كفالة الدولة للفقراء
إقرار الدعم الاقتصادي الحكومي: ومن أسس العدالة الاجتماعية في المنظور الاقتصادي الإسلامي، اتخاذ هذا المنظور موقف ايجابي مضمونه وجوب الدعم الاقتصادي الحكومي لتحقيق جمله من الأهداف كتحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحه الفقر… فضلا عن إقراره لأنماط متعددة من الدعم الاقتصادي الحكومي، ومن هذه الأنماط:
أولا: كفاله الدولة للفقراء: أخرج مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (أنا أوْلى بالمؤمنين في كتاب الله, فأيكم ماَّ ترك ديناً وضيعة عيالاً فادعوني فأنا وليه) رواه مسلم
ثانيا: في العطاء قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه (والله ما أحد أحق بهذا المال من أحد، وما من أحد إلا وله نصيب في هذا المال نصيب أعطيته أو منعته، فالرجل وبلاؤه في الإسلام، والرجل وعناؤه وحاجته، والله لئن بقيت لهم ليصلن الرجل حقه من المال وهو في مكانه يرعى)
ثالثا: في إقراض الدولة للمحتاج؛ ينقل ابن عابدين عن أبي يوسف قوله (يدفع للعاجز – أي العاجز عن زراعة أرضه الخراجية لفقره – كفايته من بيت المال قرضاً ليعمل ويستغل أرضه)
إقرار حقوق العمال: ومن أسس العدالة الاجتماعية في المنظور الاقتصادي الإسلامي إقرار هذا المنظور الكثير من حقوق العمال – بالتوازي مع إقراره لواجباتهم- والتي يجب أن يسعى المجتمع المسلم كله، بما فيه الدولة الإسلامية كممثل له، إلى توفيرها وحمايتها، ومن هذه الحقوق:
الحق في الأجر العادل: من هذه الحقوق حق العامل في الأجر العادل، وهو ما يستدل عليه من ربط القران و السنة بين العمل والأجر، كما في قوله تعالى {قالت إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} كما يستدل عليه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ثم لم يعطه أجره) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) رواه ابن ماجه
حق عدم الإرهاق لدرجه الإضرار: ومن هذه الحقوق حق العامل في عدم إرهاقه إرهاقاً يضر به وبصحته أو يجعله عاجزاً عن العمل، وهو ما يستدل عليه من دعوه القرآن إلى التيسير ونهيه عن التكليف بما لا يطاق كما في قوله تعالى {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} وكذلك قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام {وما أريد أن أشق عليك} وكذلك ما جاء في صحيح البخاري عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ! فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ (
حق الشكوى والتقاضي: ومن هذه الحقوق حق العامل في الشكوى للتقاضي، وهو ما يستدل ععليه من قوله تعالى {وما الله يريد ظلماً للعباد} وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)
حق الضمان: ومن هذه الحقوق حق العامل في الضمان، وهو تعويض الضرر الذي يصيبه في العمل، وهو ما يستدل عليه من تقرير القران والسنة لمبدأ الضمان أو المسئولية المدنية كما في قوله تعالى {ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله} وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (طعام بطعام وإناء بإناء)
حق الحصول على الحقوق المشترطة: ومن هذه الحقوق حق العامل في حصوله على الحقوق المشروطة في عقد العمل، وهو ما يستدل عليه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم (المسلمون على شروطهم) رواه البخاري
حق عدم التمييز إلا على أساس الكفاءة: ومن هذه الحقوق حق العامل في عدم تمييزه عن غيره من العمال إلا على أساس الكفائه، وهو ما يستدل عليه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم (أنزلوا الناس منازلهم) رواه أبو داود
حق الراحة: ومن هذه الحقوق حق العامل في الراحة والعطل الأسبوعية، الشهرية، السنوية، وهو ما يستدل عليه من النصوص التي تنهى عن إرهاق العامل كما في قوله تعالى {وما أريد أن أشق عليك} وقول الرسول صلى الله عليه وسلم )إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم)
مكافحة الفقر: ومن أسس العدالة الاجتماعية في المنظور الاقتصادي الإسلامي، تبنى الدولة الإسلامية لآليات معينه لمكافحه الفقر، ومن هذه الآليات:
أولاً: الزكاة؛ قال تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
ثانياً: كفاله الدولة للفقراء؛ أخرج مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (أنا أوْلى بالمؤمنين في كتاب الله, فأيكم ماَّ ترك ديناً وضيعة فادعوني فأنا وليه) رواه مسلم
ثالثاً: إقراض الدولة للمحتاج؛ ينقل ابن عابدين عن أبي يوسف (يدفع للعاجز – أي العاجز عن زراعة أرضه الخراجية لفقره – كفايته من بيت المال قرضاً ليعمل ويستغل أرضه)