خطب الجمعة

ويمكرون ويمكر الله

خطبة يوم الجمعة 22/2/1442 الموافق 9/10/2020

1/ عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا أراد أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت» رواه أحمد.

2/ من خصائص الإسلام:

  • الربانية، أنه من عند الله: مصدر الإسلام، ومشرع أحكامه ومناهجه، هو الله تعالى فهو وحيه إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في القرآن {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين} {تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين} وفي السنة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى عنه: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى}
  • الشمول: الإسلام نظام شامل لجميع شؤون الحياة وسلوك الانسان. يغطي كل الجوانب:

أولاً: العقيدة الإسلامية، كالإيمان بالله واليوم الآخر والرسل والملائكة والقضاء والقدر.

ثانياً: الاخلاق، ما يجب أن يتحلى به المسلم كالصدق، وما يجب أن يتخلى عنه مثل حرمة الكذب.

ثالثاً: العبادات، كالصلاة والصيام والحج والصدقة وغيرها من العبادات.

رابعاً: أحكام تتعلق بتنظيم علاقات الافراد فيما بينهم. وهذه على أنواع منها:

  • أحكام الاسرة من نكاح وطلاق وإرث ونفقة
  • أحكام المعاملات المالية كالبيع والاجارة والرهن والكفالة، وأحكام القضاء والدعوى
  • أحكام التعامل مع غير المسلمين في السلم والحرب، وأحكام نظام الحكم وقواعده
  • الوسطية أو التوازن: التوسط أو التعادل بين طرفين متقابلين أو متضادين: الروحية والمادية، والفردية والجماعية، والواقعية والمثالية، والثبات والتغير، وما شابهها، ولا يخلو منهج أو نظام يصنعه بشر -فرد أو جماعة- من الإفراط أو التفريط، كما يدل على ذلك استقراء الواقع وقراءة التاريخ. {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا}
  • العموم. جاء الاسلام لعموم البشر ولم يأت لطائفة معينة منهم أو لجنس خاص من أجناسهم أو لزمان دون آخر، قال تعالى: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً} وهو غير مقصور على فترة معينة من الزمن وانما هو عموم في الزمان كما هو عموم في المكان.

3/ الجزاء في الإسلام:

أحكام الإسلام إرشادات ونصائح ولكن لها ثواب حسن يناله الملتزم بها، ولها عقاب يصيب المخالف لها، على درجات متفاوتة في العقاب والثواب. قال تعالى: {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً} وقال: {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} وفي هذا وذاك أعظم ضمان لزجر النفوس عن المخالفة والعصيان.

 4/ مبادئ الشريعة الاسلامية وطبيعة أحكامها:

  • مبدأ الشورى. قال تعالى: {وأمرهم شورى بينهم} وقال تعالى لرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: {وشاورهم في الأمر}
  • مبدأ المساواة. فقد جاء في السنة الشريفة أن امرأة من بني مخزوم سرقت فجاء اسامة بن زيد يستشفع لها عند رسول الله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قال عليه الصلاة والسلام: انما أهلك الذين من قبلكم انهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”
  • مبدأ العدالة. قال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنَّكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}
  • قاعدة لا ضرر ولا ضرار. وهي حديث نبوي ومعناها ان الضرر مرفوع بحكم الشريعة أي لا يجوز لاحد ايقاع الضرر بنفسه أو بغيره، كما أن مقابلة الضرر بالضرر لا يجوز لأنه عبث وإفساد لا معنى له، فمن أحرق مال غيره فلا يجوز للغير احراق مال المعتدي وانما له أن يطالبه بالتعويض. وإذا كان الضرر ممنوعا فانه اذا وقع وجب رفعه، ولهذا جاءت قاعدة فرعية مبنية على هذه القاعدة هي “الضرر يزال”. وهناك فروع وأحكام كثيرة بنيت على هذه القاعدة منها حق السلطة في اتخاذ الاجراءات الوقائية لمنع الضرر عن الناس كحجر المرضى والقادمين الى البلاد في محاجر خاصة، والتسعير في ظروف معينة… الخ.

5/ المأزومون فرنسا والغرب. لقد مارست فرنسا ودول الغرب أبشع أنواع الإرهاب وترويع الآمنين وتدمير مصالحهم، ومقومات حياتهم والاعتداء على أموالهم وأعراضهم، وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية بغياً وإفساداً في الأرض. وعلى سبيل المثال اعداد ضحايا الحرب العالمية الاولى 37 مليون قتيل، والحرب العالمية الثانية 60 مليون قتيل… وفرنسا لوحدها قتلت أكثر من مليون جزائري خلال فترة احتلالها لدولة الجزائر؛ فضلاً عن ممارستها والغرب للإرهاب الاستعماري؛ الهادف إلى نهب خيرات البلاد، ودعمها الإرهاب الاستيطاني؛ كما في فلسطين المحتلة حيث (دولة الكيان الصهيوني إسرائيل) وجنوب إفريقيا سابقاً، والإرهاب الدولي الذي تمارسه دول وحكومات ضد غيرها تحت مسميات فضفاضة، والإرهاب الاقتصادي؛ الذي يمارسونه عبر التلاعب بالعملات، وسياسة العقوبات والحصار الذي يتم فرضه على كل من يخالف اوامرهم وسياستهم.

 فرنسا والغرب يعانون من أزمة في انهيار منظومة القيم والاخلاق والمبادئ والعقائد نتيجة الانفلات تحت مسمى الحرية في معاندة للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، حيث توسعت دائرة جرائم القتل والسلب والاغتصاب والخطف والاعتداء حتى ارتفع مؤشرها الى مستويات مرعبة للغاية.

هم المأزومون لأنهم انكشفوا امام الرأي العام العالمي، وإقبال الناس بأعداد كبيرة للتعرف على الاسلام والدخول فيه لأنه يمثل الأمل الأخير لإنقاذ العالم من وحشية المادية ويخلصه من الحروب العبثية ومن الفساد الذي ارهق البشرية جمعاء.

6/ المستقبل لهذا الدين: رغم مكر ماكرون، وكيد الغرب فإن الاسلام منتصر {ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وقال: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} عن أبَيّ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:  «بَشِّرْ هذهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ والدِّينِ والرِّفْعَةِ والنَّصْرِ والتَّمْكِينِ فِي الأَرضِ، فمَن عملَ منهُم عَمَلَ الآخرةِ للدُّنيا لم يَكُن لَهُ فِي الآخرةِ مِن نَصيبٍ» وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر- أي: طين وشعر- إلا أدخله الله الإسلام بعز عزيز أو بذل ذليل» وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى