خطب الجمعة

الكفر وأسبابه

خطبة يوم الجمعة 12/4/1429 الموافق 18/4/2008

1ـ الكفر لغة: الستر والتغطية، وسمي الزارع كافراً كمثل غيث أعجب الكفار نباته أي الزراع لأنهم يغطون الحب بالتراب. وأما اصطلاحاً: فهو الإنكار لشيء مما جاء به النبي ووصل إلينا بطريق يقيني قاطع.

2ـ إن للكفر ـ عياذاً بالله ـ أسباباً، ومن هذه الأسباب:

  • الشيطان وتزيينه الكفر قال تعالى كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين وقال تعالى في بيان علة الكفر لملكة سبأ وقومها، فقال وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون وذلك بإثارة الشبهات والشهوات، والشبهات في العقول، والشهوات في القلوب.
  • جنود الشيطان من أصحاب المبادئ الهدامة للحديث {خط رسول الله خطاً ورسم على جوانبه خطوطاً وقال: هذا هو طريق الله وهذه السبل على رأس كل واحد منها شيطان يدعو إليه} فالشيوعية والوجودية وغيرها من مناهج الإلحاد كلها من صنع يهود لعلمهم أنه لا نصر إلا بإفساد شباب الأمة ومثقفيها في عقولهم وتشكيكهم بإسلامهم وعند ذلك فقط تزول عوائق الأمة أمام أعدائها.
  • حيوانية الغاية قال تعالى والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم فأتباع فرويد اليهودي صاحب النظرية الجنسية، وأدونيس رائد الحداثة والخلاعة.ونزار قباني شاعر النهود والفروج وغيرهم ممن عاشوا أعمارهم لإثارة الغريزة والهبوط بالإنسانية إلى دركات البهيمية ورفض ضوابط الدين والأخلاق والعرف.
  • حب الرئاسة والاستكبار وخوف الذم والتعيير حب الرئاسة: كحال هرقل ملك الروم وقد بان له الحق؛ فلما عرض الإسلام على الأساقفة نفروا منه وبادروا إلى الأبواب معرضين، فأمر هرقل بردهم وقال: أردت أن أختبركم! وصده حب الملك والرئاسة عن الإيمان. والاستكبار: ككفر فرعون وملئه وقد رأوا الحق بأعينهم في المعجزة التي أيد الله بها نبيه موسى u قال تعالى وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا وخوف الذم والتعيير: ككفر أبي طالب: لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي وعنده أبو جهل، فقال رسول الله {أي عم قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله} فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر ما كلمهم به: على ملة عبد المطلب، فقال النبي {لاستغفرن لك ما لم أنهَ عنك} فنزلت إنك لا تهدي من أحببت

3ـ وأما أنواع الكفر؛ فينقسم الكفر إلى قسمين:

كفر مخرج من الملة ويكون صاحبه مرتداً عن الإسلام وتجري عليه أحكام المرتدين إن كان مسلماً، وتشمل:

أ- المكفِّرات الاعتقادية: كإنكار أصل من أصول الإيمان كإنكار الخالق سبحانه أو صفة من صفاته أو اعتقاد عجزه أو أنه سبحانه غير عادل في أحكامه وقضائه، أو إنكار الملائكة أو الكتب السماوية أو اليوم الآخر وما فيه من بعث وحساب وجنة ونار أو إنكار فريضة من فرائض الإسلام أو إنكار حرمة كالزنا أو الربا أو اعتقاد حرمة ما أحل الله من أكل لحوم الأنعام.

ب- المكفِّرات القولية: وذلك بأن يقول بعقيدة مكفرة أو جحد جزئية من الإسلام في عقائده وأحكامه أو سب الخالق أو الرسل أو الكتب السماوية أو سب الدين أو اعتراض على عدل الله في قضائه واتهامه بالجحود سبحانه وتعالى.

ج- المكفِّرات العملية: وهو كل عمل يعتبر علامة على عقيدة مكفرة كالحكم بغير ما أنزل الله وتمزيق المصحف إهانة له أو إلقائه في القاذورات أو تعليق الصليب وتعظيمه، وكذا موالاة الكفار وإظهار الود لهم واستعارة قوانينهم وتحسين أفكارهم والتشبه بهم وطاعتهم والركون إليهم ومن يتولهم منكم فإنه منهم

كفر لا يخرج صاحبه من الملة: كفر النعمة والحقوق: قال تعالى وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار وقول رسول الله {يا معشر النساء إأني رأيتكن أكثر أهل النار، قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكفرن العشير، لو أحسن الزوج إليكن الدهر كله ثم أساء قلتن: ما رأينا منك خيرا قط} قتال المسلم لأخيه للحديث {سباب المسلم فسوق وقتاله كفر} أي قتله كالكفر في الإثم والتحريم، وقال تعالى )وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما( قال ابن كثير: سماهم مؤمنين مع الاقتتال. وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية وإن عظمت.

4ـ وأما عاقبة الكفر: أما في الدنيا:

أ- فإن الكافر في ضلال ومقت من الله عليه، قال تعالى ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل فهو في شقاء ضلاله حيث لا هداية ولا توفيق في رأي أو عمل فيكون وبالا على نفسه ومن، ثم مقت الله له ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا

ب- وأن عقوبته القتل: أجمع الفقهاء على أن من تحول عن دين الإسلام إلى غيره فإنه يقتل لقول النبي {من بدل دينه فاقتلوه}

ج_ إنه مغلوب مهما كاد ومكر، قال تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد

وأما في الآخرة:

أ- محروم من مغفرة الله سبحانه قال تعالى إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم

ب- ولا ينفعه عمله الصالح من إعانة مريض أو تصدّق على فقير فإن الله يعجل له ثوابه في الدنيا فيعافه في بدنه أو يغنيه حتى إذا جاء يوم القيامة لا حسنة له، قال تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا قال ابن كثير: فأخبر أنه لا يحصل لهؤلاء المشركين من الأعمال التي ظنوا أنها منجاة لهم شيء وذلك لأنها فقدت الشرط الشرعي إما الإخلاص فيها وإما المتابعة لشرع الله.

ج- عظم جسده في النار ليزداد عذاباً وألماً للحديث {ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع}. وللحديث {ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد وغلظ جلده مسيرة ثلاث}

د- نقمة الكافر على من أضله؛ قال تعالى وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدمنا ليكونا من الأسفلين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى