1- الحمد لله مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير؛ وهو على كل شيء قدير، يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ويرزق من يشاء بغير حساب، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، إليه المرجع والمآب، وبيده المثوبة والعقاب، وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وعظيمنا محمداً رسول الله القائل (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل) والقائل (ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الأعظم الذي على الناس راعٍ، وهو مسئول عن رعيته) والقائل (ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخَلَّة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خَلَّته وحاجته ومسكنته) والقائل (وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيَّروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم) والقائل (ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة) والقائل (إن أحب الخلق إلى الله إمام عادل، وإن أبغض الخلق إلى الله إمام جائر) اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين عزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون، أما بعد.
2- أيها المسلمون عباد الله: فقد كان حدث الأسبوع الذي طغى على سائر الأخبار في هذه البلاد ما كان من احتفال رسمي بتولية رئيس الجمهورية لفترة رئاسية جديدة تمتد لخمس سنوات، حيث زينت الوزارات ونظمت المسيرات وأقبل الناس من كل حدب وصوب، بعضهم من داخل البلاد وبعضهم من خارجها مباركين مهنئين، ولا تزال أبصار كثير من الناس شاخصة وأسماعهم مرهفة وأسئلتهم متتابعة عمن سيصير وزيرا ومن سيعزل؟ ومن سيولَّى ومن سيحرم؟ ومن سيُعطى ومن سيُمنع؟ والتصريحات تتوالى والصيحات تعلو والاعتراضات تثور على قسمة المناصب، وهذه والله من العجائب والعجائب جمة، إذ كيف للناس أن يتمادحوا بتولي الإمارة والحكم؟ ويغبط بعضهم بعضاً ويهنئ بعضهم بعضا، ويرونها غنيمة باردة قد سيقت إليهم، إن في هذا دليلاً على أنهم ما أدركوا خطورة الأمر وأنهم على شفا جرف هار، إن رسول الله صلى الله عليه وسـلم قد زهدنا في الإمارة والحكم؛ ففي الحديث الصحيح أن السيد الجليل العابد الزاهد أبا ذر الغفاري رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسـلم أن يستعمله؛ فماذا قال له عليه الصلاة والسلام؟ قال: (إنك ضعيف، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها) وقد قال له مرة أخرى: (إني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تأمَّرنَّ على اثنين، ولا تولَّين مال يتيم) وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسـلم قال (إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة) قال علماء الحديث: نعم المرضعة أي الإمارة لما فيها من المنافع واللذات العاجلة، وبئست الفاطمة أي عند ذهابها بموت أو عزل فتنقطع اللذات وتبقى الحسرات. ا.هـــ كما قال الأول: فصرت وزيراً والوزارة مكرع يغص به بعد اللذاذة كارعه.
إن الواجب على من ولاه الله الأمر أن يسمع لنصح الناصحين لا لمدح المادحين، وأن يصغي لمن يدله على أبواب النجاة بين يدي الله عز وجل لا إلى من يزين له سوء عمله ويثني عليه بباطله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسـلم لكعب بن عجرة رضي الله عنه: (أعيذك باللّه يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي، فمن غشي أبوابهم فصدّقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس منّي ولست منه ولا يرد عليّ الحوض، ومن غشي أبوابهم أو لم يغش فلم يصدّقهم في كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو منّي وأنا منه، وسيرد عليّ الحوض.يا كعب بن عجرة! الصّلاة برهان، والصّوم جنّة حصينة. والصّدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النّار، يا كعب بن عجرة! إنّه لا يربو لحم نبت من سحت إلّا كانت النّار أولى به» الترمذي والنسائي والحاكم.
3- أن النصيحة تقتضي أن يقال لرئيس الجمهورية ولنوابه ومساعديه وولاته ووزرائه: قد ولِّيتم من الأمر عظيما، وقد تجشمتم عناء جسيما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسـلم (مَا مِنْ رَجُلٍ يَلِي أَمْرَ عَشَرَةٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَّا أَتَى اللهَ مَغْلُولًا، يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ فَكَّهُ بِرُّهُ أَوْ أَوْبَقَهُ إِثْمُهُ، أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ، وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ، وَآخِرُهَا خِزْيٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه الإمام أحمد من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه. هذا وقد دخل هارون الرشيد على العبد الصالح الفضيل بن عياض رحمه الله فلما لامست كفُّه كفَّه قال الفضيل: يا لها من كفٍّ ما ألينها إن نجت غداً من عذاب الله!! ثم قال: إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله، ومحمد بن كعب، ورجاء بن حيوة، فقال لهم: إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا عليَّ، فعدَّ الخلافة بلاءً، وعددتها أنت وأصحابك نعمةً. فقال له سالم: إن أردت النجاة، فصم عن الدنيا وليكن إفطارك منها الموت، وقال له ابن كعب: إن أردت النجاة من عذاب الله، فليكن كبير المسلمين عندك أباً، وأوسطهم أخاً، وأصغرهم ولداً، فوقِّر أباك، وأكرم أخاك، وتحنن على ولدك. وقال له رجاء: إن أردت النجاة من عذاب الله، فأحبَّ لهم ما تحب لنفسك، واكره لهم ما تكره لنفسك، ثم مت إذا شئت، وإني أقول لك هذا وإني أخاف عليك أشد الخوف يوماً تزل فيه الأقدام، فهل معك رحمك الله من يشير عليك بمثل هذا؟ فبكى هارون بكاءً شديداً حتى غشي عليه. فقال له الفضل بن الربيع: ارفق بأمير المؤمنين، فقال: يا ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا؟ ثم أفاق هارون فقال له: زدني يرحمك الله. قال: بلغي أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز شكي إليه، فكتب إليه عمر: يا أخي أذكرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله، فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء، فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم عليه. فقال: ما أقدمك؟ قال: خلعت قلبي بكتابك، لن أعود إلى ولاية حتى ألقى الله. فبكى هارون بكاءً شديداً. فقال: يا أمير المؤمنين. إن العباس عم النبي e جاء إليه فقال: أمِّرني. فقال له: إن الأمارة حسرة وندامة يوم القيامة، فإن استطعت ألا تكون أميراً فافعل، فبكى هارون وقال: زدني: فقال: يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار، فافعل، وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك، فإن النبي e قال {من أصبح لهم غاشاً لم يرح رائحة الجنة}. فبكى هارون وقال له: عليك دَيْن؟ قال: نعم، دين لربي، لم يحاسبني عليه، فالويل لي إن ساءلني، والويل لي إن ناقشني، والويل لي إن لم أُلْهَم حجتي. قال: إنما أعني من دين العباد. قال: إن ربي لم يأمرني بهذا، أمرني أن أصدق وعده، وأطيع أمره. قال U {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} فقال: هذه ألف دينار خذها. فأنفقها على عيالك، وتقوَّ بها على عبادة ربك. فقال: سبحان الله أنا أدلك على طريق النجاة، وأنت تكافئني بمثل هذا. سلمك الله ووفقك، ثم صمت
4- يا من ولاك الله الأمر: سل ربك التوفيق والإعانة، واسلك سبيل النجاة فإنه ما بقي من العمر أكثر مما مضى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسـلم “أعذر الله إلى امرئ أخَّر أجله حتى بلغ ستين سنة” وإن الناس ينتظرون أفعالاً لا أقوالاً، وهم بحاجة إلى حاكم فعال أشد من حاجتهم إلى حاكم قوال، إن الناس ينتظرون حفظاً للدين وسياسة للدنيا به، ينتظرون إقامة للعدل وبسطاً للقسط وقياماً بالحق وأداء للأمانة، إن الناس ينتظرون دستوراً إسلامياً تقر به الحقوق وترتفع به المظالم، ينتظرون قطعاً لدابر الفساد والمفسدين، ينتظرون أن يولى القوي الأمين الحفيظ العليم، دون نظر إلى القبيلة أو الحزب أو الطائفة أو الجماعة، ينتظرون تحقيقاً لقول الله عز وجل {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}
5- إن في الناس الفقير الجائع والمريض الضائع واليتيم المقهور والطفل المأسور والمدين السجين، وإن كثيراً من الناس فاقدون لضرورات حياتهم في غذاء يسد جوعتهم وكساء يستر عورتهم ودواء يخفف علتهم، وإن تعليم الصغار قد صار عبئاً على كثير من الأسر بما يضطرون معه إلى مدِّ أيديهم إلى الناس سائلين، وإن ناساً فقدوا الأمن على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم فصرنا نسمع عن قتال قبلي تزهق فيه العشرات من الأنفس، هؤلاء جميعاً سيسال الله عنهم من ولاه أمرهم فلم يعبأ بهم، ولا يقولن قائل: إن هذه ليست من مهام الحاكم!! إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قفل من الشام عائداً انفرد عن الناس ليتفقّد أحوالَ الرعية، فمرّ بعجوزٍ في خِباء لها فقصدها، فقالت: يا هذا، ما فعل عمر؟ قال: قد أقبل من الشام سالمًا، فقالت: لا جزاه الله خيرا، قال: ولم؟ قالت: لأنّه ـ والله ـ ما نالني من عَطائه منذ تولّى أمرَ المسلمين دينارٌ ولا درهم، قال: وما يدرِي عمر بحالِك وأنت في هذا الموضع؟! فقالت: سبحان الله! والله ما ظننت أن أحدًا يلي على النّاس ولا يدري ما بين مشرِقها ومغرِبها، فبكى عمر وقال: واعمراه، كلّ أحدٍ أفقه منك يا عمر، حتى العجائز. ثم قال لها: يا أمةَ الله، بكم تبيعيني ظلامَتك من عمَر، فإني أرحمه مِنَ النّار، فقالت: لا تستهزئ بنا يرحمك الله، فقال: لست بهزّاء، فلم يزل بها حتى اشتَرَى ظلامتَها بخمسةٍ وعشرين دينارا. فبينما هو كذلك إذ أقبل عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فوضعَت العجوز يدَها على رأسها وقالت: واسوأتاه! شتمتُ أميرَ المؤمنين في وجهِه، فقال لها عمر: ما عليك يرحمك الله، ثم طلب رقعةً من جِلد يكتب عليها فلم يجد، فقطع قطعة من مرقعته وكتب فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما اشترى به عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين دينارا، فما تدّعي عند وقوفه في الحشر بين يدَي الله تعالى فعمر منه بريء. شهد على ذلك علي وابن مسعود)، ثم دفع الكتاب إلى أحدهما وقال: إذا أنا متّ فاجعله في كفني ألقى به ربي. فرحم الله عمر، جمعت له الدنيا فأعرض عنها وزهد فيها، قال معاوية: أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يرِدها. قال قتادة: كان عمر يلبس وهو خليفة جبّةً من صوف مرقوعا بعضها.
6- ومن تعاليم الإسلام في هذا الباب أن الحاكم ليس إلا عبداً من عباد الله غير أن مسئوليته أكبر ومهمته أخطر وحسابه عسير، فليس من بين المسلمين ــ فكراً وعقيدة ــ من يظن أن الحاكم من طبيعة غير طبيعة البشر، أو أنه ذو صبغة إلهية وعصمة ربانية، بل أن هذه الأفكار إنما انتشرت بين أمم ما اهتدت بنور الوحي ولا عرفت الصراط المستقيم، أما هذه الأمة المصطفاة ففكرها إسلامي وهديها قرآني، فلا ترى في الحاكم وولي الأمر سوى ما ذكرنا؛ ولذا لا تبخل عليه بنصيحة ولا تدخر عنه تصويباً وتقويماً، يذكرون في مناقب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه خطب الناس يوماً، وقد حبس عن الناس أعطياتهم فقام إليه أبو مسلم الخولاني فقال: يا معاوية، إن هذا المال ليس لك، ولا لأبيك وأمك، فلم حبست عن الناس العطاء، فغضب معاوية، ثم نزل فدخل وأومأ إلى الناس أن تثبتوا ولا تتفرقوا، ثم خرج فعاد إلى المنبر فقال: أيها الناس، إن أبا مسلم الخولاني قد قال ما قال فوجدت لذلك، وأني سمعت رسول الله r يقول: (إذا غضب أحدكم فليغتسل) وصدق أبو مسلم، اغدوا على أعطياتكم فخذوها على بركة الله. وأبو مسلم هذا نفسه هو الذي دخل على معاوية فقال له: السلام عليك أيها الأجير، فقالوا: مه. قال معاوية: دعوه فهو أعرف بما يقول، وعليك السلام يا أبا مسلم. ثم وعظه وحثه على العدل
