خطب الجمعة

سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان

خطبة يوم الجمعة 4/7/1438 الموافق 31/3/2017

1/ أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن خروج أقوام في آخر الزمان، لهم دور كبير في فرقة الأمة الإسلامية، إذ يدَّعي هؤلاء العلم، ويجهدون أنفسهم في العبادة، ويدعون إلى كتاب الله، ولكنهم جهلاء، أحكامهم جائرة، وآراؤهم قاصرة، يسفكون دماء مخالفيهم من المسلمين، ويجهِّلون الصحابة والعلماء، ففي الحديث المتفق عليه عن علي بن أبي طالب قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميَّة، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة” وفي سنن أبي داود وسنن ابن ماجة ومستدرك الحاكم ومسند أحمد عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل، ويسيئون الفعل، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجعون حتى يرتد السهم إلى فُوقه، هم شرار الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله، وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم، سيماهم التحالق” وقد خرجت هذه الفرقة في عهد الصحابة، وكفرت الصحابة، واستباحت دماء المسلمين، وأحدثت في الأمة بلاء كبيراً.

2/ وقد ناقش هؤلاء حبر الأمة وترجمان القرآن الفقيه العالم والإمام الكامل أبو العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ حيث روى عبد الرزاق الصنعاني في المصنف وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في السنن الكبرى وابن عبد البر القرطبي في جامع بيان العلم وفضله والحاكم في المستدرك كلهم أخرجوه من طريق عكرمة بن عمار ثنا أبو زميل الحنفي ثنا ابن عباس به، ولكل منهم لفظ مختلف وزيادات أثبتنا منها ما كان فيه زيادة معنى. عن ابن عباس قال: لما خرجت الحرورية اجتمعوا في دار – على حدتهم – وهم ستة آلاف وأجمعوا أن يخرجوا على علي بن أبي طالب وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معه، قال: جعل يأتيه الرجل فيقول: يا أمير المؤمنين إن القوم خارجون عليك، قال: دعهم حتى يخرجوا فإني لا أقاتلهم حتى يقاتلوني وسوف يفعلون. فلما كان ذات يوم قلت لعلي: يا أمير المؤمنين: أبرد عن الصلاة فلا تفتني حتى آتي القوم فأكلمهم، قال: إني أتخوفهم عليك. قلت: كلا إن شاء الله تعالى وكنت حسن الخلق لا أوذي أحداً. قال: فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانية، قال أبو زميل: كان ابن عباس جميلاً جهيراً. قال: ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة. قال: فدخلت على قوم لم أر قط أشد اجتهاداً منهم، أيديهم كأنها ثفن الإبل، وجوههم معلَّمة من آثار السجود، عليهم قمص مرحضة، وجوههم مسهمة من السهر. قال: فدخلت. فقالوا: مرحباً بك يا ابن عباس! ما جاء بك؟ وما هذه الحلة، قال: قلت ما تعيبون عليَّ؟ لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسـلم أحسن ما يكون من هذه الحلل، ونزلت {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْق} قالوا: فما جاء بك؟ قال: جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن عند صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم نزل الوحي، وهم أعلم بتأويله، وليس فيكم منهم أحد، فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشاً فإن الله تعالى يقول: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} وقال رجلان أو ثلاثة: لو كلمتهم. قال: قلت أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنِه، وأول من آمن به، وأصحاب رسول الله معه؟ قالوا: ننقم عليه ثلاثاً. قال: وما هنّ؟ قالوا: أولهن أنه حكّم الرجال في دين الله، وقد قال الله {إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله عزَّ وجل؟ قال: قلت: وماذا؟ قالوا: وقاتل ولم يَسْبِ ولم يغنم، لئن كانوا كفاراً لقد حلَّت له أموالهم ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم. قال: قلت وماذا؟ قالوا: محا نفسه من أمير المؤمنين. فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين. قال: قلت: أعندكم سوى هذا؟ قالوا: حسبنا هذا. قال: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا تنكرون أترجعون؟ قالوا: نعم. قال: قلت أما قولكم: حكّم الرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إلى قوله: {يحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} وقال في المرأة وزوجها: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا} أنشدكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم، وإصلاح ذات بينهم أحقُّ أم في أرنب ثمنها ربع درهم، وفي بضع امرأة؟ وأن تعلموا أن الله لو شاء لحكم ولم يصيِّر ذلك إلى الرجال. قالوا: اللهم في حقن دمائهم، وإصلاح ذات بينهم. قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. قال: وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمَّكم عائشة، أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها، فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست أم المؤمنين فقد كفرتم، وخرجتم من الإسلام، إن الله يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} فأنتم مترددون بين ضلالتين، فاختاروا أيهما شئتم، أخرجت من هذه؟ فنظر بعضهم إلى بعض. قالوا: اللهم نعم. قال: وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بما ترضون، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشًا يوم الحديبية أن يكتب بينه وبينهم كتابًا فكاتب سهيل بن عمرو وأبا سفيان. فقال: اكتب يا علي هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال: والله إني لرسول الله حقًا وإن كذبتموني، اكتب يا علي: محمد بن عبد الله، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفضل من علي رضي الله عنه وما أخرجه من النبوة حين محا نفسه. أخرجت من هذه؛ قالوا: اللهم نعم. فرجع منهم ألفان، وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا على ضلالة.

3/ أصول ودروس مستفادة من الأثر:

 أولاً: لقد أتى الخوارج من قبل فهمهم السقيم لنصوص الشرع، ويرجع ضلالهم إلى أسباب أهمها:

  • فهم النصوص ببادئ الرأي، وسطحية ساذجة، دون التأمل والتثبت من مقصد الشارع من النصوص، فوقعوا في تحريف النصوص وتأويلها عن معناها الصحيح.
  • أخذهم ببعض الأدلة دون بعض، فيأخذون بالنص الواحد، ويحكمون على أساس فهمهم له دون أن يتعرفوا على باقي النصوص الشرعية في المسألة نفسها، فضربوا بعض النصوص ببعض، وبهذا أسكتهم ابن عباس رضي الله عنه، فقد كان يأتيهم بباقي الأدلة في الموضوع نفسه، فلا يجدون لذلك جواباً.

 وسبب ضلال الخوارج هو سبب ضلال طوائف عديدة من المسلمين. يقول الشاطبي رحمه الله أن أصل الضلال راجع إلي (الجهل بمقاصد الشريعة، والتخرص على معانيها بالظن من غير تثبت، أو الأخذ فيها بالنظر الأول، ولا يكون ذلك من راسخ في العلم).

 ثانياً: الحرص على وحدة المسلمين وجماعتهم، وتوحد صفهم، وهذا ظاهر من موقف على رضي الله تعالى عنه ابتداء حين (جعل يأتيه الرجل فيقول يا أمير المؤمنين: إن القوم خارجون عليك فيقول: دعهم حتى يخرجوا، فإني لا أقاتلهم حتى يقاتلوا وسوف يفعلون) فكان رضي الله عنه حريصًا على أن لا يأتي إلى الخوارج بشيء من القتال ونحوه يفرق به المسلمين، ويضعف شوكتهم، ما لم يخرجوا هم عليه، أو يؤذوا المسلمين ببدعتهم. وهذا الأصل متمثل أيضًا في موقف ابن عباس رضي الله عنهما في حرصه على الخروج إليهم وانتدابه نفسه للتفاهم معهم، وتفنيد شبهتهم وإرجاعهم إلى الحق.

ثالثاً: إن وحدة المسلمين أصبحت مقولة يقولها كل مسلم، وكل جماعة، فالكل ينادي بالوحدة والكل يزعم أنه ساعٍ إليها حريص عليها، ولكن ما هو السبيل الحق إلى تحقيق هذه الوحدة، هنا موضع الخلاف، وهنا تزل الأقدام، وتضل الأفهام، وتنحرف الأقلام.

 إن وحدة المسلمين مطلب شرعي ومقصد عظيم من مقاصد الشريعة، فلا بد أن تكون الوسيلة إليه شرعية. إن وحدة المسلمين يجب أن تكون عبادة نتقرب بها إلى الله عز وجل، والله لا يعبد إلا بما شرع، وكل عمل ليس عليه أمر الشرع فهو رد كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم.

ذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى الخوارج حتى يعيدهم إلى الصف الإسلامي، فبيَّن لهم أولاً وقبل أن يناظرهم المنهج الصحيح، فقال: (أرأيت إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم مالا تنكرون… ) إذن هو الكتاب والسنة والعودة إليهما، وقد كان صرَّح لهم قبل ذلك بالفهم الذي ينبغي أن نفيء إليه إذا اختلفت أفهامنا فقال: (جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن عند صهره، عليهم نزل الوحي، وهم أعلم بتأويله) الله أكبر! ما أنصع هذا المنهج وما أشد وضوحه، الرجوع إلى الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح.

إن السبيل إلى وحدة المسلمين هو الاتحاد على الأصول الثابتة من الكتاب والسنة وكل سبيل آخر للوحدة لا تقره الشريعة، ولا يجوز لنا – ونحن عباد الله سلمنا أمرنا إليه – أن نجعل منها صنمًا نستجيز من أجله كل وسيلة غير مشروعة.

 إن الوحدة التي تنشأ عن ضم الطوائف المختلفة في الأصول في دائرة واحدة، وإعطائها مسمى واحد على اختلاف عقائدها، هي وحدة غير شرعية، وإن الصف الذي ينشأ عنها ليس مرصوصًا.

رابعًا: الحكم في تقييم الرجال: إن أحوال الخوارج من كثرة العبادة والاجتهاد فيها غير خافية على أحد، فلقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم..” وقال ابن عباس في وصفهم كما في هذا الأثر: (… لم أر قط أشد اجتهاداً منهم، أيديهم كأنها ثفن الإبل، ووجوههم معلمة من آثار السجود… ) ومع كل هذا فلقد أتوا ببدعة خطيرة، ووضعوا بذور الخلاف بين المسلمين، وليس من مسلم سليم العقيدة إلا ويذكرهم في معرض الذم، ولم يذكرهم العلماء في مصنفاتهم إلا للتحذير من بدعتهم وبيان فساد معتقدهم دون أدنى فخر واعتزاز بعبادتهم.

 إن المنهج الإسلامي الواضح، يدلنا على أنه يجب تقييم الرجال أولاً من منطلق معتقداتهم وتصوراتهم، وجميع السمات الأخرى -إذا أقرها الشرع – تأتي بعد ذلك لا قبله. فلو انطلقنا في الحكم على الخوارج من خلال شدة اجتهادهم في العبادة، وجعلنا ذلك هو المقياس الأول في الحكم عليهم، لكان ينبغي أن نجلهم ونحترمهم، فنرفع درجتهم حتى فوق درجة الصحابة إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، لصحابته في شأن الخوارج: “تحقرون صلاتكم مع صلاتهم” فكم يكون هذا التقييم سخيفاً؟

 ولكن الأمر يختلف تماماً، ويعود إلى نصابه الصحيح، عندما يحكم عليهم من خلال معتقداتهم وتصوراتهم فنرى أنهم قد ابتدعوا في دين الله بدعة خطيرة فاحشة، فوضعوا بذور الخلاف والفتنة.

ونتيجة لانحراف هذا الأصل عند كثير من الإسلاميين -فضلاً عن عامة المسلمين -وجدنا من غالى في الثناء على جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وغيرهما، وذلك أنه حكم عليهم من منطلق ظنه بأن لهم جهداً مشكوراً في نشر الإسلام والدفاع عنه، ولم يضع للاعتبار الأساسي وزناً، فلم يضع في حسابه أن الأول كان شيعياً، وأنه كان عضواً بارزاً في الماسونية ومؤسساً لبعض فروعها في البلاد العربية، وأن الثاني – مع إخلاصه في الدفاع عن الإسلام – قد أوَّل المعجزات وقدم العقل على النقل، وكانت له علاقة مشبوهة مع المستشرقين.

خامساً: إن تبني الخوارج لموقفهم ابتداء لم يكن عن تثبت وتمحيص ونظر ولذلك فقد زالت شبهتهم، ودحضت حجتهم بعد دقائق معدودة من بداية المناظرة، وإن كان القسم من الخوارج الذي فاؤوا إلى الحق يمدحون على ذلك لتجردهم وإخلاصهم، وعودتهم إلى الجادة الصحيحة حينما تبين لهم ذلك دون مماراة ولا مماطلة، وإن كانوا يمدحون على ذلك فإنهم ينتقدون على سرعة تبنيهم للفكرة ابتداء دون تثبت وتمحيص. إن الذين لا يعتنقون الفكرة عن اقتناع عميق بالفكرة ذاتها، وبعد تثبت من أدلتها الشرعية الصحيحة بمنهج سليم، يكثرون التنقل.

سادساً: إن مخالفة ابن عباس التامة للخوارج في جميع الأفكار والتصورات لم تمنعه من العدل في القول، فقد كان بمقدوره السكوت لكن العدل مع المخالفين جعله يصفهم بما وجد فيهم -وإن كان في هذا الوصف مدح لهم -قال: (فدخلت على قوم لم أر قط أشد اجتهاداً منهم في العبادة… ) فعلى العاملين في حقول الدعوة إلى الله الاتصاف بالعدل مع مخالفيهم، وعدم الامتناع من ذكر محاسنهم، بل ويحرصوا على أن يستفيدوا منها.

سابعاً: وما كان هذا الدرس بحاجة إلى أن يذكر لظهوره ووضوحه وكثرة الأدلة عليه، لولا أن التفريط فيه قد وقع من كثير من العاملين للإسلام فضلاً عن عامة الناس، ألا وهو الحرص على صلاة الجماعة. ولقد سمعنا حوادث عديدة عمن يفرطون في حضور الصلاة جماعة مع المسلمين في المساجد بحجة انشغالهم بطلب العلم، أو ببعض البحوث الهامة، أو أنه وإخوانه يتداولون أمرًا يهم المسلمين، فيعتذرون بذلك عن تفويتهم الجماعة. فعلى هؤلاء وغيرهم، أن يتأملوا في حال ابن عباس، وقد انتدب نفسه لمهمة عظيمة، لا شك في أن فيها مصلحة للمسلمين، ومع ذلك فحرصه على صلاة الجماعة شديد إذ يقول لعلي رضي الله عنه: (أبرد عن الصلاة، فلا تفتني حتى آتي القوم فأكلمهم…).

ثامناً: ينبغي على الدعاة إلى الله عز وجل، من أصحاب المنهج الصحيح ألا ييأسوا من عودة الطوائف المنحرفة إلى المنهج القويم ممن أمعنوا في الضلال، فهاهم الخوارج على شدة بدعتهم وتمسكهم بها (حتى أن عبد الرحمن بن ملجم – أحدهم – قد قتل علياً تقربًا إلى الله بقتله) ومع ذلك فقد عاد منهم كثير إلى الحق بعد أن تبين لهم، فلا ينبغي أن نيأس من عودة تلك الطوائف المنحرفة إلى الحق، خاصة وأن كثيراً من المنتسبين إليها هم من الأتباع حجبهم مشايخهم ومتبوعوهم عن الاستماع للمخلصين خوف تذبذب موقفهم وتخليهم عنهم، فلم يصل الحق إلى كثير من الأتباع حتى تحصل لهم المقارنة بينه وبين ما هم عليه.

ففيها أن ينتدب الكفء نفسه للمهام وأن الإخلاص وحده لا يكفي في صحة العمل، وأن على الداعية أن يغشى الناس في مجالسهم، وعليه أن لا يستثار لانتقاد ذاته، وفيها أيضًا استئذان الفرد قائده إذا هم بفعل ما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى