1/ تقع أرتيريا على الساحل الغربي الجنوبي من البحر الأحمر، ويحدها شمالاً السودان، ومن الشرق البحر الأحمر، ومن الجنوب الصومال وأثيوبيا، ومن الغرب أثيوبيا كذلك. ومساحتها 45 ألف ميل مربع، وعدد سكانها أربعة ملايين، 70% مسلمون والباقي نصارى، وكثير من قبائلهم يرجعون إلى أصول عربية، ولهذا فاللغة العربية هي اللغة الأكثر انتشاراً، وهي جزء من مملكة الحبشة المشهورة التي كان ملكها فيما قبل الإسلام يُسَمَّى النجاشي، وكانت هذه المملكة تضم إلى جانب أرتيريا، أثيوبيا، وجيبوتي، وجزءً من الصومال وكينيا والسودان، وقد دخل الإسلام إلى مملكة الحبشة عموماً – وأرتيريا جزء منها – في أول العهد النبوي حيث تمت أول هجرة في الإسلام إلى الحبشة كما هو معلوم من السيرة النبوية.
2/ وقد ظلت أرتيريا تابعة للدولة العثمانية من عام 1557 م إلى عام 1864 م، ثم انتقلت إلى سلطة الدولة الخديوية في مصر، ثم احتلتها إيطاليا في عام 1889م وفي عام 1941م احتلتها انجلترا، وتآمر الانجليز مع هيلاسيلاسي ضد أرتيريا المسلمة، فأسسوا حزباً نصرانياً في الأمم المتحدة وصوتوا لإنجاح قرار يقضي بوجود حكومة أريتيرية تتمتع بسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية في الشؤون الداخلية، متحدة مع أثيوبيا فيدرالياً في الشؤون الخارجية والدفاع، وذلك في سبتمبر عام 1950 م، وبعد سنتين احتل الجيش الأثيوبي المستعمرات التي كان يحتلها الجيش البريطاني… وعندها أصبحت أرتيريا مديرية أثيوبية يحكمها ممثل الإمبراطور الحبشي..
3/ مارس الطاغية هيلاسيلاسي وأوباشه أشد أنواع التعذيب والاعتداء على شعب أرتيريا المسلم.. وزج بالكثير منهم في السجون، ومارس معهم أبشع أنواع التعذيب، وارتكب جنوده جرائم تتنافى مع أبسط قواعد الأخلاق والإنسانية، وقتل الناس أفراداً وجماعات وانتهكت الأعراض وعلقت الجثث، واستخدمت السموم بالطائرات من أجل الإبادة الجماعية، وفي شباط 1967 م شنت قوات الطغيان الهيلاسيلاسية حملة إبادة… ودمرت فيها أكثر من 62 قرية وقتل المصلون، وأحرقوا في مساجدهم أثناء الصلاة بعد إحكام إغلاق المساجد عليهم..
4/ تحرك الشعب الأرتيري المسلم، فاندلعت ثورة هذا الشعب، وذلك في 1/9/1961 وخرج فيها شباب كثير وكانت السمة الغالبة عليها سمة إسلامية، وإن كانت تختلط بالروح الوطنية أحياناً، وقد كانت قوية في بدايتها، ولفتت أنظار العالم إليها بما أحرزته من انتصارات، وشعر النصارى من الأريتيريين الذين كانوا يؤيدون أثيوبيا في استعمارها، شعروا بأن الثورة قد تحقق انتصاراً يؤدي بالفعل إلى الاستقلال، فرأوا أن من مصلحتهم الدخول في الثورة، فدخلوا فيها، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن عدداً من الشباب الأريتيري الذي ينتمي إلى الإسلام اسماً دخلوا في صفوف الثورة بأفكار منحرفة.. فدخلوا وكل منهم يحمل معولاً للهدم داخل الثورة… وما هي إلا سنوات قلائل حتى خرجت رؤوس الفتنة… هذا شيوعي ماركسي، وذاك بعثي اشتراكي… وآخر قومي عربي.. فكان أول انشقاق على الثورة هو ذاك الذي قام به أحمد ناصر الشيوعي مع مجموعة من حزب العمل الشيوعي، فانشقوا بجبهة أسموها (جبهة التحرير الأريتري)، ثم قام المدعو عبد الله إدريس بانقلاب عسكري وأسر كل الشيوعيين بمن فيهم رئيسهم أحمد ناصر، وأصبح هو رئيسها.
ثم انشقت (قوات التحرير الشعبية) برئاسة عثمان صالح سبي، علماني الاتجاه، ثم انشقت الجبهة الشعبية لتحرير أريتيريا بقيادة (أسياس افورقي) وهي حركة يسيطر عليها النصارى، وترفع شعار الشيوعية ومدعومة من مجلس الكنائس العالمي.. لذا فهي حاقدة على الإسلام والمسلمين، تنشر الزنا والفساد، وهي الآن الوحيدة التي تصول وتجول على أكثر من ثلثي الأراضي الأريترية المحررة..
5/ وفي هذا المقام لا بد من تذكير إخواننا الأريتريين بالملاحظات التالية.
أ- وجوب المحافظة على الوحدة القائمة على منهج أهل السنة والجماعة، وعلى عقيدة التوحيد، والحذر من دخول الشعارات الحزبية التي تفرق ولا تجمع، والصدق مع الله ثم مع المؤمنين في هذا التوجه، وأن يكون واقعاً مستمراً وليس شعاراً مؤقتاً.
ب- اعلموا أنه لا نصر إلا بوجود شروطه، ومن أهم الشروط هو الاتباع والاجتماع، اتباع منهج صحيح والاجتماع عليه، وأن الانتكاسات التي تحدث داخل الساحة الإسلامية اليوم سببها الغفلة عن المنهج والذي أنشأ الفرقة، ولن يكون أعداء الله إلا أقزاماً أمام جحافل المؤمنين التي تحمل نور التوحيد والإيمان، المتوحدين تحت لواء عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة.
ج- الحذر من وجود المنافقين داخل الصف ولو رفعوا شعارات إسلامية، لأن ميادين الجهاد من الميادين التي تغري أمثال هؤلاء بالظهور، وتجارة الجهاد من قبل رموز محسوبة على المجاهدين من أهم إشكالات قضايا المسلمين الجهادية اليوم.
د- الاستفادة من دروس الجهاد الحاصل في بقاع شتى الإيجابية والسلبية، وبخاصة أن هناك تشابهاً كبيراً بين الساحتين من ناحية الانتماءات الفكرية وكذلك الولاءات السياسية، فنستفيد من دروس إيجابية ضخمة أفرزتها تلك الحركات الجهادية، ونحذر من سلبيات حصلت وتحصل هناك حتى لا نكرر أخطاءنا.
ه- رصد لعبة الأمم في منطقة أريتريا وجنوب السودان والصومال وشرق القارة عموماً حيث تترابط قضايا المنطقة هناك، وتتآمر قوى كثيرة على المسلمين فيها، وهناك مخططات وترتيبات لمستقبل المنطقة في أذهان أولئك، فهناك مؤامرة صليبية ماكرة هدفها إقامة كيان أو كيانات صليبية في المنطقة، وأطراف هذه المؤامرة من داخل المنطقة ومن خارجها
6/ إن هذه الأحداث ما هي إلا حلقة من حلقات ذلك المخطط الصليبي الذي انتهجته الجبهة الشعبية في حرب الإسلام والمسلمين منذ قيامها، وحتى تتضح الأمور وينكشف ذلك المخطط لابد من ذكر بعض ممارسات الجبهة الصليبية الحاكمة في إريتريا:
فعلى الصعيد الداخلي:
- محاربة الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقاً، من خلال:
فرض البرنامج التعليمي للجبهة الشعبية على المدارس والمعاهد الدينية، مما يؤدي إلى زعزعة العقيدة الإسلامية والتعاليم الدينية في نفوس الناشئة.
تنفيذ قانونها الخاص بالزواج والمواريث، الذي يبيح زواج النصراني بالمسلمة، ويورث أبناء السفاح، ويشجع على الفاحشة.
محاربة اللغة العربية وأقصتها عن مناهج التعليم وعن المعاملات الرسمية، واعتبرتها لغة أجنبية.
ب- حاربت الدعوة والدعاة، وأغلقت المعاهد الإسلامية وسعت في تحويلها إلى مدارس علمانية، واستخدمت في تنفيذ ذلك شتى وسائل الإرهاب من الاقتحام العسكري لتلك المعاهد واعتقال الدعاة والمعلمين وقتل بعضهم….إلخ.
ج- تشجيع النصارى للعودة إلى إريتريا، وتمليكهم أراضي المسلمين السكنية والزراعية، في الوقت الذي تسعى فيه للحيلولة دون عودة المسلمين من أرض المهجر.
د- انتهاك أعراض المسلمين وإفساد المجتمع، وقد مارست ذلك بالأمس تحت مظلة التجنيد الإجباري، وتمارسه اليوم حكومة أفورقي بحجة الخدمة الوطنية، مما اضطر بعض الأسر المسلمة إلى الهجرة من جديد.
ه- القيام بالتحريش بين القبائل المسلمة وإثارة الفتنة بينها، ومحاولة الإيقاع بين القبائل الحدودية، وممارسة سياسة فرق تسد بين المسلمين.
و- تعزيز المركز السياسي والاجتماعي للنصارى في إريتريا من خلال إصدار القوانين التي من شأنها ضمان تحقيق ذلك، والتي منها:
– قانون منح الجنسية الإريترية للنصارى.
– القوانين المنظمة لعملية الاستفتاء التي تتبناها الجبهة الشعبية لصالحها وللمنتسبين لها، ومن أهم ما تستهدفه هذه القوانين : تغليب النسبة السكانية للنصارى على المسلمين في إريتريا؛ مما يساعد على تحقيق الأهداف والنوايا الصليبية، ويضعف دور المسلمين، ويهدد الوجود الإسلامي في إريتريا بخاصة، ومنطقة القرن الإفريقي بعامة.
هذه بعض ممارسات الجبهة الصليبية في الداخل، وأما على الصعيد الخارجي:
أ- فقد قامت بتوطيد علاقاتها مع إسرائيل والدول النصرانية والسماح لها بإقامة المشروعات الاستثمارية، والقواعد التجسّسية، وفتحت المجال على مصراعيه للمنظمات التنصيرية.
ب- تنكرت للدور العربي في القضية الإرترية، وعملت على سدّ كل أبواب التعاون معها، ورفض جميع مبادرات الجمعيات والمنظمات الخيرية للإسهام في تقديم الخدمات للمجتمع الإرتري، واتهامها بأنها مصدر للفتن، وكان من تصريحات أفورقي أن قال: لسنا عرباً، ولسنا بحاجة إلى دعم العرب، وستأتينا أموالهم عن طريق الغرب!!
ج- وقد تآمر عدو الله ورسوله أفورقي الصليبي على هذا البلد المسلم – السودان – تارة بقطع العلاقات، مع أن هذا البلد قد آوى الشعب الإريتري وثورته خلال الثلاثين عاماً السابقة، وقاسمه لقمة العيش، وناصر قضيته حتى الاستقلال، فجاء أفورقي ليكافئه بقطع العلاقات الدبلوماسية واحتضان المعارضة السودانية، حيث جعل من (أسمرا) مقراً لاجتماعاتهم، وأصبح يهدد أمن السودان من خلال التلويح بدعم تمرد قبائل البجة تارة، وباستعداء أسياده الصليبيين تارة أخرى.
ج – تغيير البنية الجغرافية والتوزيع السكاني في إريتريا، من خلال توطين النصارى من أبناء إريتريا والتجراي في مواطن المسلمين بمختلف المناطق الإريترية، وخصوصاً في المنخفضات الغربية والشرقية ذات الأراضي الزراعية الخصبة.
د- محاربة اللغة العربية وإبعادها عن الدواوين والمؤسسات الحكومية، وفرض اللغة (التجرينية) لغة رسمية وحيدة؛ مما يضعف الوعي الإسلامي، ويهدد الثقافة الإسلامية والعربية.