خطب الجمعة

وصايا في استقبال شهر رمضان

خطبة يوم الجمعة 24/8/1436 الموافق 13/6/2015

1- فببين أيدينا شهر كريم مبارك، افترض الله علينا صيامه، وسن لنا رسول الله صلى الله عليه وسـلم قيامه؛ فمن صامه إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وهو شهر الصبر والصبر جزاؤه الجنة، وهو شهر يزاد فيه في رزق المؤمن، من فطر فيه صائماً كان له مثل أجره وكان عتقاً لرقبته من النار، شهر رمضان قد مليء خيراً وبراً وفضلاً وكرما؛ ففيه تكفير السيئات ومضاعفة الحسنات ورفع الدرجات وإقالة العثرات، وفيه ليلة خير من ألف شهر، وفيه التسابيح والتراويح

جاء الصيام فجاء الخير أجمعه ترتيــــــــــــــل ذكرٍ وتحميدٌ وتسـبيحُ

فالنفس تدأب في قول وفي عمل صوم النهار وبالليل التراويحُ

2- إن الموفَّق من عباد الله من اغتنم الأيام والليالي في طاعة الله صياماً وقياما، وتضرعاً ودعاء، وخشية وإنابة، وذكراً وتلاوة، وحرص على وقته أن يضيع في غير فائدة تعود عليه في دنياه وآخرته

أَدِم الصيام مع القيام تعبُّداً فكــــــــــــــــلاهما عملان مقبولانِ

يا حبذا عينان في غسق الدجى من خشية الرحمن باكيتانِ

3- إن رمضان يحل علينا ضيفاً مضيافاً، يكرمنا إذا أكرمناه، فتحل بحلوله البركات والخيرات، يُقدم علينا، فيقدّم هو إلينا أصنافاً من الإتحافات والنفحات، ضيف لكنه مضيف، وربما يكون الواحد منا في ضيافته للمرة الأخيرة! أو ربما ينزل هو في ضيافة غيرنا بعد أعمار قصيرة.. فهلاّ أكرمنا ضيفنا! وهلاّ تعرضنا لنفحات مضيفنا! تصور أخي القارئ أنك تستقبل ضيفاً عزيزاً، وهو يستضيفك، وتعلم أنك بعد أيام قلائل ستودعه فلا تراه أبداً! كيف ستستقبله؟ وكيف ستحسن صحبته، وتكرم مثواه؟ تعال معنا أيها القارئ الحبيب نستحضر أحاسيس الوداع، لعلنا ندع بها دَعة تتلف أيامنا، وعدة من الأماني تضعف إيماننا.

 تعال نخص هذا الشهر الكريم بمزيد اعتناء وكأننا نصومه صيام مودع! تعال نقف مع أنفسنا هذه الوقفات لإخراج صيامنا من إلْف العادة إلى روح العبادة:

* نصوم رمضان في كل عام وهمّ أكثرنا أن يبرئ الذمة ويؤدي الفريضة؛ فليكن همنا لهذا العام تحقيق نعم تحقيق معنى صومه (إيماناً واحتساباً) ليغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا.. وهي كثيرة.

* نحرص كل عام على ختم القرآن في شهر القرآن مرات عديدة.. فلتكن إحدى ختمات هذا العام ختمة بتدبر وتأمل ونية إقامة حدوده قبل سرد حروفه.

* نسعى في تنقلنا بين المساجد للقيام إلى اختيار الصوت الأجمل؛ فليكن سعينا العام وراء الصلاة الأكمل.

* يتزايد حرصنا في أوائل الشهر على عدم تضييع الجماعة مع الإمام؛ فليكن حرصنا هذا العام طوال الشهر على عدم تفويت تكبيرة الإحرام.

  * نخص رمضان بمزيد من التوسعة على النفس والأهل من أطايب الدنيا، فليتسع ذلك للتوسعة عليهم بأغذية الأرواح والأنفس.

