خطب الجمعة

يوم عرفة

خطبة يوم الجمعة 9/12/1427 الموافق 29/12/2006

1ـ فضائل يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة، وهي عشر أحصاها ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 1/60:

  • اجتماع اليومين اللذين هما أفضل الأيام
  • فيه ساعة محققة للإجابة، وأكثر الأقوال أنها بعد العصر، وأهل الموقف كلهم إذ ذاك واقفون للدعاء والتضرع
  • موافقته ليوم وقفة رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • أن فيه اجتماع الخلائق من أقطار الأرض للخطبة وصلاة الجمعة، ويوافق ذلك اجتماع أهل عرفة بعرفة، فيحصل من اجتماع المسلمين في مساجدهم وموقفهم من الدعاء والتضرع ما لا يحصل في يوم سواه
  • أن يوم الجمعة يوم عيد، ويوم عرفة يوم عيد لأهل عرفة
  • أنه موافق ليوم إكمال الله تعالى دينه لعباده المؤمنين وإتمام نعمته عليهم
  • أنه موافق ليوم الجمع الأكبر والموقف الأعظم يوم القيامة؛ فإن القيامة تقوم يوم الجمعة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
  • أن الطاعة الواقعة من المسلمين يوم الجمعة وليلة الجمعة أكثر منها في سائر الأيام؛ حتى إن أكثر أهل الفجور ليحترمون يوم الجمعة وليلته
  • أنه موافق ليوم المزيد في الجنة، وهو اليوم الذي يجمع فيه أهل الجنة في واد أفيح، وينصب لهم منابر من لؤلؤ، ومنابر من ذهب، ومنابر من زبرجد وياقوت، على كثبان المسك، فينظرون إلى ربهم تبارك وتعالى
  • أنه يدنو الرب تبارك وتعالى عشية يوم عرفة من أهل الموقف، ثم يباهي بهم الملائكة

2ـ وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين حجة، فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين

3ـ في هذا اليوم المبارك أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم تلك الآية العظيمة {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} قال ابن جريج: يوم عرفة، في يوم جمعة، لما نظر النبي صلى الله عليه وسلم فلم ير إلا موحِّدًا، ولم ير مشركًا، حمد الله، فنزل عليه جبريل عليه السلام {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم}، أن يعودوا كما كانوا، {فلا تخشوهم} قال أبو جعفر: يعني بذلك: فلا تخشوا، أيها المؤمنون، هؤلاء الذين قد يئسوا من دينكم أن ترجعوا عنه من الكفار، ولا تخافوهم أن يظهروا عليكم، فيقهروكم ويردُّوكم عن دينكم {واخشون}، يقول: ولكن خافونِ، إن أنتم خالفتم أمري واجترأتم على معصيتي، وتعدَّيتم حدودي، أن أُحِلَّ بكم عقابي، وأنزل بكم عذابي، {اليوم أكملت لكم دينكم} اليوم أكملت لكم، أيها المؤمنون، فرائضي عليكم وحدودي، وأمري إياكم ونهيي، وحلالي وحرامي، وتنزيلي من ذلك ما أنزلت منه في كتابي، وتبياني ما بيَّنت لكم منه بوحيي على لسان رسولي، والأدلة التي نصبتُها لكم على جميع ما بكم الحاجة إليه من أمر دينكم، فأتممت لكم جميع ذلك، فلا زيادة فيه بعد هذا اليوم. قالوا: لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من الفرائض، ولا تحليل شيء ولا تحريمه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعش بعد نزول هذه الآية إلا إحدى وثمانين ليلة. {وأتممت عليكم نعمتي} وأتممت نعمتي، أيها المؤمنون، بإظهاركم على عدوِّي وعدوكم من المشركين، ونفيِي إياهم عن بلادكم، وقطعي طمعهم من رجوعكم وعودكم إلى ما كنتم عليه من الشرك. {ورضيت لكم الإسلام دينا} فإن قال قائل: أوَ ما كان الله راضيًا الإسلامَ لعباده إلا يوم أنزل هذه الآية؟ قيل: لم يزل الله راضيًا لخلقه الإسلام دينًا، ولكنه جل ثناؤه لم يزل يصرِّف نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه في درجات الإسلام ومراتبه درجة بعد درجة، ومرتبة بعد مرتبة، وحالاً بعد حال، حتى أكمل لهم شرائعه ومعالمه، وبلغ بهم أقصى درجاته ومراتبه، ثم قال حين أنزل عليهم هذه الآية {ورضيت لكم الإسلام} بالصفة التي هو بها اليوم والحال التي أنتم عليها اليوم منه {دينا} فالزموه ولا تفارقوه. هذا كلام ابن جرير رحمه الله، وقال الفخر الرازي: وقال القفال ـ وهو المختار ـ إن الدين ما كان ناقصاً، بل كان أبداً كاملاً، يعني كانت الشرائع النازلة من عند الله في كل وقت كافية في ذلك الوقت، إلا أنه تعالى كان عالماً في أول وقت المبعث بأن ما هو كامل في هذا اليوم ليس بكامل في الغد ولا صلاح فيه، فلا جرم كان ينسخ بعد الثبوت وكان يزيد بعد العدم، وأما في آخر زمان المبعث فأنزل الله شريعة كاملة وحكم ببقائها إلى يوم القيامة، فالشرع أبداً كان كاملاً، إلا أن الأول كمال إلى زمان مخصوص، والثاني كمال إلى يوم القيامة فلأجل هذا المعنى قال {اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وقال الرازي رحمه الله: قال أصحابنا: هذه الآية دالة على بطلان قول الرافضة، وذلك لأنه تعالى بيّن أن الذين كفروا يئسوا من تبديل الدين، وأكد ذلك بقوله {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ واخشون} فلو كانت إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه منصوصاً عليها  من قبل الله تعالى وقبل رسوله صلى الله عليه وسلم نصاً واجب الطاعة لكان من أراد إخفاءه وتغييره آيساً من ذلك بمقتضى هذه الآية، فكان يلزم أن لا يقدر أحد من الصحابة على إنكار ذلك النص وعلى تغييره وإخفائه، ولما لم يكن الأمر كذلك، بل لم يجر لهذا النص ذكر، ولا ظهر منه خبر ولا أثر، علمنا أن ادعاء هذا النص كذب، وأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما كان منصوصاً عليه بالإمامة

4ـ قال كعب الأحبار: لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية، لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم، فاتخذوه عيداً يجتمعون فيه. فقال عمر: أي آية يا كعب؟ فقال {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فقال عمر: قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه، والمكان الذي أنزلت فيه، نزلت في يوم جمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد.

5ـ ما هو حادث هذه الأيام في الصومال من غزو أثيوبي كافر بمباركة أمريكية صليبية يهودية، يدلنا على ما يبيته أعداء الله لنا معشر المسلمين، وأن حرب الإرهاب ليست إلا حرباً على الإسلام وأهله المستمسكين به، بعدما ظهر أثر المحاكم الإسلامية في بسط الأمن وردع المجرمين، غاظ ذلك أعداء الله، فهيئوا تلك الدولة الحقيرة لغزو جارتها رجاء فتات اقتصادي أو نفوذ سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى