خطب الجمعة

عمر بن عبدالعزيز 2

خطبة يوم الجمعة 20/10/1441 الموافق 12/6/2020

مضى معنا الكلام في شيء من سيرة الإمام العادل والخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وقد علمنا أنه قد جرى على يديه من إصلاح الأمر واستباب الأمن وجمع قلوب الرعية عليه خلال عامين ما لم يحصل لأحد من قبله من الخلفاء بعد الصحابة رضوان الله عليهم، وكان ذلك راجعاً لوضوح الأمر عنده، وقد تمثل ذلك في أمور أربعة:

أولها: مرجعيته الإسلامية التي تمثلت في خطبته الأولى، حين قال للناس (إن الله تعالى لم يبعث بعد نبيكم صلى الله عليه وسلم من نبي، وما أنزل بعد كتابكم من كتاب؛ فالحلال ما أحله الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، والحرام ما حرمه الله على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، ألا وإني لست بقاض ولكني منفذ، وإني لست بمبتدع ولكني متبع، ألا وإن أفضل العبادة أداء الفرائض واجتناب المحارم) ثم ظهر أثر ذلك في عمده إلى جباية الزكاة وتوزيعها على مستحقيها حتى أغنى الناس، وامتنع من أخذ الجزية ممن أسلم، ورفع عن كاهل الناس المكوس

ثانيها: التخطيط الجيد؛ حين حبس نفسه أياماً ثلاثة قبل أن يخرج على الناس

ثالثها: البطانة الصالحة؛ حيث قرب العلماء وأهل الديانة والصيانة، وأبعد الشعراء والمداحين، وحث الناس على بذل النصيحة ورفع الظلامات، ووعدهم على ذلك المكافأة الجزيلة؛ إذ كتب لهم: “أما بعد: فأيما رجل قدم علينا في رد مظلمة أو أمر يصلح الله به خاصاً أو عاماً من أمر الدين فله ما بين مائة دينار إلى ثلاثمائة دينار بقدر ما يُرى من الحسبة وبُعد الشقة، رحم الله امرأً لم يتكاءده بُعدُ سفر، لعلّ الله يحيي به حقاً، أو يميت به باطلاً، أو يفتح من ورائه خيراً”.

رابعها: تقديم القدوة الحسنة؛ حين تخلص من المال الذي كان عنده، وبدأ بأهل بيته

ومن مقومات الإصلاح في عهد هذا الخليفة الراشد رحمه الله ورضي عنه:

خامساً: اصطفاء الولاة الأكفاء: القائمون على تنفيذ السياسات الإصلاحية هم دوماً بُعدٌ أساس في أي عملية إصلاحية، ولا يمكن لسياسات الإصلاح أن تكون ذات شأن وأن تحقق أهدافها دون أن تعتمد على الأكفاء، ودون أن تسند مهامها العامة والتفصيلية إلى كل ذي قوة مكين أمين، خاصة عندما تكون المهام ذات علاقة بالمال وبأوعية الإيرادات المالية مباشرة، وما أجمل المثل الذي حكاه الله تعالى لنا في سورة يوسف: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.

وليس المقصود أن يولَّى مَنْ ظاهره العبادة والنسك الضعيف أمام إغراء المال والحريص على تولي الإمارة، أو العابد الزاهد الذي لا يمتلك الخبرة والدراية والقوة اللازمة، أو القوي الذي يفتقر إلى تقوى تحجزه عن إتيان ما لا يليق، بل المقصود القوي المكين الأمين ظاهراً وباطناً.

أعطى الخليفة عمر بن عبد العزيز هذا الجانب أهمية قصوى، وتمكن – بفضل الله – من تأمينه من خلال العمل على أربعة محاور هي:

       أ – عزل ولاة السوء.

       ب – تولية الأكفاء.

       ج – الاختبار ثم المراقبة.

       د – إعطاؤهم ما يكفيهم.

 أ – عزل ولاة السوء: كان من أوائل ما قام به عمر بن عبد العزيز أنه عزل اثنين من ولاة السوء، وقد جاء أنه كتب كتابَيْ عزلهما بعد دفن الخليفة السابق مباشرة، وقد بدأ بعزل أسامة بن زيد التنوخي الذي كان على خراج مصر، وأمر بحبسه في كل جندٍ سنة نكالاً به؛ لأنه كان غاشماً ظلوماً معتدياً؛ كما عزل يزيد بن أبي مسلم الذي كان ينفذ سياسة جور ومخالفة للحق مع إظهار التعبُّد والتألُّه.

   ب – تولية الأكفاء: كان في ذهن عمر أن خير الولاة هم العلماء الذين يعرفون أحكام الشرع، على أنه حين لا يجد بين العلماء من يصلح للإمارة فإنه يختار أشخاصاً نزيهين أمناء عاقلين حكماء، وكان يثق في الفقهاء؛ ويحكى أنه كان يقول دائماً: ولُّوا الفقهاء. فإن قيل: قد وليناهم فخانوا، رُدَّ عليهم: إن خان الفقهاء فغيرهم أخون. واعتمد في الولايات أيضاً على القضاة، ويعتقد أن القاضي يلي الوالي في الأهمية، واختار العمال الصالحين على الخراج.

ج – الاختبار ثم المراقبة : لم يكن الخليفة عمر ينخدع مباشرة بالمظهر الناسك للناس، فقد تعلَّم ألاَّ يفعل ذلك، ولذا كان يتخذ مبدأ الاختبار قبل الإقرار، وقد مكَّنه ذلك من التخلص من بعض المتظاهرين، وقد ذكر الشيخ أبو حفص عمر الملاء واقعة مفادها أن بلال بن أبي بردة دخل على عمر وعليه ثياب وسيماء الصلاح، وعندما كلمه وجد فيه رجلاً راجح العقل سديد الرأي، فأراد أن يوليه غير أنه رأى اختباره أولاً، فأوعز بذلك إلى مولاه مزاحم، فجاء مزاحم إلى الرجل وأظهر له أنه يستطيع السعي لتوليته أحد العراقين غير أنه يريد ثمناً مقابلاً لذلك؛ فعرض الرجل مبلغاً كبيراً ينقده منه حالاً ثم يسلم الباقي عند تولي الإمارة؛ فعاد مزاحم إلى خليفته يقول له: عدو الله لص. وأخبره الخبر، فقال عمر: والله! إن كاد ليغرني بسجدته وعمامته، ثم حذَّر منه الولاة.

 أما المراقبة فكانت تتم من خلال الزيارات، وسؤال القادمين، وهي التي مكنته من التخلص من بعض من اغترَّ بهم أولاً كما حدث من عامله على مكة عروة بن عياض الذي شكا منه مظلوم أخذ ماله وتخويفه، فلما ثبت الأمر له أشار بالخيزران إلى سجدته وقال له: هذه غرَّتني منك. ثم أنصف المظلوم؛ وما حدث كذلك من أمره والي المدينة بالاقتصاد في الوقود والورق.

د – إعطاؤهم ما يكفيهم: فقد ورد في سيرته أنه كان يعطي عماله ثلاثمائة دينار، فلما سئل عن ذلك، قال: أردت أن أغنيهم عن الخيانة.

 سادساً: الاستفادة من الخبرات السابقة: ليس من المقبول أن يبدأ المصلحون من حيث بدأ مَنْ قبلهم، بل من حيث انتهوا؛ إذ إن جهود سياسات الإصلاح وخبراتها ونجاحاتها تتراكم لتكون إرثاً ثرياً، ولا يقتصر ذلك على الساحة الإسلامية، بل إن الإنجازات الإنسانية في مجال إدارة الدول والمجتمعات تُعَدُّ حكمة، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، والكيِّس من استفاد ممن سبقوه، من أولئك الذين يشاركونه عقيدته وشريعته أولاً، ثم من غيرهم، وفي تاريخ الإسلام إبان النبوة والخلافة الراشدة دلالات واضحات على الاستفادة من المعرفة الإنسانية سواء من الروم أو الفرس أو غيرهم، بما لا يتعارض مع التوجه الإيماني المتميز للمسلمين؛ وليس شرطاً أن يكون الاحتذاء كاملاً، بل يمكن الاستفادة من التجارب السابقة جزئياً في إحدى جوانبها وتفصيلاتها دون الجوانب الأخرى.

 وفي نموذج عمر بن عبد العزيز نجد أنه رضي الله عنه أراد الاستفادة من نموذج مثالي قريب منه وهو نموذج جده عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فقد أخرج الإمام أحمد في الزهد أنه كتب إلى سالم بن عبد الله بن عمر ما يلي: “أما بعد فإن الله عز وجل ابتلاني بما ابتلاني به من هذا الأمر من غير مشورة ولا طلب له، ولكن كان ما قدَّر الله عز وجل، فأسأل الله الذي ابتلاني بما ابتلاني أن يعينني عليه، فإذا جاءك كتابي هذا فابعث إليَّ بكتب عمر ابن الخطاب وقضائه وسيرته في أهل العهد والذمة؛ فإني متبعٌ أثره وسائرٌ بسيرته إن أعانني الله على ذلك، والسلام”.

 سابعاً: التوعية: الجميع يذعن لأهمية العلم والفقه الراشد والوعي السديد أساساً للعمل الناجح والتصرف السوي؛ ولذلك كثرت في تعاليم الإسلام النصوص التي تحث على طلب العلم واكتساب الفقه واعتباره شرطاً لالتزام سبيل المسلم المؤمن المحسن، وقد أدركت الدول المتقدمة أهمية العلم بل اعتبرته ربّاً، وأدركت كذلك أثر الإعلام والتوعية في صياغة الرأي العام وتطبيع الناس على تقبُّل ما تريد تنفيذه من سياسات، فأخذت به واحتفلت بأجهزته وسخَّرته أيما تسخير لإقناع شعوبها بما تبغي.

 لذا كان لزاماً على ولاة الأمر القائمين على سياسات الإصلاح التمهيد لها بالتوعية الكاملة المقنعة التي توضح الأسباب والمسوغات، وتبين النتائج والثمرات، حتى تكون الأمة على اطلاع، وحتى تندفع للموافقة والمشاركة بعلم ووعي.

 أما إجراءات تطبيق السياسات التي تصاحبها مواقف الإلزام والجبر، وتُقدَّم فيها معلومات مضلَّلة، ومعاذير واهية، وتعتمد سلطة القمع والتخويف، فإن الواقع يحكم عليها بالوأد أو عدم تحقيق نجاحات تذكر. لا يفوت هنا التأكيد على أن توعية الأمة يجب أن يستند على تعريفها بدينها أولاً، ثم بمتطلبات عصرها بما لا يتعارض مع دينها، على ألاَّ تكون هذه التوعية مقصورة على الواجبات دون الحقوق، ولا تكون مرتبطة بظروف تجبر عليها، بل تكون سياسة دائمة نحو تربية الأمة ورفع قدراتها لتؤدي دوراً حاضراً مؤثراً في واقع حياتها.

كان لدى الخليفة عمر بن عبد العزيز من الفقه الشرعي والعلم بأمور إدارة الخلافة ما مكَّنه من الانتباه إلى هذا الأمر الحيوي والأخذ به؛ ولذلك اهتم بتوعية الأمة ونشر العلم فيها، وبعث من يعلِّم الناس الإسلام في أنحاء الدولة الإسلامية، وكان يوصي الأمراء والعامة (بحسب إمكاناته الإعلامية المتوفرة)، وأمر بجلوس العلماء في المساجد وإظهار العلم، وأكد على أن العلم لا يموت حتى يكون سراً.

 ثامناً: الحزم مع المخالفين: لا يخلو مجتمع من المارقين أصحاب القلوب المريضة والطباع الجفولة الذين يعارضون بل ويحاربون سياسات الإصلاح إرضاءً لرغباتهم وخوفاً على مصالحهم الأنانية التي يرونها مقدمة على مصالح الأمة؛ وهناك عدد غير قليل من هؤلاء لا تنفع معهم وسائل التوعية والإقناع وتقديم الأسوة الحسنة؛ فهم لا يرون الحق إلا من خلال هواهم وأطماعهم؛ ولذا كان لا بد من اتخاذ موقف صارم مع أمثالهم وأَطْرِهم على الحق أَطْراً، وإلزامهم سواء السبيل بوسائل التهديد والوعيد ثم العقاب الملائم.

 هكذا فعل الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه مع أضرابهم من الخارجين عن تنفيذ أوامره واتباع سياسته، وكان ذلك مع الأقربين قبل الأبعدين، ومما ترويه كتب السيرة في ذلك أنه: “أتى عمر بن عبد العزيز كتابٌ من بعض بني مروان فأغضبه، ثم قال: إن لله في بني مروان ذبحاً، وايم الله! لئن كان الذبح على يدي…، فلما بلغهم ذلك كفوا، وكانوا يعلمون صرامته وأنه إن وقع في أمرٍ مضى فيه”.

أما خبره مع ابن عمه (روح بن الوليد بن عبد الملك) فيقصه علينا ابن عبد الحكم: “أن ابن عمه (روحاً) تخاصم مع بعض المسلمين من حمص في حوانيت أقطعه إياها أبوه الوليد بن عبد الملك، فردها إليهم عمر بعد أن تحاكموا إليه، فلما قام روح توعد خصمه الحمصي، فرجع الرجل إلى عمر وأخبره بذلك، فقال عمر لكعب بن حامد الذي كان على حرسه: اخرج إلى روح يا كعب؛ فإن سلَّم إليه حوانيته فذلك، وإن لم يفعل فأتني برأسه. فأخبر روح بذلك فانخلع فؤاده، وخرج إليه كعب وقد سل من السيف شبراً، فقال له: قم، فخلِّ له حوانيته، قال روح: نعم! نعم! فخلى له حوانيته”.

       وهكذا كان يفعل مع الولاة المخالفين، حتى قال عنه أحد الشعراء:

ينهى الولاة بحد السيف عن سرف      كفى بذاك لهم من زاجر ناهي

 تاسعاً: إصلاح أخطاء الماضي: لم يخدع عمر بن عبد العزيز نفسه بأن ما سبق من أخطاء يتحملها غيره، وأنه لا يشترك في وزرها؛ وعلى ذلك فإنه لا يعد مسؤولاً عن تلافيها، بل كان يرى أنه وليّ ذلك وصاحب المسؤولية فيه. ينقل عنه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في محاوراته للذين أرادوه التخلي عمَّن سبقوه وما وُلُّوا من خير أو شر، وأنه أجابهم بقوله: “إني وجدت كتاب الله الأقدم؛ فأنا حاملٌ عليه من أتاني ممن تحت يدي؛ فإني وجدت كثيراً ممن قبلي من الولاة عزُّوا الناس بقوتهم وسلطانهم، وعزهم بها أتباعهم، فلما وليت أتوني بذلك، فلم يسعني إلا الرد على الضعيف من القوي، وعلى المستضعف من الشريف”.

هكذا لم يشأ الخليفة عمر – بمشيئة الله – أن يبني على شفا جرف هار، بل أراد أن يصحح الأوضاع ليبني على أساس متين من العدل والإنصاف.

  يضاف إلى ما سبق: إصلاح الاختلالات الفكرية من خلال التعامل مع الخوارج، وكذا العصبيات الجاهلية التي ظهرت، وإزالة المنكرات.

 ثمرة السياسة الناجحة:

كان من كرم الله ومنته ثم من جراء السياسات الناجحة لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في إدارة شؤون الدولة الإسلامية في الفترة من (99) إلى (101 هـ ) أن تحققت نجاحات عظيمة إذا ما قورنت بقصر الفترة المتاحة واستشراء الفساد السابق، ومن ذلك أن عطاء الدولة للأمة كان أكثر من جبايتها، فسعدت الأمة بذلك، وزال الفقر عن فقرائها في مدة وجيزة، وأقيمت الخدمات العامة، وفاض المال عند الولاة حتى أرسلوا يستشيرون أمير المؤمنين في كيفية صرف المال الفائض.

ذكر ابن عبد الحكم في سيرة عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى واليه على الكوفة يقول له: ” كتبت تذكر أنه قد اجتمعت عندك أموال بعد أعطية الجند، فأعط منهم من كان عليه دين في غير فساد، أو تزوج فلم يقدر على نقد، والسلام”.

ثم بعد أن كتب له الوالي: إنه قد بقي عندنا بعد ذلك، كتب له عمر: “أن قوِّ أهل الذمة؛ فإنا لا نريدهم لسنة ولا لسنتين”.

 وكان الفقراء حين يُؤتى لهم بالزكاة يقولون: قد أغنانا (كفانا) الله من فضله، وكذلك فعل السُؤَّال، بسبب عطاياه؛ ولم يكن هذا النجاح مقصوراً على الجانب المالي، بل تعدى إلى الجانب الأخلاقي؛ فقد صلح حال العديد من الولايات التي كانت تشتهر بالفساد والظلم، ومن ذلك بلاد الموصل التي اشتكى واليها إلى عمر فأرشده باتباع الشرع في إصلاحها، ففعل الوالي، فكان نتيجة ذلك ما حكاه الوالي بنفسه قائلاً: ” فما خرجت من الموصل حتى كانت من أصلح البلاد وأقلها سرقاً ونقباً “.

 وبلغ من نجاحه في إدارة الأمور ونشر العدل ورعايته للضعفاء من المسلمين ولأهل الذمة أن ترحَّم عليه حتى أولئك الذين تضرروا من سياسته، بل ترحم عليه ملوك الروم وأثنوا على سيرته، ومن ذلك ما ذكره الحافظ أبو نعيم الأصفهاني أن رجلاً جاء إلى هشام بن عبد الملك (الخليفة اللاحق) فقال: يا أمير المؤمنين! إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرها الوليد وسليمان حتى إذا استخلف عمر – رحمه الله – نزعها، فاستعاد منه هشام المقالة فكرر الترحم على عمر، فقال له: والله! إن فيك لعجباً، إنك تذكر من أقطع جدك قطيعة ومن أقرها فلا تترحم عليهم، وتذكر من نزعها فتترحم عليه!”.

كما أورد أبو نعيم: “أن عمر أرسل من يفادي أسرى المسلمين بأسارى من الروم، فلما دخل على ملك الروم وجده جالساً على الأرض مكتئباً حزيناً، قال: فقلت: ما شأن الملك؟ قال: وما تدري ما حدث؟ قلت: وما حدث؟ قال: مات الرجل الصالح. قلت: من؟ قال: عمر بن عبد العزيز. قال: ثم قال ملك الروم: لأحسب أن لو كان أحدٌ يحيي الموتى بعد عيسى عليه السلام لأحياهم عمر بن عبد العزيز. ثم قال: لست أعجب من الراهب أغلق بابه ورفض الدنيا وتعبد، ولكن أتعجب ممن كانت الدنيا تحت قدميه فرفضها ثم ترهب”.

وشهد له الآخرون وبجلوه، كتب (أرنولد سير توماس) في كتابه: (الدعوة إلى الإسلام) أن أحد كتاب النساطرة كان يضيف كلمات التبجيل والتقديس إلى اسم الرسول وإلى أسماء الخلفاء الأول كلما عرض ذكرهم، ويستنزل رحمة الله على عمر بن عبد العزيز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى