1ـ مادت الأرض واضطربت بمن عليها وألقت ما فيها وتخلت، ثم جاءت الأخبار المؤلمة: عشرات الألوف من القتلى وأضعافهم من الجرحى، ألوف من الناس تحت الأنقاض، أشلاء ودماء، ألوف الجثث لا يعرفها أحد، ملايين من البشر في الشوارع والطرقات، ونقلت لنا وسائل الإعلام صوراً مؤلمة، أمهات يبكين أطفالهن، أناس يقفون على أطلال منازلهم يبكون، فرق الإنقاذ تقاطرت من أنحاء الأرض لكن: ماذا صنعت؟ كم روحاً أنقذت؟ وكم حياة حفظت، جهد عشرات السنين في بناء وإعمار ذهب في ثوان معدودات.
2ـ إن الله تعالى أراد أن يبين للناس أنه الإله القوي القادر القاهر المتكبر المتصرف الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون. مالك الملك ذو الجلال والإكرام، لا قوة تقف أمام قوته ولا عظمة تداني عظمته، لا يتحرك ساكن ولا يسكن متحرك إلا بإذنه ((وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال * هوالذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشيء السحاب الثقال ~ ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال)) ((ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ~ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون* فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين))
3ـ إن المعاصي والمنكرات سبب لدمار العالم، كم من مسكرات شربت على تلك الأرض؟ وكم من فواحش ارتكبت على ظهرها؟ وكم من ربا قد أكل؟ وكم من ظلم قد مورس؟ {إن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته} روى ابن أبي الدنيا من حديث أنس رضي الله عنه أنه دخل ورجل آخر على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقال لها: يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة؟ فقالت: إذا استباحوا الزنا وشربوا الخمور وضربوا بالمعازف غار الله في سمائه فقال للأرض: تزلزلي بهم فإن تابوا ونزعوا وإلا فهدميها عليهم. فقال: يا أم المؤمنين أفعذاباً عليهم؟ قالت: بل موعظة ورحمة للمؤمنين، وعذاباً ونكالاً وسخطاً على الكافرين. وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله e: ((إذا اتخذ الفيء دولاً، والأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، وتُعُلِّم لغير الدين، وأطاع الرجل امرأته وعقّ أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه وظهرت الأصوات في المساجد، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وظهرت القينات والمعازف، وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء وزلزلة وخسفاً ومسخاً وقذفاً وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع))
4ـ إن الله تعالى لا يظلم الناس شيئاً ((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)) ((ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة)) ((ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى)) ((ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) ((وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف))
5ـ أيها الآمن في بيته هل أمنت مكر الله ((فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)) أيها المكب على المعاصى هل ضمنت نجاة من عذاب الله ((قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون)) إن الله تعالى ذكر أقواماً بأنهم يلجأون إليه عند الشدائد وينسونه عند العافية ((وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً* أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصباً ثم لا تجدوا لكم وكيلاً * أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفاً من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا))
6ـ إن زلزلة كانت لثوان معدودة فعلت الذي فعلت فكيف بزلزلة يوم القيامة ((اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم)) في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ويتقارب الزمان وتكثر الزلازل وتظهر الفتن ويكثر الهرج)). قيل الهرج؟ أي ما هو يا رسول الله؟ قال: ((القتل القتل))