1- حال المرأة العربية في الجاهلية وما كانت عليه من بؤس وشقاء؛ حين تدفن حية خوف عارها، وقد عبر العرب عن ذلك في أشعارهم، فقال قائلهم:
مودة تهوى عمر شيخ يسره لها الموت قبل الليل لو أنها تدري
يخاف عليها جفوة الناس بعده ولا ختن يرجى أود من القـــــــــــــــبر
إني وإن سيق إليَّ المهر
عبد وألفان وذود عشر
أحب أصهاري إلي القبر
ثم هي مهيضة الجناح إن بقيت حية لا حقوق لها ولا آمال، بل هي من سقط المتاع، وكان النكاح أبرز مثال لما تعانيه من ظلم بين؛ يوضح ذلك حديث أمنا عائشة رضي الله عنها في بيان أنواع النكاح في الجاهلية، أنه كان عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ؛ فَيُصْدِقُهَا ثمَّ يَنْكِحُهَا؛ وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ؛ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ؛ فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ؛ وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ؛ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا؛ فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالِيَ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا؛ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ، تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ، وَنِكَاحُ الرَّابِعِ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ؛ فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ فَالْتَاطَ بِهِ وَدُعِيَ ابْنَهُ لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلاَّ نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْم… رواه البخاري في صحيحه، وكانت تُجبر على الزواج بمن لا تريد، ولا رأي لها في ذلك كله
2- إن هيئة أقاموها وجعلوها حكماً بين الناس بما تستوعب من منظمات ومجالس، وهي هيئة الأمم المتحدة، هذه الهيئة أخذت على عاتقها أن تغير الصورة النمطية للأسرة المسلمة التي تقوم على شراكة بين رجل وامرأة يقيمان بيتهما على تقوى من الله ورضوان، فهم في معاهداتهم ومؤتمراتهم واتفاقياتهم يتحدثون دائماً عن المساواة الجندرية وتقوية المرأة وأحياناً يعبرون بتمكين المرأة، ويتحدثون عن التشريعات الدينية والآداب الاجتماعية على أنها قوالب نمطية وقوانين تمييزية، ويدعون إلى المساءلة الجادة للدول والتنظيمات بحلول عام 2015، وذلك باتخاذ خطوات تتضمن:
- التنفيذ الكامل لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
- وسحب جميع التحفظات على الاتفاقية
- والتصديق أو الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بها
3- والمساواة الجندرية ﻓـﻲ ﺣﻘﻴﻘـﺔ اﻷﻣـﺮ ﻫـﻲ ﻣﻄﺎﻟﺒـﺔ ﺑــ:
- إﻟﻐـﺎء ﻛﺎﻓـﺔ اﻟﻔـﻮارق ﺑـﻴﻦ Gender Equality وﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑـ ﻣﺴﺎواة اﻟﺠﻨﺪر اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺘﺴﺎوي اﻟﻤﻄﻠﻖ، وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﺴﺎوي ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮق ﺑﻴﻦ اﻷﺳﻮﻳﺎء واﻟﺸﻮاذ، واﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ “أﺣﻜﺎﻣﺎ ﺗﻤﻴﻴﺰﻳﺔ”
- اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺈﻟﻐﺎء ﻛﻞ اﻟﻔﻮارق اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة، في اﻟﻄﻼق، وأﺣﻜﺎم اﻟﺰواج، والحضانة، واﻟﻌﺪة، واﻟﺘﻌﺪد، واﻟﻮﺻﺎﻳﺔ، واﻟﻮﻻﻳﺔ، ﻣﺜﻞ: اﻟﻘﻮاﻣﺔ والمواريث.
- اﻟﻤﻄﺎﻟﺒــﺔ ﺑﻌــﺪم ﺗﺠــﺮﻳﻢ اﻟﺰﻧــﺎ والشذوذ عبر المطالبة بضمان حقوق وخدمات الصحة والمطالبة بإﻃــﻼق اﻟﺤﺮﻳــﺎت اﻟﺠﻨﺴــﻴﺔ والحرية الجنسية ﻟﻠﻨﺴـــﺎء، وﺧـــﺪﻣﺎت اﻟﺼـــﺤﺔ اﻹنجابية
- اﻟﻤﻄﺎﻟﺒــﺔ ﺑﺘﺤﻮﻳــﻞ اﻟﻌﻼﻗــﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴــﺔ اﻟﺴــﻮﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﺘﻜﺎﻣــﻞ ﺑــﻴﻦ اﻟﺮﺟــﻞ واﻟﻤــﺮأة إﻟــﻰ اﻟﺘﺴــﺎوي اﻟﺘــﺎم واﻋﺘﺒــﺎر اﻟﻌﻤــﻞ اﻟﺮﻋــﺎﺋﻲ ﻟﻠﻤــﺮأة داﺧــﻞ اﳌﻨــﺰل ﻋﻤــﻼ ﻏــير ﻣــﺄﺟﻮر ﻳﻨﺒﻐــﻲ أن ﺗﻘﺎول به اﳌــﺮأة، واﻗﺘﺴــﺎم اﻟﻤﺴــﺆوﻟﻴﺎت داﺧــﻞ وﺧــﺎرج اﻷﺳــﺮة
4- والمساواة بين الرجل والمرأة فكرة كاذبة خاطئة ينقضها الواقع والشرع والمصلحة، يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: وَلِهَذَا التَّبَايُنِ فِي الْكَمَالِ وَالْقُوَّةِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ، صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّعْنَ عَلَى مَنْ تَشَبَّهَ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثْنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ»، هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مَلْعُونٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ ; لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الْآيَةَ، كَمَا ثَبَتَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَلْتَعْلَمْنَ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ اللَّاتِي تُحَاوِلْنَ أَنْ تَكُنَّ كَالرِّجَالِ فِي جَمِيعِ الشُّئُونِ أَنَّكُنَّ مُتَرَجِّلَاتٌ مُتَشَبِّهَاتٌ بِالرِّجَالِ، وَأَنَّكُنَّ مَلْعُونَاتٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ الْمُخَنَّثُونَ الْمُتَشَبِّهُونَ بِالنِّسَاءِ، فَهُمْ أَيْضًا مَلْعُونُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ فِيهِمْ:
وَمَا عَجَبِي أَنَّ النِّسَاءَ تَرَجَّلَتْ… وَلَكِنَّ تَأْنِيثَ الرِّجَالِ عُجَابُ
وَاعْلَمْ وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِمَّا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ: أَنَّ هَذِهِ الْفِكْرَةَ الْكَافِرَةَ، الْخَاطِئَةَ الْخَاسِئَةَ، الْمُخَالِفَةَ لِلْحِسِّ وَالْعَقْلَ، وَلِلْوَحْيِ السَّمَاوِيِّ وَتَشْرِيعِ الْخَالِقِ الْبَارِئِ مِنْ تَسْوِيَةِ الْأُنْثَى بِالذِّكْرِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَالْمَيَادِينِ، فِيهَا مِنَ الْفَسَادِ وَالْإِخْلَالِ بِنِظَامِ الْمُجْتَمَعِ الْإِنْسَانِيِّ مَا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ إِلَّا مَنْ أَعْمَى اللَّهُ بَصِيرَتَهُ. وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا جَعَلَ الْأُنْثَى بِصِفَاتِهَا الْخَاصَّةِ بِهَا صَالِحَةٌ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي بِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ الْإِنْسَانِيِّ، صَلَاحًا لَا يُصْلِحُهُ لَهَا غَيْرُهَا، كَالْحَمْلِ وَالْوَضْعِ، وَالْإِرْضَاعِ وَتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ، وَخِدْمَةِ الْبَيْتِ، وَالْقِيَامِ عَلَى شُئُونِهِ. مِنْ طَبْخٍ وَعَجْنٍ وَكَنْسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَذِهِ الْخِدْمَاتُ الَّتِي تَقُومُ بِهَا لِلْمُجْتَمَعِ الْإِنْسَانِيِّ دَاخِلَ بَيْتِهَا فِي سَتْرٍ وَصِيَانَةٍ، وَعَفَافٍ وَمُحَافِظَةٍ عَلَى الشَّرَفِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْقِيَمِ الْإِنْسَانِيَّةِ، لَا تَقِلُّ عَنْ خِدْمَةِ الرَّجُلِ بِالِاكْتِسَابِ، فَزَعَمَ أُولَئِكَ السَّفَلَةُ الْجَهَلَةُ مِنَ الْكُفَّارِ وَأَتْبَاعِهِمْ: أَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا مِنَ الْحُقُوقِ فِي الْخِدْمَةِ خَارِجَ بَيْتِهَا مِثْلُ مَا لِلرَّجُلِ، مَعَ أَنَّهَا فِي زَمَنِ حَمْلِهَا وَرِضَاعِهَا وَنِفَاسِهَا، لَا تَقْدِرُ عَلَى مُزَاوَلَةِ أَيِّ عَمَلٍ فِيهِ أَيُّ مَشَقَّةٍ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا بَقِيَتْ خِدْمَاتُ الْبَيْتِ كُلُّهَا ضَائِعَةً: مِنْ حِفْظِ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ، وَإِرْضَاعِ مَنْ هُوَ فِي زَمَنِ الرَّضَاعُ مِنْهُمْ، وَتَهْيِئَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لِلرَّجُلِ إِذَا جَاءَ مِنْ عَمَلِهِ، فَلَوْ أَجْرَوْا إِنْسَانًا يَقُومُ مَقَامَهَا، لِتُعَطِّلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ التَّعَطُّلَ الَّذِي خَرَجَتِ الْمَرْأَةُ فِرَارًا مِنْهُ; فَعَادَتِ النَّتِيجَةُ فِي حَافِرَتِهَا عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ وَابْتِذَالَهَا فِيهِ ضَيَاعُ الْمُرُوءَةِ وَالدِّينِ; لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَتَاعٌ، هُوَ خَيْرُ مَتَاعٍ الدُّنْيَا، وَهُوَ أَشَدُّ أَمْتِعَةِ الدُّنْيَا تَعَرُّضًا لِلْخِيَانَةِ.
لِأَنَّ الْعَيْنَ الْخَائِنَةَ إِذَا نَظَرَتْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ مَحَاسِنِهَا فَقَدِ اسْتَغَلَّتْ بَعْضَ مَنَافِعِ ذَلِكَ الْجَمَالِ خِيَانَةً وَمَكْرًا. فَتَعْرِيضُهَا لِأَنْ تَكُونَ مَائِدَةً لِلْخَوَنَةِ فِيهِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى أَدْنَى عَاقِلٍ، وَكَذَلِكَ إِذَا لَمَسَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهَا بَدَنُ خَائِنٍ سَرَتْ لَذَّةُ ذَلِكَ اللَّمْسِ فِي دَمِهِ وَلَحْمِهِ بِطَبِيعَةِ الْغَرِيزَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْقَلْبُ فَارِغًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَاسْتَغَلَّ نِعْمَةَ ذَلِكَ الْبَدَنِ خِيَانَةً وَغَدْرًا، وَتَحْرِيكُ الْغَرَائِزِ بِمِثْلِ ذَلِكَ النَّظَرِ وَاللَّمْسِ يَكُونُ غَالِبًا سَبَبًا لِمَا هُوَ شَرُّ مِنْهُ. كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ بِكَثْرَةٍ فِي الْبِلَادِ الَّتِي تَخَلَّتْ عَنْ تَعَالِيمِ الْإِسْلَامِ، وَتَرَكَتِ الصِّيَانَةَ. فَصَارَتْ نِسَاؤُهَا يَخْرُجْنَ مُتَبَرِّجَاتٍ عَارِيَاتِ الْأَجْسَامِ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ. لِأَنَّ اللَّهَ نَزَعَ مِنْ رِجَالِهَا صِفَةَ الرُّجُولَةِ وَالْغِيرَةِ عَلَى حَرِيمِهِمْ. وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مَنْ مَسْخِ الضَّمِيرِ وَالذَّوْقِ، وَمِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَدَعْوَى الْجَهَلَةِ السَّفَلَةِ: أَنَّ دَوَامَ خُرُوجِ النِّسَاءِ بَادِيَةَ الرُّءُوسِ وَالْأَعْنَاقِ وَالْمَعَاصِمِ، وَالْأَذْرُعِ وَالسُّوقِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ يُذْهِبُ إِثَارَةَ غَرَائِزِ الرِّجَالِ; لِأَنَّ كَثْرَةَ الْإِمْسَاسِ تُذْهِبُ الْإِحْسَاسَ; كَلَامٌ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ وَالْخِسَّةِ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ: إِشْبَاعُ الرَّغْبَةِ مِمَّا لَا يَجُوزُ، حَتَّى يَزُولَ الْأَرَبُ مِنْهُ بِكَثْرَةِ مُزَاوَلَتِهِ، وَهَذَا كَمَا تَرَى. وَلِأَنَّ الدَّوَامَ لَا يُذْهِبُ إِثَارَةَ الْغَرِيزَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ; لِأَنَّ الرَّجُلَ يَمْكُثُ مَعَ امْرَأَتِهِ سِنِينَ كَثِيرَةً حَتَّى تَلِدَ أَوْلَادَهُمَا، وَلَا تَزَالُ مُلَامَسَتُهُ لَهَا، وَرُؤْيَتُهُ لِبَعْضِ جِسْمِهَا تُثِيرُ غَرِيزَتَهُ. كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا مُكَابِرٌ:
لَقَدْ أَسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حَيًّا… وَلَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي
وَقَدْ أَمَرَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، خَالِقُ هَذَا الْكَوْنِ وَمُدَبِّرُ شُئُونِهِ، الْعَالِمُ بِخَفَايَا أُمُورِهِ وَبِكُلِّ مَا كَانَ وَمَا سَيَكُونُ بِغَضِّ الْبَصَرِ عَمَّا لَا يَحِلُّ ; قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ…} الْآيَةَ
وَنَهَى الْمَرْأَةَ أَنْ تَضْرِبَ بِرِجْلِهَا لِتُسْمِعَ الرِّجَالَ صَوْتَ خَلْخَالِهَا فِي قَوْلِهِ: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}، وَنَهَاهُنَّ عَنْ لِينِ الْكَلَامِ، لِئَلَّا يَطْمَعَ أَهْلُ الْخَنَى فِيهِنَّ، قَالَ تَعَالَى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ
4- طبيعة النشاط الذي تزاوله المرأة لا بد فيه من شروط خلاصتها تتعلق بطبيعة العمل ومكانه:
أن يكون مشروعاً؛ فيحرم على المرأة أن ترقص في مجامع الرجال، أو أن تستخدم أنوثتها في كسب الزبائن
أن يوافق طبيعة المرأة ففي أوروبا قد تعمل سائقة سيارة أجرة، وقد تكون لاعبة في كرة القدم أو رفع الأثقال
أن يكون المكان خاصاً بالمرأة لا اختلاط فيه؛ لأن الله تعالى قال {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} وكذلك آية الحجاب