1/ فإن الناظر في أحوال الناس يجد أن عامة البلاء الذي أتوا من قبله أنهم فقدوا خلقاً عظيماً من أخلاق الإسلام ألا وهو الصبر؛ فطالب المال الحريص على الدنيا لا يصبر حتى يبلغ ما يريد، بل يسلك كل سبيل للحصول على المال وإن كان حراماً، وطالب العلم لا يصبر على ذلِّ الطلب، بل يريد أن يجلس للتدريس قبل أن يتأهل، ويتصدر للفتيا قبل أن يستكمل أدواتها، وهكذا طالب الحكم الطامح إلى المجد، قد يحمل السلاح ويسفك الدماء ويضع يده في يد عدو الله ورسوله من أجل بلوغ الغاية التي يريد، ولذا أبدأ القرآن وأعاد في ذكر الصبر والأمر به والحث عليه والتنويه بشأن أهله؛ لأن الصبر مطية إلى الظفر، وطريق إلى الجنة، وسبيل إلى نيل رضوان الله والفوز بمحبته، إضافة إلى ما للصبر من قيمة دينية وخلقية؛ فالصبر ضرورة ليرقى الإنسان مادياً ومعنوياً، ويسعد فردياً واجتماعياً؛ فلا ينتصر دين ولا تنهض دنيا إلا بالصبر؛ فلولا الصبر ما كان نجاح في الدنيا ولا فلاح في الآخرة؛ فمن صبر ظفر، ومن لم يصبر لم ينل شيئاً
2/ لولا صبر الزارع على زرعه ما حصد، ولولا صبر الغارس على غرسه ما جنى، ولولا صبر الطالب على درسه ما نجح، ولولا صبر المقاتل في ساحات الوغى ما انتصر، وهكذا الناجحون في كل زمان ومكان: إنما حققوا آمالهم بالصبر، استمرئوا المر، واستعذبوا العذاب، واستهانوا بالصعاب، ومشوا على الشوك، وحفروا الصخور بالأظافر، ولم يبالوا بالأحجار تقف في طريقهم، والطعنات تسدد إلى ظهورهم، والشراك تنصب للإيقاع بهم، والكلاب تنبح من حولهم، بل مضوا في طريقهم غير وانين ولا متوقفين، متسلحين بالعزيمة، متذرعين بالصبر؛ وما أصدق قول الشاعر:
وقلَّ من جدَّ في أمر يحاوله واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
3/ لقد عرف عُشَّاق المجد وخُطَّاب المعالي وطُلَّاب السيادة أن الرفعة في الدنيا كالفوز في الآخرة؛ لا تنال إلا بركوب متن المشقات وتجرع غصص الآلام، والصبر عن كثير مما يُحب، وعلى كثير مما يُكره، وبغير هذا لا يتم عمل، ولا يتحقق أمل، ومن تخيل سوى ذلك فهو كالذي قال لابن سيرين: إني رأيت أني أسبح في غير ماء وأطير بغير جناح! فقال له ابن سيرين: أنت رجل كثير الأحلام والأماني، تتمنى ما لا يقع، وتحلم بما لا يكون. وقد قيل:
لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
وقد كان المتنبي واحداً من طلاب الدنيا الطامحين إلى العلو في الأرض الساعين إلى الولاية والحكم بكل سبيل؛ فقال مصوراً حاله وحال من كان مثله:
لا يبلغ المجد إلا سيِّدٌ فطــنٌ لما يشق على السادات فعال
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجـود يفقر والإقدام قتال
4/ تعريف الصبر: حبس النفس على ما تكره؛ فيحبس لسانه عن التشكي، ونفسه عن الجزع، وجوارحه عن لطم الخدود وشق الجيوب، وحقيقته أنه خلق فاضل من أخلاق النفس، يحملها على ترك فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها قوام أمرها وصلاح شأنها
5/ في الفرق بين الصبر والتصبر والاصطبار والمصابرة: أن الصبر سجية في النفس، وخلق راسخ فيها ملازم لها، والتصبر: تكلف الصبر وتجرع مرارته واستدعاؤه عند الحاجة، والاصطبار أبلغ؛ إذ هو افتعال من الصبر بمنزلة الاكتساب، والمصابرة منازلة عدو في ميدان الصبر كالمشاتمة والمضاربة
6/ نصوص القرآن الواردة في الصبر، وأقسامها في ذلك:
- الأمر به {واصبر لحكم ربك} {واصبر وما صبرك إلا بالله}
- النهي عن ضده {ولا تستعجل لهم} {ولا تكن كصاحب الحوت}
- تعليق الفلاح به {اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}
- تعليق الفوز والظفر به {إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين}
- جعله جنة من العدو مع التقوى {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً}
- جعله سبباً لمعية الله تعالى {إن الله مع الصابرين}
- وعد الصابرين ثلاث خصال ليست لغيرهم {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}
- جعل أجرهم مضاعفاً {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}
- جعله سبباً لنيل الإمامة في الدين {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}
- جعله عوناً وعدة وأمر بالاستعانة به {واستعينوا بالصبر والصلاة}
- جعله سبباً لسلام الملائكة عليهم {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}
- أقسم أن الصبر خير لهم بعدما أباح لهم أن ينتصروا لأنفسهم {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}
- جعله من عزائم الأمور {ولمن صبر وغفر إن ذلك لم عزم الأمور} {واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور}
- جعله سبباً للنصر والتمكين {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}
- رتب على الصبر المغفرة والأجر الكبير {إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير}
- أخبر بأن آياته لا ينتفع بها إلا أهل الصبر {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} في سورة إبراهيم ولقمان وسبأ والشورى
- حكم بالخسران على جميع بني الإنسان إلا من اتصفوا بالصبر مع الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق ـ وذلك في سورة العصر
- محبته للصابرين )والله يحب الصابرين(
- أنهم المؤهلون للخيرات )وما يلقاها إلا الذين صبروا( )ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون(
- أثنى على عبده أيوب عليه السلام بهذه الخصلة الحميدة )إنا وجدنا صابراً نعم العبد إنه أواب( وقال إسماعيل لأبيه )ستجدني إن شاء الله من الصابرين( وقال موسى للخضر )ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمرا( وقال عن أنبيائه )وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين(
- جعل الصابرين هم أهل الميمنة )ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولئك أصحاب الميمنة(
- قرن الصبر بشعب الإيمان وأركان الإسلام فقرنه بالصلاة والتقوى والحق والصدق والشكر والعمل الصالح
- وقد قال الربيع بن سليمان رحمه الله تعالى:
صبر جميل ما أسرع الفرجا من صدق الله في الأمور نجا
من خشي الله لم ينله أذى من رجا الله كان حيث رجا
- ذكر شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي رحمه الله تعالى أن الصبر على ثلاث درجات، الدرجة الأولى: الصبر عن المعصية بمطالعة الوعيد؛ إبقاءً على الإيمان، وحذراً من الحرام، وأحسن منها الصبر عن المعصية حياءً. والدرجة الثانية: الصبر على الطاعة بالمحافظة عليها دواماً، وبرعايتها إخلاصاً، وبتحسينها علماً. الدرجة الثالثة: الصبر في البلاء. وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: إن الصبر على ثلاثة أنواع: صبر بالله، وصبر لله، وصبر مع الله، فالأول: صبر الاستعانة به ورؤيته أنه هو المصبِّر، وأن صبر العبد بربه لا بنفسه، كما قال سبحانه {واصبر وما صبرك إلا بالله} يعني: إن لم يصبِّرك هو لم تصبر. والثاني: الصبر لله، وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله، وإرادة وجهه، والتقرب إليه، لا لإظهار قوة النفس. والثالث: الصبر مع الله، وهو دوران العبد مع مراد الله الديني منه، ومع أحكامه الدينية، صابراً نفسه معها، سائراً بسيرها.
- مما يعين على الصبر ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى: في كتابه (مدارج السالكين) فقال: هذه ثلاثة أشياء تبعث المتلبس بها على الصبر في البلاء: إحداها: ملاحظة حسن الجزاء، وعلى حسب ملاحظته والوثوق به ومطالعته يخف حمل البلاء لشهود العوض، وهذا كما يخف على كل متحمل مشقة عظيمة حملها لما يلاحظه من لذة عاقبتها، وظفره بها، ولولا ذلك لتعطلت مصالح الدنيا والآخرة، وما أقدم أحد على تحمل مشقة عاجلة إلا لثمرة مؤجلة، فالنفس موكلة بحب العاجل، وإنما خاصة العقل تلمح العواقب ومطالعة الغايات، وأجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من رافق الراحة فارق الراحة وحصل على المشقة وقت الراحة في دار الراحة، فإن قدر التعب تكون الراحة.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
والقصد أن ملاحظة حسن العاقبة تعين على الصبر فيما تتحمله باختيارك وغير اختيارك. والثاني: انتظار روح الفرج يعني راحته ونسيمه ولذته؛ فإن انتظاره ومطالعته وترقبه يخفف حمل المشقة، ولا سيما عند قوة الرجاء، أو القطع بالفرج، فإنه يجد في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه وراحته ما هو من خفي الألطاف، وما هو فرج معجل وبه وبغيره يفهم معنى اسمه اللطيف. والثالث: تهوين البلية بأمرين: أحدهما أن يعد نعم الله عليه وأياديه عنده.. فإذا عجز عن عدِّها، وأيس من حصرها هان عليه ما هو فيه من البلاء، ورآه بالنسبة إلى أيادي الله ونعمه كقطرة من بحر، الثاني: تذكر سوالف النعم التي أنعم الله بها عليه، فهذا يتعلق بالماضي، وتعداد أيادي المنن يتعلق بالحال، وملاحظة حسن الجزاء، وانتظار روح الفرج يتعلق بالمستقبل. وأحدهما في الدنيا والثاني يوم الجزاء
- أحاديث الصبر في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم كثيرة جليلة منها:
- وعن أبي مالكٍ الحارث بن عاصمٍ الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن – أو تملأ – ما بين السماوات والأرض، والصلاة نورٌ، والصدقة برهانٌ، والصبر ضياءٌ، والقرآن حجةٌ لك أو عليك. كل الناس يغدو، فبائعٌ نفسه فمعتقها، أو موبقها} رواه مسلم.
- وعن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنانٍ الخدري رضي الله عنه: أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال لهم حين أنفق كل شيءٍ بيده {ما يكن عندي من خيرٍ فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله. وما أعطي أحدٌ عطاءً خيراً وأوسع من الصبر} متفقٌ عليه.
- وعن أبي يحيى صهيب بن سنانٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خيرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له} رواه مسلم.
- وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه. فقال {ليس على أبيك كربٌ بعد اليوم} فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب رباً دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه؛ فلما دفن قالت فاطمة رضي الله عنها: أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟ رواه البخاري.
- وعن أبي زيدٍ أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه وابن حبه، رضي الله عنهما، قال: أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم: إن ابني قد احتضر فاستشهد فأرسل يقرئ السلام ويقول {أن الله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمىً، فلتصبر ولتحتسب} فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها. فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبلٍ، وأبي بن كعبٍ، وزيد بن ثابتٍ، ورجالٌ رضي الله عنهم، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي، فأقعده في حجره ونفسه تقعقع؛ ففاضت عيناه، فقال سعدٌ: يا رسول الله ما هذا؟ فقال {هذه رحمةٌ جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وفي روايةٍ: في قلوب من شاء من عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء} متفقٌ عليه.
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {يقول الله تعالى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إلاَّ الجنَّة} رواه البخاري.
- وعن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فأخبرها أنه كان عذاباً يبعثه الله تعالى على من يشاء، فجعله الله تعالى رحمةً للمؤمنين، فليس من عبدٍ يقع في الطاعون فيمكث في بلده صابراً محتسباً يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد رواه البخاري.
- وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة} يريد عينيه، رواه البخاري.
- وعن عطاء بن أبي رباحٍ قال: قال لي ابن عباسٍ رضي الله عنهما: ألا أريك امرأةً من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله تعالى لي قال {إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك} فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف، فادع الله ألا أتكشف، فدعا لها. متفقٌ عليه.
- وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه، يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون متفقٌ عليه.
- وعن أبي سعيدٍ وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ما يصيب المسلم من نصب ولا وصبٍ ولا همٍ ولا حزنٍ ولا أذىً ولا غمٍ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه} متفقٌ عليه. والوصب: المرض.
- وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فقلت: يا رسول الله إنك توعك وعكاً شديداً قال {أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم} قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال {أجل ذلك كذلك ما من مسلمٍ يصيبه أذىً؛ شوكةٌ فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته، وحطت عنه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها} متفقٌ عليه.
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من يرد الله به خيراً يصب منه} رواه البخاري.
- وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا يتمنين أحدكم الموت لضرٍ أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي} متفقٌ عليه.
- وعن أبي عبد الله خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسدٌ بردةً له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال {قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون} رواه البخاري.
- وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ناساً في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابسٍ مائةً من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن مثل ذلك، وأعطى ناساً من أشراف العرب وآثرهم يومئذٍ في القسمة. فقال رجلٌ: والله إن هذه قسمةٌ ما عدل فيها، وما أريد فيها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته فأخبرته بما قال، فتغير وجهه حتى كان كالصرف. ثم قال {فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ ثم قال: يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر} فقلت: لا جرم لا أرفع إليه بعدها حديثاً. متفقٌ عليه.
- وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا أراد الله بعبده خيراً عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة}