم وما في طي تلك الدفاتر الحديثية من ذكر مناقبهم الجمة كجهادهم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيعهم نفوسهم وأموالهم من الله ومفارقتهم الأهل والأوطان والأحباب والأخدان طلباً للدين وفراراً من مساكنة الجاحدين وكم يعد العاد من هذه المناقب التي لا تتسع له إلا مجلدات. ومن نظر في كتب السير والحديث عرف من ذلك ما لا يحيط به الحصر وإن قلت أيها الساب لخير هذه الأمة من الأصحاب: إنك اقتديت بأئمة أهل البيت في هذه القضية الفظيعة، فقد حكينا لك في هذه الرسالة إجماعهم على خلاف ما أنت عليه من تلك الطرق.ا.هــــــــــــــ.
واليهود والنصارى خير من الرافضة؛ فإنه لو قيل لليهود: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب موسى، ولو قيل للنصارى: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب عيسى، ولو قيل للرافضة: من شر أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب محمد!! لم يستثنوا منهم إلا القليل‼ وفيمن سبوهم من هو خير ممن استثنوهم بأضعاف مضاعفة.
5- هذه البلاد الطيب أهلها، والتي تجد في أسماء أهل البيت الواحد من بيوتها أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وطلحة والزبير وسعداً وسعيداً وعبد الرحمن وأبا عبيدة ومعاوية وأبا ذر وعماراً، وفاطمة وعائشة وصفية وخديجة وزينب، وما سموا أولادهم بهذه الأسماء إلا حباً في الصحابة الأبرار وآل البيت الأطهار عليهم من الله الرضوان، وأهل هذه البلاد يعيشون آمنين مسالمين قد تحدث بينهم خلافات وتثور بينهم مشاحنات لكنهم لا يرفعون سلاحاً ولا يسفكون دماً حراماً ولا يسعون بفتنة، هذا هو حال السواد الأعظم من المسلمين في هذه البلاد، وما زالوا يعيشون على اختلاف أحزابهم وجماعاتهم في وئام وسلام، لا يعدو أن يكون خلافهم تراشقاً بالألفاظ أو تشاحناً سرعان ما يزول، حتى نبتت فيها نبتة خبيثة حين جاء الشيعة الروافض بخيلهم ورجلهم يرومون تغيير العقائد وطمس الهوية وزرع الفتن مستخدمين في ذلك من قل من الله خوفه ولم يرج لله وقارا من كل أفاك أثيم؛ فاتخذوا لهم واجهات اجتماعية واقتصادية وثقافية وتعليمية حتى بلغت بهم الجرأة أن افتتحوا حسينيات – كما يسمونها – والحسين منهم بريء، ثم سعوا في غزو الجامعات والمدارس والتأثير على المناهج الدراسية
6- إن الحادبين على مصلحة البلاد والعباد ما فتئوا يحذون من تمكين الروافض من بث باطلهم ونشر زيغهم في ربوع هذه البلاد وقد كتبوا في ذلك للمسئولين وخطبوا على المنابر وأعذروا إلى الله عز وجل بتبيين خطر هذه النحلة، وقد كان المسئولون معذورين – فيما يبدو – فبعضهم لا عهد له بهذه العقائد وكان يظن أن الخلاف إنما هو في فروع المسائل، وبعضهم خدعته شعارات الوحدة الإسلامية التي يرفعها ملالي قم تقية ونفاقا {يخادعون الله والذين آمنوا}
7- إن القرار الذي صدر قبل أيام ثلاثة بإغلاق المراكز الثقافية الإيرانية في طول البلاد وعرضها وطرد أولئك المعممين الذين نشروا الفتنة في البلاد لهو قرار صائب موفق، أسأل الله تعالى أن يجزي خيراً من سعى في إصداره ومن بذل جهداً في إحقاق الحق وإبطال الباطل؛ فإن من أولى أولويات الدولة المسلمة أن تحفظ على الناس عقائدهم وتمنع عنهم العوادي والمؤثرات التي تفسد عليهم دينهم. ولا بد من استكمال الطريق فهذه خطوة أولى وليست خطوة أخيرة، بل لا بد من أن يتبع الحية أذنابها وذلك باتخاذ خطوات أهمها:
أولاً: سن قوانين رادعة تجرم وتعاقب كل من يسيء إلى أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسـلم
ثانياً: تتبع بؤر الفساد التي خلفها القوم وراءهم من حسينيات ومكتبات وغيرها من أجل إغلاقها وتحويل ملكيتها وتوظيفها لما يعود بالنفع على البلاد والعباد
ثالثاً: تهيئة الأجواء لحوارات مفتوحة في جو سليم مع من تأثروا بهذا الفكر الشيطاني وذلك من أجل إرشاد الغافل وتعليم الجاهل وهداية الضال، وأهل العلم والحمد لله وافرون وهم لهذه المهمة جاهزون
رابعاً: الأخذ على أيدي السفهاء الذين يتبعون كل ناعق ويقلدون كل قائل ممن لا تنفعهم الحجة ولا يقنعهم البرهان؛ فإ، الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن