- من مضارها: أنها طريق للشك، والشك في الله كفر، وتفقد الإنسان ثقته بنفسه وبغيره، وينفر الناس من صاحب الوسواس ويبتعدون عنه، والموسوس لا تكمل له عبادة ولا يستقر له فكر، ويشدد على نفسه حتى يدخل في دائرة المحظور، وقد يصل الأمر بالموسوس إلى الهلوسة ثم الجنون.
- علاجها يتمثل في أمور مهمة لا بد من الإحاطة بها، وهي:
- الوسواس لا يؤاخذ الله به؛ لأنه خارج عن الإرادة؛ وقد قال الله تعالى )لا يكلف الله نفساً إلا وسعها( وقال )لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها( وقال )فاتقوا الله ما استطعتم( وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم} وهذا في الحالات العادية فكيف بالمبتلى بالوسواس فيدخل في متاهة لا قرار لها
- المحافظة على الأذكار والأدعية والصلوات والأوراد والمشاركة في المجالس الطيبة من حلق العلم والذكر، ونحوها من الأسباب الشرعية
- متابعة العلاج النافع عند الطبيب الموثوق
- الانهماك في الأعمال المختلفة التي تستنزف الطاقة وتستفرغ الجهد سواء في المنزل أو الوظيفة
- أن يعلم المبتلى بالوسواس في الطهارة والصلاة يسر الإسلام وسماحته؛ إذ من المتفق عليه لدى العلماء أن من أهم صفات الشريعة الإسلامية ومزاياها أنها شريعة سمحة، وأن تكاليفها ميسرة سهلة بعيدة عن الإعنات والمشقة؛ ففي كتاب الله )يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ( )وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ( )يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً( ويصف نبيه خاتم الرسل محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه )يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ( ويقول النبي صلى الله عليه وسلم {إني بعثت بالحنيفية السمحة}رواه الإمام أحمد، ويقول {إن أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة} رواه الإمام أحمد، ويوصي أصحابه وأمته بالتبشير والتيسير، فيقول {يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا}رواه الشيخان، ويتوعد المتشددين والمتزمتين والمعسّرين فيقول {ألا هلك المتنطعون قالها ثلاثاً} رواه مسلم، وكان بعض الصحابة في سفر فأصابت أحدهم جراحات، وأصبح جنباً؛ فسأل أصحابه ماذا يفعل؟ فأمروه بالاغتسال، فاغتسل فمات، فبلغ الخبرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فغضب غضباً شديداً ودعا عليهم فقال {قتلوه قتلهم الله؛ ألا سألوا إذا لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي السؤال} رواه أبو داود، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال {بينما النبي e يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس، فسأل عنه، قالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم؟ قال {مروه فليتكلم وليستظل وليقعد، وليتم صومه}رواه البخاري، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يُهادَى بين ابنيه، فسأل عنه، فقالوا: نذر أن يمشي، فقال {إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه} وأمره أن يركب. رواه البخاري.
- وقد تعلم منه الصحابة الكرام هذا التوجيه الكريم؛ فها هو عمرو بن العاص رضي الله عنه يرسله النبي صلى الله عليه وسلم في سرية ذات السلاسل يقول: فاحتلمت في ليلة باردة، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال {يا عمرو! صليت بأصحابك وأنت جنب؟} فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول )وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً( فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً. رواه أبو داود
- أن يعنى بطلب العلم الشرعي حتى يرى كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ وكيف كان يصلي؟ وكيف كان يعبد ربه؟ وكيف كان يتعامل مع الناس
وقبل ذلك كله على المبتلى بالوسوسة أن يتوجه إلى الله تعالى بالدعاء ليعيذه من وساوس الشيطان؛ فإن الله تعالى بيده ملكوت السماوات والأرض، وبين أصابعه قلوب العباد يقلبها كيف يشاء، فإذا لجأ المسلم إلى ربه خاشعاً متضرعاً، يسأله أن يقيه من نزغات الشيطان، بكل إخلاص وصدق، وفقر وتذلل، وانتهز أوقات الإجابة وأحوالها التي بيّنها لنا رسول الله e كالثلث الأخير من الليل، وعند السجود وقبل السلام، وفي الساعة الأخيرة من الجمعة، فإنه لحريّ أن يظفر بالإجابة، ومن أحسن الأدعية والمعوذات ما ورد في كتاب الله وسنة رسول الله e كقوله تعالى )وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ( وقوله سبحانه )وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ( وقد تعهد الله عز وجل بأن يحمي من يلجأ إليه ويستعيذ به من عباده من مكائد الشياطين. وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم آيات من القرآن وسوراً نتلوها وأدعية واستعاذات نقرؤها في مناسبات مختلفة لنتحصن بها من الشياطين؛ فمن تحصن بها نجا، ورد الله كيد الشيطان في نحره؛ فمنها قراءة سورة البقرة؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {اقرؤوا سورة البقرة في بيوتكم، فإن الشيطان لا يدخل بيتاً يقرأ فيه سورة البقرة} رواه البخاري. وفي صحيح البخاري حديث أبي هريرة رضي الله عنه حينما أمسك الشيطان الذي كان يحاول السرقة من بيت الصدقة فعرض عليه الشيطان مقابل إطلاق سراحه أن يعلمه كلمات ينفعه الله بها، قال {إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح!! فقال النبي صلى الله عليه وسلم {أما إنه صدقك وهو كذوب}