1/ في الشجاعة والنجدة، والقوة والثبات في وجه الموت، فقد كان صلى الله عليه وسلم منها بالمكان الذي لا يجهل، والمنزلة التي لا تدفع، وقد بلغ من قوته أنه صارع ركانة بن يزيد فصرعه، وما صرعه أحد قط، فكان هذا سبب إسلامه. وقد حضر المواقف المشهورة، وفرّ الكماة والأبطال عنه غير مرة وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر، وما من شجاع إلا وقد أحصيت له فرّة، وحفظت عنه جولة سواه.
وقد كان منه ذلك يوم أحد ويوم حنين، ووقوفه في فم الموت في بدر وغيرها. عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس وكان أشجعَ الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت، فاستقبلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً وقد سبقهم إلى الصوت على فرس لأبي طلحة في عنقه السيف وهو يقول: «لم تراعوا، لم تراعوا» وقال علي رضي الله عنه: (إنا كنا إذا حمي البأس، واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشدِّ الناس بأسا) وأعظم بها من شهادة من مثل علي!!. وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شجاعته وبطولته الجسمانية الشجاعة النفسية والبطولة الروحية، وإنا لنلمس هذا في قوله لعمه أبي طالب وقد قال له:
(يا ابن أخي أبق عليَّ وعلى نفسك) فظنّ أن عمه خاذله، فقال قولته المشهورة: «والله يا عمِّ، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه ما تركته» وأخذت هذه العظمة النفسية بنفس أبي طالب وبهرته، فما كان منه إلا أن قال له: (اذهب فقل ما أحببت، فو الله لن أسلمك لشيء أبدا!!) وفيما قدمناه في كتابنا من شجاعة النبي وبطولته الشيء الكثير.
ومع هذه الشجاعة الفائقة قد كان رؤوفاً رفيقاً بالناس رحيماً بهم، رقيق القلب، تجري دموعه رقة ورحمة، فقد كان إذا رأى سيدنا مصعب بن عمير، وهو يلبس خلق الثياب، مع أنه ترعرع في أحضان النعيم، ولكن آثر الشقاء مع الإيمان، على النعيم في الكفر- بكى!! ولما أذن الله في زيارة قبر أمه، «بالأبواء» بكى وأبكى من حوله، ولما مات ولده إبراهيم بكى وقال: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون» ، ولما قال له عبد الرحمن بن عوف، وقد راه يبكي: (وأنت يا رسول الله؟!) قال: «يا ابن عوف، إنها رحمة» !! ولما ذهب النبي وأصحابه إلى سعد بن عبادة يعوده في مرضه، وقد غشي عليه، فبكى، وبكى معه أصحابه، وقال: «إن الله لا يؤاخذ بدمع العين، ولا بحزن القلب، وإنما يؤاخذ بهذا» وأشار إلى لسانه، وقال في موقف اخر: «إنها- الدمعة- رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء».
2/ وما زال المسلمون الصادقون لآثار رسول الله صلى الله عليه وسـلم مقتفين، وعلى دربه سائرين، يحيون سنة الجهاد كلما غفل عنها الغافلون، وها هم إخواننا في فلسطين يقيمون الحجة على الأمة في زمان صار الجهاد فيه جريمة، والحديث عنه إرهابا
3/ عمد اليهود إلى اقتحام قطاع غزة بسيارتين قد ملئتا بأجهزة نصنت عالية الدقة، أرادوا زرعها في غزة من أجل التجسس على المجاهدين؛ حتى يتعرفوا على مواضع صناعة الصواريخ ومواطن إطلاقها؛ فتصدى لهم المجاهدون وتنادوا من كل مكان؛ فكان حرص اليهود على تدمير هاتين السيارتين وإتلاف ما فيهما من أجهزة أعظم بكثير من حرصهم على حياة الأفراد الذين هم بداخلها، فتوالى قصفهم للمنطقة حتى دمروا تينك السيارتين تماما، وفي مقابل ذلك ماذا صنع المجاهدون؟ 4/ أطلقوا صواريخهم؛ فكانت المحصلة في الجانب الفلسطيني 14 شهيدا، وفي طرف العدو الصهيوني 8 قتلى، وفي الجانب الفلسطيني 40 إصابة وفي جانب الصهاينة 95 إصابة، وفي الجانب الفلسطيني هدم ثماني بنايات، وفي طرف العدو 7 بنايات بأضرار كاملة بليغة وخمس بنايات بأضرار جزئية، والجانب الفلسطيني أطلاق 480 صاروخاً وقذيفة، والعدو الصهيوني أطلق 170 غارة جوية
5/ وقد اعترف زعماء اليهود بالهزيمة أمام صواريخ المجاهدين، وقد استقال وزير حربهم الإرهابي ليبرمان، وقال نتنياهو: شارون اضطر للانسحاب من غزة أمام ثلاثة آلاف مقاتل من حماس؛ فماذا نفعل الآن أمام 65 ألف مقاتل لحماس الآن؟
6/ الصهاينة العرب ممن سارعوا إلى التطبيع أعلنوا تضامنهم مع اليهود؛ فمنهم من قال مخاطباً اليهود: نحن معكم بقلوبنا، نحن في خندق واحد، ولنا الحق في حماية شعوبنا!! وقال: قلبي معكم في مواجهة إرهاب حماس والجهاد!! ومنهم من قال: إسرائيل تقصف الإرهابيين بقطاع غزة، اللهم سدد رميهم على مواقع حماس الإرهابية!! حالهم كحال المنافقين من قبل الذين قال الله فيهم {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} وقال عنهم {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}