1 تبشير المسلمين بقرب شهر شعبان المعظم، وما يحمله من بشارة بقرب رمضان
2 ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعظيم شهر شعبان والإكثار من الصيام فيه، فعن عائشة قالت: {لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر من شعبان فإنه كان يصومه كله} وفي لفظ {ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان؛ كان يصومه إلا قليلا، بل كان يصومه كله} وفي لفظ {ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان} متفق على ذلك كله.
3 الحكمة من ذلك: واختلف في الحكمة في إكثاره صلى الله عليه وسلم من صوم شعبان فقيل: كان يشتغل عن صيام الثلاثة الأيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان، وقيل: كان يصنع ذلك لتعظيم رمضان، وقيل: الحكمة في ذلك أن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان؛ فكان يصوم معهن، وقيل: الحكمة أنه يتعقبه رمضان وصومه مفترض؛ فكان يكثر من الصوم في شعبان قدر ما يصوم شهرين غيره لما يفوته من التطوع الذي يعتاده بسبب صوم رمضان. والأولى أن الحكمة في ذلك غفلة الناس عنه لما أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة من حديث أسامة رضي الله عنه قال {قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم} ونحوه من حديث عائشة عند أبي يعلى، ولا تعارض بينه وبين ما روي عنه صلى الله عليه وسلم من صوم شعبان أو أكثره ووصله برمضان وبين أحاديث النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وكذا ما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني؛ فإن الجمع بينها ظاهر بأن يحمل النهي على من لم يدخل تلك الأيام في صيام يعتاده، وقد تقدم تقييد أحاديث النهي عن التقدم بقوله صلى الله عليه وسلم {إلا أن يكون شيئا يصومه أحدكم}
4 فائدة: ظاهر قوله في حديث أسامة {إن شعبان شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان} أنه يستحب صوم رجب؛ لأن الظاهر أن المراد أنهم يغفلون عن تعظيم شعبان بالصوم كما يعظمون رمضان ورجباً به. ويحتمل أن المراد غفلتهم عن تعظيم شعبان بصومه كما يعظمون رجباً بنحر النحائر فيه، فإنه كان يعظم ذلك عند الجاهلية وينحرون فيه العتيرة كما ثبت في الحديث، والظاهر الأول