* إذا أدخلنا السرور على أسرنا بهذا وذاك فلنوسع الدائرة هذا العام فندخل السرور على أُسَرٍ أخرى؛ أَسَرتها الحاجة وكبّلَتها الأعباء.

* نتصدق كل عام بقصد مساعدة المحتاجين، فلنجعل قصدنا لهذا العام مساعدة أنفسنا التي بين أضلعنا على التخلص من نار الخطيئة بجعل تلك الصدقة خالصة لتطفئ غضب الرب.

* نحرص على العمرة في رمضان لفضلها؛ فلنجعلها لعمرنا كله هذا العام إذا أذن الله نغسل بها ما مضى … فقد يكون آخر العهد بالبيت ذاك الطواف.

* نحرص وإياك على اكتساب العمل النافع في رمضان، فليكن هذا النفع متعدياً للغير بكتاب يُهدى أو نصيحة تُسدى.

* لنفسك من دعائك النصيب الأوفى، فلتتخل عن هذا (البخل) في شهر الكرم، فملايين المسلمين في حاجة إلى نصيب من دعائك الذي تُؤَمّن عليه الملائكة وتقول: ولك بمثله.

* الجود محمود في رمضان وأنت أهله ببذل القليل والكثير، فليمتد جودك إلى الإحسان لمن أساء، وصلة من قطع.

* لنكف عن الاعتكاف إلى الناس، ولْنكتف بالعكوف مع النفس لمحاسبتها؛ فربما يفجأنا الموت فنحاسَب داخل القبر قبل أن نتمكن من محاسبة أنفسنا ونحن أحياء على ما فرطنا في جنب الله.

* نحب التعبّد بتفطير الصائمين، فلنجرد هذه العبادة من حب المحمدة أو دفع المذمة، فذلك رياء لا يثيب صاحبه بل يصيب مقاتله.

* تفطير الصائمين من جوعة البطن مستحب مندوب، ولكن إشباع جياع القلوب فرض مطلوب، فليكن لنا جهد في هذا مع جهدنا في ذلك.

* تصفّ قدميك مع مصلين لا تعرفهم.. فهلاّ تعرفت على ما يوحّد قلبك معهم ويضم صفك إليهم، فإن تسوية الصفوف خلف الإمام ما جُعلت إلا لتوحيد القلوب على الإيمان.

* لنا ولك أعداء، فانتصر عليهم بالدعاء إن كانوا كافرين، وانتصف منهم بالدعاء إن كانوا مسلمين، فكم من دعاء حوّل العداء إلى ولاء.

* في رمضان، يذكرك الضعفاء بأنفسهم على نواصي الطرق وأبواب المساجد، فلتذكر أنت المستضعفين من المسلمين الذين لا سبيل لهم إليك ليذكّروك بأنفسهم.

* يتوارد على سمعك في كل عام ما يعرّفك بقدر رمضان، فاجعل همّ هذا العام أن تتعامل مع رمضان بمقدار قدره.

* قدر رمضان يتضاعف في ليلة القدر، فهل قدّرت في نفسك أنها ربما فاتتك في أعوام خالية؟! اغتنمها اليوم فقد لا تأتي بها ليالٍ تالية.

* إذا ودّعت رمضان.. أو ودّعك رمضان.. فاستحفظه ربك، واستودعه ما عملت فيه.. حتى لا يضيع، فلا تدري، لعلك لا تلقاه بعد عامك هذا..

* إذا لقيته في عام قابل بّلغنا الله وإياك شهوره فعد مرة أخرى واستقبله استقبال المودعّين.

لصوص رمضان

1- البرامج التافهة التي تخصصت فيها قنوات فضائية ومحطات إذاعية؛ ليس فيها دعوة إلى الله ولا علم نافع ولا ترفيه مباح، بل مجون وفجور ولعب ولهو

2- الجلسات اللاهية والأحاديث اللاغية

3- البرامج الرياضية التي هي هم بعض الناس فتضيع الليالي ما بين كرة ولعب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى