1ـ الإيمان بالله هو الدعامة التي تقوم عليها حياة من يرجو السعادة في الدنيا والآخرة، وهو الامتحان الأكبر الذي خلق الله الناس من أجله {فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير * يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم}
2ـ الإيمان بالله يتضمن تعظيمه فوق كل أحد، والخوف منه جل جلاله غاية الخوف، وأن يصغر في عين المؤمن كل أحد سوى الله؛ فلا يرجو غيره ولا يرهب سواه؛ قال تعالى مادحاً رسله عليهم السلام {الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيبا} إن الخوف من غير الله تنقلب به الموازين وتختل المقاييس؛ حتى إن الحمل ليستأسد والبغاث ليستنسر، وفي القرآن الكريم يحكي ربنا جل جلاله أن ناساً خافوا من الجن فكان حالهم كما حكى ربنا جل جلاله في القرآن {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا}
3ـ إن الأمة على أبواب صراع عنيف ومعركة شرسة، قد تهلك الأخضر واليابس، وتغير معالم التاريخ، صراع بين حضارة إسلامية تريد للناس أن يعيشوا أحراراً كما ولدتهم أمهاتهم، وحضارة صهيونية صليبية تريد استعباد الناس، وإن أول مراحل النصر هو الانتصار على خور النفس وجبن القلب، إن الهزيمة النفسية تفوق بكثير في آثارها ونتائجها الهزيمة العادية، فقد تتحول الهزيمة العسكرية إلى نصر يوم أن تنطلق الإرادة لتواجه التحدي، لكن الهزيمة النفسية تظل تقيد إرادة الإنسان، وتعطل قدرته على المقاومة.
4ـ في التاريخ الحديث شواهد: دحرت فرنسا أمام قوات النازي، وانهار جيشها بعدما سيطرت عليه روح الانهزامية إلى حد اعتراف رئيس وزراء فرنسا آنذاك بأن فرنسا لم تستطع مقاومة الاحتلال، وفيتنام وهي دولة كافرة، لا تؤمن برب ولا دين، لكنها انتصرت بإيمان شعبها بالنصر، وضرورة الاستمرار في التحرر من ذل المستعمر الأمريكي، وقد أقسم رئيسها زعيم المقاومة آنذاك أنه لن يذعن ولو استمرت الحرب ربع قرن
5ـ إن الخوف والجبن إذا سيطر على فرد رجلاً كان أو امرأة، ألقى به في أغلال الأوهام، وجعله حبيس المجهول، وعطل حركته عن كل نافع، وشل تفكيره عن كل مفيد، ولهذا جاءت الشريعة بالحث على نبذه والتخلي عنه، وربط القلوب بالله عز وجل {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم $ الذين قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل $ فانقلبوا بنعمة الله من فضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم $ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}
- إن الجبان الرعديد يخشى من ملاحقة النظرات، ويفزع من همس الأصوات، ويختبئ من شعاع الأنجم المنيرات، يخجل من هيئته ولو كانت موافقة للشريعة، يمشي وينظر خلفه، ولا يمكن أن يتطلع للأمام، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجبن، وكان من دعائه (اللهم أني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر) رواه البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وفي رواية لمسلم عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات)
وسائل طرد الخوف والتخلص منه
1ـ الإيمان بقوة الله وقيوميته على كل شيء وأنه وحده المالك المتصرف في كل شيء، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء هو القوي الجبار المنتقم العزيز القاهر فوق عباده {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقا}
2ـ الإيمان بالقضاء والقدر؛ كما في سنن الترمذي من حديث ابن عباس {يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة} إن الخوف لا يؤخر الموت لكنه يعكر صفو الحياة
3ـ الثقة بالله والتوكل عليه {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} قال الربيع بن خثيم: إن الله تعالى قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه، ومن آمن بها هداه، ومن أقرضه جازاه، ومن وثق به نجاه، ومن دعاه أجاب له، وتصديق ذلك في القرآن {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} {إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم} {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم} {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب}
4ـ أن يعلم العبد أن البلايا والمحن هي طريق الجنان {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول…} وفي سنن الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإذا أحب الله قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط}