1ـ معنى الإيمان بالقدر التصديق الجازم بأن كل ما يقع من الخير والشر إنما هو بقضاء الله وقدره، نؤمن بأنه لا يقع في الكون شيء إلا وقد سبق به العلم في الأزل وجرى به القلم
2ـ قال تعالى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ^ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} وقال سبحانه {وكان أمر الله قدراً مقدورا} وقال {وكان أمر الله مفعولا} وقال تعالى {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله} وقال تعالى {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ^ أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} وقال تعالى {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ^ وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى} وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {لو أن الله عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، ولو كان لك جبل أحد أو مثل جبل أحد ذهباً فأنفقته في سبيل الله ما قبله منك؛ حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار} وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان} وروى مسلم عن طاوس أنه قال: أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون {كل شيء بقدر}
3ـ كل ما قدره الله تعالى فهو لحكمة يعلمها، ولا يخلق الله شراً محضاً لا يترتب عليه خير، فالشر ليس إليه سبحانه من حيث هو شر، وإنما هو داخل في عموم خلقه لكل شيء، وهو بالنسبة لله عدل وحكمة ورحمة، ولا يدخل في شيء من صفاته وأفعاله، فله الكمال المطلق، قال سبحانه {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك}
4ـ مراتب الإيمان بالقدر أربع، يجب تحقيقها جميعاً، وهي:
- العلم؛ فيجب علينا الإيمان بعلم الله المحيط بكل شيء من الموجودات والمعدومات والممكنات والمستحيلات؛ فعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، وأنه علم ما الخلق عاملون قبل أن يخلقهم، وعلم أرزاقهم وآجالهم وأحوالهم وأعمالهم في جميع حركاتهم وسكناتهم، وشقاوتهم وسعادتهم، ومن هو منهم من أهل الجنة ومن هو منهم من أهل النار من قبل أن يخلقهم، ومن قبل أن يخلق الجنة والنار، علم دق ذلك وجليله وكثيره وقليله وظاهره وباطنه وسره وعلانيته ومبدأه ومنتهاه، كل ذلك بعلمه الذي هو صفته ومقتضى اسمه العليم الخبير عالم الغيب والشهادة علام الغيوب، كما قال تعالى في سورة البقرة {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون} وقال تعالى {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} وقال في سورة الأنعام وقال تعالى {إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} وقال تعالى {أليس الله بأعلم بالشاكرين} وقال تعالى في سورة يونس {عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر} وقال في سورة العنكبوت {أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين} {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ انتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} وقال في سورة الحشر {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة} وقال تعالى {لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} وقال تعالى {وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا}
- الكتابة؛ فقد كتب كل شيء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة؛ قال سبحانه في سورة الأنعام {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} وقال الله عز وجل {ما فرطنا في الكتاب من شيء} وقال تعالى في سورة يونس {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} وقال تعالى في سورة طه عن موسى حين قال له فرعون {فما بال القرون الأولى ^ قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى} وقال تعالى في سورة الحج {ألم تر أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير} وقال تعالى في سورة فاطر {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير} وقال تعالى في سورة يس {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} وقال تعالى في سورة القمر {وكل شيء فعلوه في الزبر ^ وكل صغير وكبير مستطر} وقال تعالى في سورة الحديد {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما {يا غلام إني معلمك كلمات ينفعك الله بهن: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف} ورواه الترمذي بنحوه وقال حسن صحيح
- الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة وهما يجتمعان فيما كان وما سيكون، ويفترقان في ما لم يكن ولا هو كائن، فما شاء الله تعالى كونه فهو كائن بقدرته لا محالة، قال تعالى في سورة البقرة {ولو شاء الله ما اقتتلوا} وقال في سورة الأنعام {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} وقال في سورة يونس {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} وقال في سورة هود {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة} } وقال في سورة الرعد {أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا} وقال في سورة السجدة {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} وقال في سورة يس {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} وما لم يشأ الله تعالى لم يكن لعدم مشيئة الله تعالى إياه ليس لعدم قدرته عليه، فالسبب في عدم وجود الشيء هو عدم مشيئة الله تعالى إيجاده، لا أنه عجز عنه تعالى الله وتقدس وتنزه عن ذلك {وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا}
- الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء فهو خالق كل عامل وعمله وكل متحرك وحركته وكل ساكن وسكونه وما من ذرة في السماوات ولا في الأرض إلا والله سبحانه وتعالى خالقها وخالق حركتها وسكونها سبحانه لا خالق غيره ولا رب سواه