خطب الجمعة

خطبة عيد الأضحى لعام 1430

الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً؛ الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له كان بعباده خبيراً بصيراً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله ربه بالهدى ودين الحق شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا

أيها المسلمون: فإنكم في يوم من أيام الله، يوم النحر، يوم الحج الأكبر، يوم عيد الفداء، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين.  الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون. لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين} صدق الله العظيم

 أيها المسلمون: في هذا العيد المبارك نتذكر معالم ثلاثة:

الأول: وحدة دين الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؛ ويتضح ذلك من جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة حين سألوه عن الأضاحي؛ وحين أراد أن يذبح أضحيته؛ فنحن المسلمين نؤمن برسل الله جميعاً {لا نفرق بين أحد من رسله} نتذكر فضل لا إله إلا الله، وعظمة لا إله إلا الله، وقدسية لا إله إلا الله.

أي أمة كنا قبل الإسلام، وأي جيل كنا قبل الإيمان، وأي كيان نحن بغير القرآن. كنا قبل لا إله إلا الله أمة وثنية، أمة لا تعرف الله، أمة تسجد للحجر، أمة تغدر، أمة يقتل بعضها بعضاً، أمة عاقة، أمة لا تعرف من المبادئ شيئاً. فلما أراد الله أن يرفع رأسها، وأن يعلي مجدها؛ أرسل إليها رسول الهدى صلى الله علـيه وسلم {هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمّيّينَ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءايَـٰتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ ٱلْكِتَـبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَلٍ مُّبِين}.

الثاني: ديننا مبناه على اليسر ورفع الحرج وقلة التكاليف {اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون. وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس}

الثالث: الدين وحدة كاملة لا تتجزأ؛ فالمسلم يعبد الله بالصلاة ويعبد الله بالنسك، ويعبد الله بمكارم الأخلاق ويعبده كذلك بتحكيم شرعه في شأنه كله، دين كله توحيد، كله خير

أيها الناس: قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، وقد رخص لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك الجمعة وأن تصلوها ظهرا؛ ففي صحيح البخاري رحمه الله تعالى وموطأ الإمام مالك رحمه الله تعالى عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال أبو عبيد: شهدت العيدين مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة ثم خطب، فقال: (يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى