خطب الجمعة

إعجاز القرآن

خطبة يوم الجمعة 20/10/1433 الموافق 6/9/2012

فإن القرآن الكريم هو كتاب الله المعجز المنزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون للعالمين نذيرا، ففتح الله به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفا، وهدى الناس من الضلاله ونجاهم من الجهالة وبصرهم من العمى وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وهداهم إلى صراط مستقيم، {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون} {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه}

من أنواع الإعجاز

1- من إعجازه أخذه بألباب المشركين، ومن أمثلة ذلك:

  • لما سمع الوليد بن المغيرة من النبي صلى الله عليه وسلم {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الآية قال والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر ما يقول هذا بشر
  • ولما سمع كلامه صلى الله عليه وسلم الوليد بن المغيرة وقرأ عليه القرآن رقَّ فجاءه أبو جهل منكراً عليه قال والله ما منكم أحد أعلم بالأشعار منى والله ما يشبه الذى يقول شيئا من هذا، وفى خبره الآخر حين جمع قريشا عند حضور الموسم وقال: إن وفود العرب ترد فأجمعوا فيه رأيا لا يكذب بعضكم بعضا. فقالوا: نقول كاهن، قال: والله ما هو بكاهن ما هو بزمزمته ولا سجعه. قالوا: مجنون. قال ما هو بمجنون ولا بخنقه ولا وسوسته. قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر قد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومبسوطه ومقبوضه ما هو بشاعر. قالوا: فنقول ساحر قال ما هو بساحر ولا نفثه ولا عقده قالوا: فما نقول؟ قال ما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا وأنا أعرف أنه باطل وإن أقرب القول أنه ساحر فإنه سحر يفرق بين المرء وابنه والمرء وأخيه والمرء وزوجه والمرء وعشيرته فتفرقوا وجلسوا على السبل يحذرون الناس فأنزل الله تعالى في الوليد {ذرنى ومن خلقت وحيدا}
  • وذكر أبو عبيد أن أعرابياً سمع رجلاً يقرأ {فاصدع بما تؤمر} فسجد وقال سجدت لفصاحته
  • وسمع آخر رجلاً يقرأ {فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا} فقال أشهد أن مخلوقاً لا يقدر على مثل هذا الكلام!!
  • وحكى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يوما نائماً في المسجد فإذا هو بقائم على رأسه يتشهد شهادة الحق فاستخبره؛ فأعلمه أنه من بطارقة الروم ممن يحسن كلام العرب وغيرها وأنه سمع رجلاً من أسرى المسلمين يقرأ آية من كتابكم فتأملتها فإذا قد جمع فيها ما أنزل الله على عيسى ابن مريم من أحوال الدنيا والآخره وهى قوله {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه} الآية
  • وحكى الأصمعى أنه سمع كلام جارية فقال لها: قاتلك الله ما أفصحك! فقالت: أو يُعَدُّ هذا فصاحة بعد قول الله تعالى {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} الآية فجمع في الآية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين؟!

2- وجازة لفظه مع غزارة معانيه، وذلك في أمثلة منها:

  • قوله تعالى {ولكم في القصاص حياة}
  • وقوله {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب}
  • وقوله {ادفع بالتى هي أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم}
  • وقوله {وقيل يا أرض ابلعى ماءك ويا سماء أقلعى}
  • وقوله {فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا}

3- ومن إعجازه ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات وما لم يكن يقع: ومن ذلك

  • قوله تعالى {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين}
  • وقوله تعالى {وهم من بعد غلبهم سيغلبون}
  • وقوله {ليظهره عليه الدين كله}
  • وقوله {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض}
  • وقوله {إذا جاء نصر الله والفتح}
  • وقوله {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
  • وقوله {سيهزم الجمع، يولون الدبر}
  • وقوله {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم}
  • وقوله {هو الذى أرسل رسوله بالهدى}
  • وقوله {لن يضروكم إلا أذى إن يقاتلوكم}
  • ما فيه من كشف أسرار المنافقين واليهود ومقالهم وكذبهم في حلفهم وتقريعهم بذلك كقوله {ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله مما نقول} وقوله {يخفون في أنفسهم مالا يبدون لك} لآية وقوله {من الذين هادوا سماعون للكذب} الآية، وقوله {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه – إلى قوله – في الدين} وقد قال مبديا ما قدره الله واعتقده المؤمنون يوم بدر {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم} ومنه قوله تعالى {إنا كفيناك المستهزئين} ولما نزلت بشَّر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أصحابه بأن الله كفاه إياهم وكان المستهزؤن نفراً بمكة ينفرون الناس عنه ويؤذونه فهلكوا، وقوله {والله يعصمك من الناس} فكان كذلك على كثرة من رام ضره وقصد قتله والأخبار بذلك معروفة صحيحة.

4- ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الداثرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أهل الكتاب الذى قطع عمره في تعلم ذلك فيورده النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه ويأتى به على نصه فيعترف العالم بذلك بصحته وصدقه وأن مثله لم ينله بتعليم وقد علموا أنه صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا اشتغل بمدارسة ولا مثافنة ولم يغب عنهم ولا جهل حاله أحد منهم وقد كان أهل الكتاب كثيراً ما يسألونه صلى الله عليه وسلم عن هذا فينزل عليه من القرآن ما يتلو عليهم منه ذكراً كقصص الأنبياء مع قومهم وخبر موسى والخضر ويوسف وإخوته وأصحاب الكهف وذى القرنين ولقمان وابنه وأشباه ذلك من الأنباء وبدء الخلق وما في التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى مما صدقه فيه العلماء بها ولم يقدروا على تكذيب ما ذكر منها بل أذعنوا لذلك فمن موفق آمن بما سبق له من خير ومن شقى معاند حاسد ومع هذا لم يحك عن واحد من النصارى واليهود على شدة عداوتهم له وحرصهم على تكذيبه وطول احتجاجه عليهم بما في كتبهم وتقريعهم بما انطوت عليه مصاحفهم وكثرة سؤالهم له صلى الله عليه وسلم وتعنيتهم إياه عن أخبار أنبيائهم وأسرار علومهم ومستودعات سيرهم وإعلامه لهم بمكتوم شرائعهم ومضمنات كتبهم مثل سؤالهم عن الروح وذى القرنين وأصحاب الكهف وعيسى وحكم الرجم وما حرم إسرائيل على نفسه وما حرم عليهم من الأنعام ومن طيبات كانت أحلت لهم فحرمت عليهم ببغيهم وقوله ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل وغير ذلك من أمورهم التى نزل فيها القرآن فأجابهم وعرفهم بما أوحى إليه من ذلك أنه أنكر ذلك أو كذبه بل أكثرهم صرح بصحة نبوته وصدق مقالته واعترف بمعاداته وحسده إياه كأهل نجران وابن صوريا وابنى أخطب وغيرهم ومن باهت في ذلك بعض المباهتة وادعى أن فيما عندهم من ذلك لما حكاه مخالفة دعى إلى إقامة حجته وكشف دعوته فقيل له {قل فأتوا بالتوراة قاتلوها إن كنتم صادقين} إلى قوله {الظالمون} فقرع ووبخ ودعا إلى إحضار ممكن غير ممتنع فمن معترف بما جحده ومتواقح يلقى على فضيحته من كتابه يده ولم يؤثر أن واحدا منهم أظهر خلاف قوله من كتبه ولا أبدى صحيحا ولا سقيما من صحفه قال الله تعالى {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير} الآيتين.

5- ومن الوجوه البينة في إعجازه من غير هذه الوجوه آى وردت بتعجيز قوم في قضايا وإعلامهم أنهم لا يفعلونها فما فعلوا ولا قدروا على ذلك، ومن ذلك

  • قوله لليهود {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة} الآية قال أبو إسحاق الزجاج: في هذه الآية أعظم حجة وأظهر دلالة على صحة الرسالة لأنه قال لهم {فتمنوا الموت} وأعلمهم أنهم لن يتمنوه أبدا فلم يتمنه واحد منهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم والذى نفسي بيده لا يقولها رجل منهم إلا غص بريقه يعنى يموت مكانه فصرفهم الله عن تمنيه وجزعهم ليظهر صدق رسوله وصحة ما أوحى إليه إذ لم يتمنه أحد منهم وكانوا على تكذيبه أحرص لو قدروا ولكن الله يفعل ما يريد فظهرت بذلك معجزته وبانت حجته
  • وكذلك آية المباهلة من هذا المعنى حيث وفد عليه أساقفه نجران وأبوا الإسلام فأنزل الله تعالى عليه آية المباهلة بقوله {فمن حاجك فيه} الآية قامتنعوا منها ورضوا بأداء الجزية وذلك أن العاقب عظيمهم قال لهم قد علمتهم أنه نبى وأنه ما لاعن قوماً نبى قط فبقى كبيرهم ولا صغيرهم
  • ومثله قوله {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا} إلى قوله {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا} فأخبرهم أنهم لا يفعلون كما كان وهذه الآية أدخل في باب الإخبار عن الغيب ولكن فيها من التعجيز ما في التى قبلها.

6- ومنها الروعة التى تلحق قلوب سامعيه وأسماعهم عند سماعه والهيبة التى تعتريهم عند تلاوته لقوة حاله وإنامة خطره وهى على المكذبين به أعظم حتى كانوا يستثقلون سماعه ويزيدهم نفورا كما قال تعالى ويودون انقطاعه لكراهتهم له؛ قال الله تعالى {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} وقال {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل} الآية ويدل على أن هذا شئ خص يه أنه يعترى من لا يفهم معانيه ولا يعلم تفاسيره، ومن ذلك

  • روى عن نصراني أنه مر بقارئ فوقف يبكى فقيل له: مم بكيت؟ قال: للشجا والنظم!!
  • في الصحيح عن جبير بن مطعم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية {أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون} إلى قوله {المصيطرون} كاد قلبى أن يطير للإسلام، وفى رواية وذلك أول ما وقر الإسلام في قلبى
  • وعن عتبة بن ربيعة أنه كلم النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من خلاف قومه فتلا عليهم (حم) فصلت إلى قوله {صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} فأمسك عتبة بيده على في النبي صلى الله عليه وسلم وناشده الرحم أن يكف وفى رواية فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وعتبة مصغ ملق يديه خلف ظهره معتمد عليهما حتى انتهى إلى السجدة فسجد النبي صلى الله عليه وسلم وقام عتبة لا يدرى بم يراجعه ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قومه حتى أتوه فاعتذر لهم وقال: والله لقد كلمتي بكلام والله ما سمعت أذناى بمثله قط فما دريت ما أقول له

7- ومن وجوه إعجازه المعدودة كونه آية باقية لا تعدم ما بقيت الدنيا مع تكفل الله تعالى بحفظه فقال {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وقال {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} الآية وسائر معجزات الأنبياء انقضت بانقضاء أوقاتها فلم يبق إلا خبرها والقرآن العزيز الباهرة آياته الظاهرة معجزاته على ما كان عليه اليوم مدة خمسمائة عام وخمس وثلاثين سنة لأول نزوله إلى وقتنا هذا حجته قاهرة ومعارضته ممتنعة الأعصار كلها طافحة بأهل البيان وحملة علم اللسان وأئمة البلاغة وفرسان الكلام وجهابذة البراعة والملحد فيهم كثير والمعادى للشرح عتيد فما منهم من أتى بشئ يوثر في معارضته ولا ألف كلمتين في مناقضته ولا قدر فيه على مطعن صحيح ولا قدح المتكلف من ذهنه في ذلك إلا بزند شحيح بل المأثور عن كل من رام ذلك إلقاؤه في العجز بيديه والنكوص على عقيبه

8- وقد عد جماعة من الأئمة ومقلدي الأمة في إعجازه وجوها كثيرة منها أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة وترديده يوجب له محبة لا يزال غضا طريا وغيره من الكلام ولو بلغ في الحسن والبلاغة مبلغه يمل مع الترديد ويعادي إذا أعيد وكتابنا يستلذ به في الخلوات ويؤنس بتلاوته في الأزمات وسواه من الكتب لا يوجد فيها ذلك حتى أحدث أصحابها لها لحوناً وطرقاً يستجلبون بتلك اللحون تنشيطهم على قراءتها ولهذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن بأنه لا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عبره ولا تفنى عجائبه، هو الفصل ليس بالهزل لا يشبع منه العلماء ولا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة هو الذى لم تنته الجن حين سمعته أن قالوا {إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد}

9- ومنها جمعه لعلوم ومعارف لم تعهد العرب عامة ولا محمد صلى الله عليه وسلم قبل نبوته خاصة بمعرفتها ولا القيام بها ولا يحيط بها أحد من علماء الأمم ولا يشتمل عليها كتاب من كتبهم فجمع فيه من بيان علم الشرائع والتنبيه على طرق الحجج العقليات والرد على فرق الأمم ببراهين قوية وأدلة بينة سهلة الألفاظ موجزة المقاصد رام المتحذلقون بعد أن ينصبوا أدلة مثلها فلم يقدروا عليها كقوله تعالى {أو ليس الذى خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم؟ بلى} و{قل يحييها الذى أنشأها أول مرة} و{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} إلى ما حواه من علوم السير وأنباء الأمم والمواعظ والحكم وأخبار الدار الآخرة ومحاسن الآداب والشيم قال الله جل اسمه {ما فرطنا في الكتاب من شئ} {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ}، {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل} وقال تعالى {إن هذا القرآن يقص على بنى إسرائيل أكثر الذى هم فيه يختلفون} وقال {هذا بيان للناس وهدى} الآية، فجمع فيه مع وجازة ألفاظه وجوامع كلمه أضعاف ما في الكتب قبله التى ألفاظها على الضعف منه مرات

10- ومنها جمعه فيه بين الدليل ومدلوله وذلك أنه احتج بنظم القرآن وحسن وصفه وإيجازه وبلاغته وأثناء هذه البلاغة أمره ونهيه ووعده ووعيده فالتالي له يفهم موضع الحجة والتكليف معا من كلام واحد وسورة منفردة

11- ومنها أن جعله في حيز المنظوم الذى لم يعهد ولم يكن في حيز المنثور لأن المنظوم أسهل على النفوس وأوعى للقلوب وأسمع في الآذان وأحلى على الأفهام فالناس إليه أميل والأهواء إليه أسرع

ومنها تيسيره تعالى حفظه لمتعلميه وتقريبه على متحفظيه قال الله تعالى {ولقد يسرنا القرآن للذكر} وسائر الأمم لا يحفظ كتبها الواحد منهم فكيف الجماء على مرور السنين عليهم والقرآن ميسر حفظه للغلمان في أقرب مدة

12- ومنها مشاكلة بعض أجزائه بعضا وحسن ائتلاف أنواعها والتئام أقسامها وحسن التخلص من قصة إلى أخرى والخروج من باب إلى غيره على اختلاف معانيه وانقسام السورة الواحدة إلى أمر ونهى وخبر واستخبار ووعد ووعيد وإثبات نبوة وتوحيد وتفريد وترغيب وترهيب إلى غير ذلك من فوائده دون خلل يتخلل فصوله، والكلام الفصيح إذا اعتوره مثل هذا ضعفت قوته ولانت جزالته وقل رونقه وتقلقلت ألفاظه: فتأمل أول (ص) وما جمع فيها من أخبار الكفار وشقاقهم وتقريعهم بإهلاك القرون من قبلهم وما ذكر من تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتعجبهم مما أتى به والخبر، عن اجتماع ملئهم على الكفر وما ظهر من الحسد في كلامهم وتعجيزهم وتوهينهم ووعيدهم بخزى الدنيا والآخرة وتكذيب الأمم قبلهم وإهلاك الله لهم ووعيد هؤلاء مثل مصابهم وتصبير النبي صلى الله عليه وسلم على أذاهم وتسليته بكل ما تقدم ذكره ثم أخذ في ذكر داود وقصص الأنبياء، كل هذا في أوجز كلام وأحسن نظام

13- ومنه الجملة الكثيرة التى انطوت عليها الكلمات القليلة وهذا كله وكثير مما ذكرنا أنه ذكر في أعجاز القرآن إلى وجوه كثيرة ذكرها الأثمة لم نذكرها إذ أكثرها داخل في باب بلاغته فلا نحب أن يعد فنا منفردا في إعجازه إلا في باب تفصيل فنون البلاغة وكذلك كثير مما قدمنا ذكره عنهم يعد في خواصه وفضائله لا في إعجازه، وحقيقة الإعجاز الوجوه الأربعة التى ذكرنا فليعتمد عليها وما بعدها من خواص القرآن وعجائبه التى لا تنقضي والله ولى التوفيق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى