1ـ إن الله تعالى برحمته جعل للعباد في حياتهم علامات فارقة ولحظات تتجدد فيها النفحات والرحمات؛ كما في الحديث {إن لربكم في بقية أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها؛ لعل دعوة توافق رحمة يسعد صاحبها سعادة لا يشقى بعدها أبداً} فجعل لك في كل يوم صلاة الفجر، وفي كل أسبوع صلاة الجمعة، وفي كل سنة شهر رمضان، وفي العمر كله رحلة الحج؛ لنتزود من دنيانا لآخرتنا، ومن معاشنا لمعادنا؛ إن رمضان فرصة للتغيير من السيئ إلى الحسن، ومن الحسن إلى الأحسن، رمضان فرصة للتوبة والإنابة، رمضان موسم للتزود من الخيرات، والاستكثار من الطاعات، ومحاربة هوى النفس وشهوة الجسد والإخلاد إلى الأرض، وإن من مكاسب هذا الشهر المبارك أن يعتاد المسلم على صلاة الفجر مع جماعة المسلمين؛ ليكون ذلك دينه وديدنه بعد رمضان؛ يسعى إلى بيت الله في الغلس؛ يفتتح يومه بتلك الصلاة المباركة مع جماعة المسلمين؛ لا يتردد ولا يتراجع بل يجاهد نفسه ويواظب على عبادة ربه في تلك الساعة المباركة
2ـ إن نصوص القرآن والسنة قد دلت على أن لصلاة الفجر خصائص ومزايا ليست لغيرها من الصلوات، ومن ذلك:
- أن صلاة الفجر مشهودة من الملائكة، قال تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزء، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر} ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه {اقرؤوا إن شئتم: إن قرآن الفجر كان مشهودا}
- أن الصيام يبدأ من الفجر، وهو من أرقى العبادات وأفضل الطاعات، قال تعالى {كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته لأجلي، والصوم جنة، وللصائم فرحتان، فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك} فأذان الفجر يعلن بداية رحلة العبد في مدارج السالكين ومعارج العارفين ومنازل العابدين
- صلاة الفجر هي مصدر الحيوية والطاقة وطيب النفس؛ روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد؛ إذا نام بكل عقدة يضرب عليك ليلاً طويلاً؛ فإذا ذكر الله انحلت عقدة؛ فإذا توضأ انحلت عقدتان؛ فإذا صلى انحلت العقد وأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان}
- صلاة الفجر معيار يومي لاختبار صدق الإيمان أو تسرب النفاق إلى قلب المسلم؛ في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم {ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً}
- صلاة الفجر هي الإذن لرؤية الرحمن جل جلاله في الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال {إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر؛ لا تضامون في رؤيته؛ فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فلتفعلوا} ثم قرأ {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب}
- صلاة الفجر وقاية من النار؛ في صحيح مسلم من حديث عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} يعني الفجر والعصر
- صلاة الفجر أكبر ضمان لدخول الجنة؛ في الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من صلى البردين دخل الجنة}
- صلاة الفجر سبب للنور التام يوم القيامة؛ في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة}
نافلة الفجر خير من الدنيا وما فيها؛ فكيف بالفريضة؟ في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها} وفيهما تميز العقيدة وصفاء المنهج بقراءة الكافرون والإخلاص