7- إن واجباً على من ولاه الله الأمر أن يحفظ الدين على أصوله المستقرة وما أجمع عليه سلف الأمة، وأن يظهر شعائره وأن يحفظه من عبث العابثين وعدوان المعتدين وبدع المبتدعين، وأن يجهد في نشر الدعوة وتهيئة الأسباب المعينة عليها، وتفريغ الطاقات العاملة فيها، وأن يُحَصِّنَ الثغور بالعدة المانعة والقوة الدافعة، وأن يقيم حدود الله عز وجل على المخالفين لتحفظ حرمات الله من الانتهاك وحقوق العباد من الإتلاف والاستهلاك، فإن حداً يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحا، وأن يباشر الأمور بنفسه، ويتصفح أحوال رعيته، ويتعهد حاجاتهم، ويسمع شكاياتهم، ويلبي مطالبهم ــ في حدود ما أمر به الشرع وما تقضي به المصلحة ــ ولا يجعل بينه وبين رعيته أسواراً منيعة، وأبواباً وحُجُباً، بل يبرز إليهم ويسمع منهم، كما كان في حال الأئمة الأخيار الذين عرفوا قدر ما أولاهم الله من نِعَم وأنه سائلهم عنها. هذا عمر بن الخطاب يقول: “إني لم أستعمل عليكم عمالي ليضربوا أبشاركم، وليشتموا أعراضكم، ويأخذوا أموالكم، ولكني استعملتهم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم، فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا أذن له عليّ ليرفعها إليَّ حتى أقُصَّه منه”
8- إن الناس ينتظرون في ولاية رئيس الجمهورية الجديدة أن يروا صيانة للمال العام من عبث العابثين ويد السراق النهابين، الذين ضجت الأرض والسماء من فعالهم، حين يعمدون إلى السلب والنهب والإفساد في الأرض ثم لا يجدون عقوبة رادعة ولا إجراءات مانعة، بل يفر الواحد منهم بما نهب دون مساءلة ولا محاسبة، وقد علمنا أن الله تعالى قد قال {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} وأن رسول الله صلى الله عليه وسـلم قال “إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق أولئك لهم النار يوم القيامة” هلا سألت ذوي الغلول الناهبين السالبين؟ هلا سألت ذوي الفجور الفاسدين المفسدين؟ هلا سألت ذوي البنوك المترفين المسرفين؟ هلا سألت الطامحين الطامعين الخائفين؟ هلا سألت الكاسيات العاريات وما يعين؟ أنا لست أسرق أو أغل من الخزينة والخزين. أنا لست أنهب من مشاريع الضعاف الجائعين. أنا ما أخذت سوى الذي نلت من عرق الجبين. أنا منكر للظلم أكره موبقات الظالمين
9- إن الناس ينتظرون أن يروا في حاكمهم إماماً عادلاً، ذاك الذي وصفه العبد الصالح الحسن بن يسار البصري رحمه الله حين كتب إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقال له: اعلم، يا أمير المؤمنين، أن الله تعالى جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف، والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله، الرفيق بها، يرتادها أطيب المراعي، ويذودها عن مراتع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنها من أذى الحر والقر، والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغاراً، ويعلمهم كباراً، يكتسب لهم في حياته، ويدخرهم بعد مماته، والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوانح، تصلح الجوانح بصلاحه، وتفسد بفساده، والإمام العادل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله تعالى وبين عباده، يسمع كلام الله ويسمعهم، وينقاد إلى الله ويقودهم، وينظر إلى الله ويريهم.