خطب الجمعة

موعظة في ختام رمضان

خطبة يوم الجمعة 26/9/1429 الموافق 26/9/2008

  1. فإن أيام رمضان المبارك قد آذنت بصُرم، وولت حذَّاء، ولم يبق منها إلا كصبابة الإناء يتصابها صاحبها، نسأل الله أن يجبر كسر قلوبنا على فراق شهرنا، وأن يتقبل منا ما كان من الصيام والقيام، وأن يبارك لنا فيما بقي من الأعمار
  2. عندما يصل رمضان إلى نهايته يكون قد أوصل العظة إلى القلوب، فهذا الشهر الذي هو قطعة من أعمارنا، سينتهي العمر كله كما انتهى، وعندها سيفرح أقوام ويندم آخرون، أما الفرحون فهم الذين تناديهم الملائكة عند الموت {ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون} وأما الخاسر الشقي فذاك الذي ينادي {ربِّ لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين} {ربِّ ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} الخاسرون الأشقياء هم الذين ينادون {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين. ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون. قال اخسئوا فيها ولا تكلمون} وينادون {ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم فيه ما يتذكر من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير}
  3. خير ختام لرمضان أيها المسلمون توبة لله من جميع الذنوب والمعاصي، توبة نُفرِح بها ربنا جل جلاله، توبة نرضي بها سيِّدنا ومولانا، من سترنا في هذه الدنيا ولم يفضحنا، من أمهلنا ولم يعاجلْنا بالعقوبة، من أظهر الجميل وستر القبيح، من لا يؤاخذ بالجريرة، ولا يهتك الستر، ربنا الذي كان ولا يزال عظيم العفو، حسن التجاوز، واسع المغفرة، باسط اليدين بالرحمة، صاحب كل نجوى، منتهى كل شكوى، كريم الصفح، عظيم المن، مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا ربنا، ويا سيدنا، ويا مولانا، ويا غاية رغبتنا، أسألك يا الله أن لا تشوي خلقي بالنار، يا من أسبل علينا ستره، يا من أرخى علينا كنفه، من عاملنا بفضله ومنه وكرمه، توبة ننخلع بها من كل معصية وفتنة {يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار @ من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} {يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم} وإياك ـ عبد الله ـ أن تكون من المسوفين الخاسرين الذين أسرفوا على أنفسهم وفرطوا في جنب الله وأجلوا التوبة {حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} البدار البدار قبل أن تبلغ الروح الحلقوم، البدار البدار قبل أن تجف الأقلام وتطوى الصحائف، البدار البدار قبل أن ينزل بك ملك شديد غليظ ينقلك من سعة بيتك إلى ضيق قبرك.
  4. يا أيها الإخوة: إن قلوبنا تتفطر لفراق شهرنا بعدما رأينا نعمة الله علينا في صيامه وقيامه، وبعدما أدمن الموفقون طاعة ربهم وأنسوا بالقرب من سيدهم، تركوا طعامهم وشرابهم وشهواتهم من أجل الله، لا نقول إلا ما يرضي ربنا {إنا لله وإنا إليه راجعون} إن القلب يحزن وإن العين تدمع وإنا لفراقك يا رمضان لمحزونون. وإن من نعمة الله العظمى أن فتح لنا باب الخيرات بعد رمضان في تطوع بصيام وقيام، فلا يفوتنكم حظكم من ذلك أيها الموفقون. لا تهجروا القرآن بعد رمضان، ولا تفارقوا بيوت الله بعد رمضان، ولا تنسوا الدعاء بعد رمضان، واعلموا أنه عما قريب يهل علينا رمضان آخر ـ إن شاء الله ـ فمن استطاع منكم أن يحفظ عهده مع الله فليفعل

فيا شهر الصيام فدتك نفسي           تمهل بالرحيل والانتقال

فما أدري إذا ما الحول ولى            وعدت بقابل في خير حال

فهذه سنة الدنيا دواماً                  فراق بعد جمع واكتمال

وتلك طبيعة الأيام فينا                  تبدد نورها بعد الكمال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى