1/ الحمد لله الذي له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم؛ هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير، له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الحليم العظيم الغفور الشكور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله البشير النذير، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
2/ في نهاية رمضان ثلاث وصايا لا بد من تذكير الناس بها؛ من أجل أن يكونوا على ذكر منها، وهي
أولاً: أن العمل الصالح لا ينقطع بخروج رمضان؛ بل لا نهاية له إلا حين تفارق الروح الجسد؛ قال تعالى {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} ومن العمل الصالح عبادة الصيام، التي كان يحرص عليها الصالحون من هذه الأمة، لما عرفوا ما فيها من فضل وثواب؛ عن أبي أمامة قلت: يا رسول الله ادع الله لي بالشهادة، فقال (اللهم سلمهم وغنمهم) فغزونا فسلمنا وغنمنا، وقلت: يا رسول الله مرني بعمل. فقال (عليك بالصوم فإنه لا مثل له) فكان أبو أمامة وامرأته وخادمة لا يلفون إلا صياما. وفي ذلك أخبار تشجع المترددين
- قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن كنا لنكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر في اليوم الحار ما في القوم أحد صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة.
- قد ورد عن جماعة من السلف أنهم كانوا يصومون الدهر فلا يفطرون إلا يوم عيد، منهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن عطية بن قيس قال: دخل ناس من أهل دمشق على أبي مسلم الخولاني وهو غاز في أرض الروم؛ وقد احتفر جورة في فسطاطه، وجعل فيه نطعاً وأفرغ فيه الماء وهو يتصلق فيه؛ فقالوا: ما حملك على الصيام وأنت مسافر؟ قال: لو حضر قتال لأفطرت، ولتهيأت له وتقويت، إن الخيل لا تجري الغايات وهن بدن، إنما تجري وهن ضمر، ألا وإن أيامنا باقية جائية لها نعمل. وعن هشام أن أباه مات وهو صائم؛ وجعلوا يقولون له: أفطر؛ فلم يفطر. وعن هشام بن عروة أن أباه كان يصوم الدهر إلا يوم الفطر ويوم النحر، ومات وهو صائم، منصور بن المعتمر صام ستين سنة يقوم ليلها ويصوم نهارها.. قال الفلاس: سمعت ابن أبي عدي يقول: صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله. كان خزازاً يحمل معه غداءه فيتصدق به في الطريق.. كان ابن أبي ذئب يصوم يوماً ويفطر يوما ثم سرد الصوم، وكان شديد الحال، يتعشى الخبز والزيت، وله قميص وطيلسان، يشتو فيه ويصيف.. كان بقي بن مخلد يختم القرآن كل ليلة، في ثلاث عشرة ركعة، وكان يصلي بالنهار مئة ركعة، ويصوم الدهر، وكان كثير الجهاد، فاضلا، يذكر عنه أنه رابط اثنتين وسبعين غزوة.. أبو الحسن القطان أدام الصيام ثلاثين سنة، وكان يفطر على الخبز والملح
- وجاء عن بعضهم أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً منهم إبراهيم النخعي وابن عون، قال المعتمر بن سليمان: مكث أبي أربعين سنة يصوم يوماً ويفطر يوما، ويصلي صلاة الفجر بوضوء عشاء الآخرة
- ومنهم من كان يحرص على صيام الأيام الفاضلة حتى في حال السفر؛ فعن معاوية بن صالح أن أبا جبلة حدثه قال: كنت مع ابن شهاب في سفر؛ فصام يوم عاشوراء فقيل له: لم تصوم وأنت تفطر في رمضان في السفر؟ قال: إن رمضان له عدة من أيام أخر، وإن عاشوراء يفوت