إنَّ مما لا شك فيه أنَّ الفريضة أو الواجب ما طلب الشارع فعله طلباً جازماً، والفرض والواجب يثاب فاعله ويعاقب تاركه، فتارك الواجب مذموم ومعاقب.
والعقوبة على ترك هذه الفريضة في الآخرة وكذلك في الدنيا، فما من قوم أو مجتمع تخلى عن هذه الفريضة إلا أصابته عقوبات دنيوية وأخروية، نذكر منها:
- العذاب العام: إذا تقاعس الناس عن هذه الوظيفة عاقب الله الناس صالحهم وطالحهم، قال تعالى {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} لأنَّه ما كان لينتشر المنكر والفساد إلا نتيجة سكوت الصالحين على المنكر وعدم إنكاره، عن زينب بنت جحش قالت: قلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال :«نعم، إذا كثر الخبث» .. تأمل فإنَّ كثرة الخبث نتيجة طبيعية لتقاعس الناس الصالحين عن إنكار المنكر ومقاومته.
- عدم إجابة دعاء الصالحين: روى الترمذي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم».
- تسليط شرار الأمة على خيارها: ففي الحديث: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لكم» وواقع المسلمين المؤلم في بلاد المسلمين يدل على ذلك.
- يجعل الله بأس المسلمين بينهم: روى ابن ماجه في سننه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهنّ وأعوذ بالله أن تدركوهن، وذكر منها: وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم».. ومما ينبغي التنبيه إليه أنَّ عدم الحكم بما أنزل الله ليس منكراً فحسب، بل هو المنكر الأكبر إذا ساد في الناس ورضوا به من الحكام كانت الحالقة، وكان التناحر والاقتتال والفوضى والاضطراب.
- استحقاق اللعنة: وعندما يتقاعس الناس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويجبنون عن قول كلمة الحق؛ يستحقون اللعنة كما استحقها بنو إسرائيل حين تخاذلوا وجبنوا عن قول كلمة الحق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنَّه لا يحل لك، يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} ثم قال: كلا والله لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، ولتأخذنَّ على يدي الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً؛ أو ليضربنَّ الله قلوب بعضكم على بعض ثم ليلعننكم كما لعنهم».
6. عذاب الاستئصال المعنوي: إنَّ عذاب الاستئصال العام الذي كان الله يعاقب به المكذبين والمنحرفين رفع عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولكن عذاب الاستئصال المعنوي لم يرفع، بهذا جاءت الأحاديث، ومعنى عذاب الاستئصال المعنوي أن يكون المسلمون كثيرين في عددهم يعدون بمئات الملايين بل يزيدون، ولكن لا وزن لهم عند الله ولا عند الناس. ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بانعدام الوزن هذا، وانعدام الأثر في حياة الناس بقوله صلى الله عليه وسلم «إذا رأيت أمتي تهاب فلا تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منها» وينطبق عليهم قول حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما “ميت الأحياء الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه”.