1ـ الأحاديث الثابتة في فضل تنفيس كربات المسلمين، والسعي في تفريج همومهم
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلبٌ يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماءً، ثم أمسكه بفيه، حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجراً؟ فقال: في كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌ} متفقٌ عليه. وفي روايةٍ للبخاري: فشكر الله له، فغفر له، فأدخله الجنة. وفي روايةٍ لهما: {بينما كلبٌ يُطيف بركيةٍ قد كاد يقتله العطش؛ إذ رأته بغيٌ من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها فاستقت له به، فسقته فغفر لها به} الموق: الخف. ويطيف: يدور حول ركيةٍ وهي البئر.
- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرةٍ قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين رواه مسلم. وفي رواية: مر رجلٌ بغصن شجرةٍ على ظهر طريقٍ فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأدخل الجنة. وفي رواية لهما: بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ وجد غصن شوكٍ على الطريق، فأخره فشكر الله له، فغفر له.
- عن عدي بن حاتمٍ رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول {ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمانٌ، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرةٍ، فمن لم يجد فبكلمةٍ طيبةٍ} متفقٌ عليه.
- عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {على كل مسلمٍ صدقةٌ، قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق، قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف، قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير، قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يمسك عن الشر فإنها صدقةٌ} متفقٌ عليه.
2ـ محمد صلى الله عليه وسلم رسول إلى كل البشر، لكن عنايته الخاصة كانت للمساكين، يقف معهم، يرحمهم، يرفع من شأنهم، يعلمهم، يعيش مأساتهم وظمأهم وجوعهم ودموعهم، وقد أنزل الله عليه في القرآن )ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه( وكان يقول {إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم} وصحَّ عنه أنه كان يدعو فيقول {اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين} وكان يزور عجائز المدينة، ويجيب دعوة من دعاه، ويدني رأسه لمن استوقفه
3ـ نماذج لمساكين صاروا بتربية رسول الله صلى الله عليه وسلم من خير الناس وأتقاهم رضوان الله عنهم منهم:
- عبد الله ذو البجادين رضي الله عنه، أخذوا ماله، وخلعوا ثيابه، فقسم شملته نصفين، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم {رأيته من أغنى شباب مكة، ومن أطيب شباب مكة، ثم ترك ذلك كله لله}
- أنس بن النضر رضي الله عنه قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم {إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره}
- عوف بن مالك رضي الله عنه قال {اللهم إنك تعلم أني أحبك، اللهم إني أقسم عليك أن تنصرنا، وأن تجعلني أول شهيد}
4ـ عباد الله: إن إخواناً لنا قد ابتلاهم الله تعالى بالسنين ونقصٍ من الثمرات، ابتلاهم الله بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، تهدمت بيوتهم، وذهبت أموالهم، وجرفت السيول زروعهم، وصاروا بلا مأوى ولا مال، يعانون حرارة الشمس بالنهار، وبرودة الطقس بالليل، قد عضهم الجوع بنابه، ينتظرون إخوانهم المسلمين وما يجودون به، فالله الله فيهم لا تضيعوهم ولا تخذلوهم، ابذلوا لهم ما تستطيعون؛ فإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، ومن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة )والله لا يضيع أجر المحسنين( وفروا المأوى لمن لا مأوى له، وابذلوا الطعام لمن احتاج إليه؛ فخير الإسلام إطعام الطعام وأن تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف، وما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفا، وما نقصت صدقة من مال، ومن تصدق بعدل تمرة من كسب طيب؛ فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل )وما تنفقوا من خير فلأنفسكم(